هناك من يتساءل ..والتساؤل فيه قدر كبير من الوجاهة …لماذا ركز الحراك السياسي في الاصلاح الى الأن على الوزارة ، والحكومة المركزية فقط ، ولم يتطرق الى الحكومات والمجالس المحلية … فهل أصبحت المحافظات مثلا جنات الله في الارض في مستوى الخدمات ، والأمانة ، والتطور.. الخ .. وهل تحولت الى مراكز إستقطاب للمواطنين العراقيين في العمل والراحة والأمن ، والاقتصاد والاعمار والبناء والخدمات بكل مجالاتها ، بدل الهجرة الى الخارج للعمل او الراحة والامن ..؟.. ويبدو من الحراك الشعبي في المحافظات أن حالها ، كما هي حال العاصمة – مقر الحكومة الاتحادية – ومطالب جماهيرها هي نفسها ، في الاصلاح والتغيير .. ومن المعروف أن الدول عندما تخفف من قيود ( الحكومة المركزية ) تريد إسعاد المواطن ، وتوفيرافضل الخدمات له من خلال تسهيل الاجراءات الادارية ، والحفاظ على الاموال العامة ، بدل صرفها في غير مجالاتها الحقيقية في حالة ( تضخم ) المركز ، وعندها يمكن تقليص الوزارات الاتحادية فتقتصر على عدد قليل جدا ، مثل الخارجية والدفاع والمالية والنفط الخ .. فهل تعد هناك ضرورة مثلا لوزارات مركزية كالتربية والصحة والزراعة والموارد المائية ، والبلديات والاسكان والرياضة والشباب بعد نقل صلاحياتها الى الحكومات المحلية وقس عليها غيرها ، ويمكن ان ينسحب الأمرحتى الى وزارة التعليم العالي الاتحادية بعد أن أصبح لكل محافظة جامعة ، وانتشرت الكليات والمعاهد في النواحي والاقضية
…وكذلك الاعلام فقد اصبح لبعض المحافظات قنواتها الخاصة وصحفها واذاعاتها .. فأين الاصلاح من هذا التداخل ، والاسراف في الاموال ، والهدر في الجهود ، والتضخم في ( الملاكات ) واستمرار البطالة المقنعة ، والبيروقراطية القاتلة ، والحلقات الزائدة ، خاصة وان البلاد تمر في ظروف اقتصادية خانقة ..؟ وبينما تشكو البلاد من الضائقة المالية ، ويعاني المواطن من سوء الخدمات ، والبطالة ، تهدر أموال الشعب على هذا التضخم في المناصب والمؤسسات ، حيث تطالب الكتل بحصصها في الوزارات ، ونصيبها في الحكومات المحلية والهيئات والمؤسسات ، اضافة الى وجودها في البرلمان ، وقد إمتدت المحاصصة الى مستوى الشعبة والقسم في الدائرة .. .. وليت الامر يقف عند حد مدة ( ولاية ) الوزير على الوزارة ، أو مدة العمل في الحكومة المحلية او المركزية ، او البرلمان ، بل يستمر هذا الهدر المالي الى ما بعد الخروج من هذه المناصب في الامتيازات والحمايات ، وكأن الدولة اصبحت دولة كتل ، وليست دولة مواطنة ، وأخذت دور الشعب في ( أن تكون هي مصدر السلطات ) ، فهي التي تقود البلاد ، وهي التي ترشح الوزير ، وهي أيضا تقدم استقالته ، وتعلق حضوره في جلسات مجلسي الوزراء والنواب ، وتحولت السلطات الى واجهات لها ، وتستمد شرعيتها منها.. ولا يحق لأي منها إتخاذ أي قرار دون الرجوع اليها .. فالديمقراطية ليست في أن تسلب صلاحية رئيس الوزراء في تغيير وزير فاشل او فاسد ..!! والاصلاح ليس في تشكيل لجنة ، أو لجان ، أو مجلس أوأي مسمى يتفق
عليه ، لترشيح الوزراء ما دام الامر في النهاية يرجع الى الكتل لتقول رأيها ولها الكلمة الفصل .. والديمقراطية .. ليست في التداخل في طبيعة الواجبات بين المؤسسات الاتحادية والمحلية ، وفي ضمان ( العدالة ) في توزيعها بين الكتل في المركز والحكومة المحلية والبرلمان والهيئات والمؤسسات … فاين الاصلاح من كل ذلك ، بعد أن كلفت المحاصصة البلاد الكثير ..