تتنازعني افكار كثيرة حول الالية التي سيتبعها رئيس الوزراء حيدر العبادي في عملية تنفيذ ورقة الاصلاح التي صوت عليها البرلمان بالاغلبية الثلاثاء الماضي، وشجعته المرجعية على الضرب بيد من حديد على كل العابثين، وايضاً بتشخيص الفاسدين ومن يعرقل عملية الاصلاح!!، وهنا مكمن المشكلة، كيف سيكون التشخيص، هل سيخضع للمحاصصة هو الاخر، ام سيكون عادلاً، للعلم ان تجربة العراق كشفت جور الكثير من القرارات وعلي استطيع ان اكشف بعضها في هذا المقال.
فقانون الحرس الوطني، الذي يكتنفه الكثير من المشاكل والاعتراضات، جوبه بالرفض والتعطيل من قبل التحالف الوطني، والاعتراض اصله عدم رغبة الاخير بتمريره داخل البرلمان الذي نخشى ما نخشاه ان يمرر بتعديلات تفرغه من محتواه الذي شرع لاجله، وهذا ما يرغب به التحالف الحاكم الذي يعول كثيراً على اغلبيته التي استغلها مؤخراً ضارباً عرض الحائط التوافق الذي تشكلت على اساسه الحكومة الحالية (وهنا لا نشيد بفكرة التوافق التي نسجل عليها الكثير من المآخذ)، لكن وفقاً لاتفاقات الشركاء والتي يفترض ان تحترم من قبل الجميع نجد ان الاغلبية عادة ما تنكث بوعودها مع الاخر وهنا الاخر ليس الكرد بالتحديد باعتبارهم حلفاء المظلومية، وبالتالي سيكون الخاسر المكون العربي السني.
ان قانون الحرس الوطني الذي اريد له ان يكون منقذاً للمناطق السنية (اذا صحت التسمية) يحاول التحالف الوطني تغيير الكثير من فقراته لتتماشى مع قوة اجنحة كتلهم العسكرية او ما يعرف بمليشاتهم التي باتت تسيطر على كل شيء وهو امر يعترف به الجميع ومنهم العبادي وان كان اعترافه ليس صريحاً الا انه يقر بان لهم اليد الطولى في امن البلاد رغم محاولاته الخجولة في السيطرة عليها او الحد من نشاطها.
ويعترف البرلمان العراقي بان نسخة قانون الحرس الوطني المرسل من الحكومة هي الاقرب لطموحات المكون السني، وهو امر على ما يبدو لم يرضي التحالف الوطني، فاسرعوا الى تقديم نسخة لقانون يختلف عن ذاك الذي ارسل من الحكومة، وهنا حصل ما نخشاه، فرض واقع الاغلبية التي تريد ان تدير البلاد بدون منافس او مشارك او حتى الاعتراض.
وهنا يبدو العبادي عاجزاً عندما يخالفه تحالفه في نص قانون يفترض ان وزرائهم وافقوا عليه قبيل ارساله الى البرلمان، وكانهم (الوزراء) رفعوا الحرج عنهم بموافقتهم المشكوكة لنص قانون يعرفون جيداً ان نوابهم سيكونون له بالمرصاد، ان قانون الحرس الوطني لا يعد الاول من نوعه الذي تتوالى عليه الاعتراضات فقبله قانوني المساءلة والعدالة والعفو العام الذين يراد لهما التسويف او اقرار نسخ تدين الاخر وتغبن حقه ضمن سلسلة تشريعات الاغلبية وما يصب بمصلحة الاخرين.
ان المرحلة الراهنة تتطلب من البرلمان ونوابه الابتعاد عن الطائفية والفئوية والتحزب خاصة بعد خطوة التصويت على ورقتي الاصلاح الحكومية والبرلمانية وهذا امر سيجعله امام حقيقة انتماءه الذي نتمنى ان يكون للوطن باعتباره ممثلا للشعب وليس لاولياء الامر!..