ايام قليلة تفصلنا عن اربعة اشهر فترة تكليف وتولي السيد العبادي تشكيل الحكومة بصورة دستورية ، قضى منها الشهر الاول بمباحثات صعبة ومعقدة مع كتل سياسية مختلفة ، اسفرت عن وثيقة اتفاق سياسي وتشكيلة حكومية غير مكتملة اتجه بها الى البرلمان واعدا اياه بتسمية الوزراء الامنيين والآخرين خلال اسبوع ، وبالفعل وفى بوعده وان كان متأخرا .. ليشغل وزراء الدفاع والداخلية مواقعهم الشاغرة منذ اكثر من اربعة اعوام.
ثم انطلق العبادي لاصلاح علاقات العراق الاقليمية بالتنسيق مع رئيسي الجمهورية والبرلمان ونجح في مسعاه مع دول الخليج والجوار تركيا وايران والاردن ، تكللت بزيارات متبادلة ووعود بفتح سفارات مغلقة منذ عقود.
اما في الشأن الداخلي فبدأ باصلاحات في القيادات الامنية والادارية العليا في الدفاع والداخلية ليحيل العشرات من كبار الضباط الى التقاعد او مديرية الامرة والمحاربين في وزارة الدفاع ، ويتجه الى وزارة الداخلية ليباشر بإصلاحات نحى من خلالها كبار الضباط عن مناصبهم ، ثم كشف عن٥٠ الف وظيفة وهمية في جزء من وزارة الدفاع ، وسعى وما زال الى اقرار الموازنة العامة المعطلة منذ عام ، ولامس فساد البنك المركزي والتحويل الخارجي وغسيل الاموال .. ولا ننسى انه صحح جزء من الاوضاع مع اقليم كردستان وهو بصدد اعلان حملة كبرى على الفساد مؤشره لقاء المفتش العام الامريكي السابق ستيوارت بواين قبل يومين.
ولكن السؤال هل سيسكت الفاسدون ومن تضررت مصالحه من داخل وخارج الحدود عن اجراءات السيد العبادي؟؟ وهل ستجري الامور بهدوء ؟ ام سيحيل الفاسدون نهارنا ليلا ويعكروا صفو اجواء الامل والتفاؤل السائدة حاليا.
وهل سيترك التيار المضاد للاصلاح اجواء التفاؤل والامل بمستقبل افضل تسود دون ان يقوموا بردة فعل معاكسة تنغص علينا وعليه كل الاجراءات ؟؟
ان الحذر من التيارات المضادة للاصلاح ومن الفاسدين انفسهم اصبح امرا واجبا ، لانهم كانوا وما زالوا يشكلون نفوذا كبيرا يتغلغل في جسد الدولة وقوة لا يستهان بها ، لذا فان العقل والمنطق يوجب ان لا يجري الاصلاح على عجل وان يكتفي السيد العبادي؛ حاليا او بشكل مؤقت؛ بما انجزه في هذا الوقت القصير ويكون حريصا على حمايته وترسيخه وتطبيقه على ارض الواقع ، والا ما فائدة اصلاح وقرارات دون تطبيق عملي.
ان الاسس السليمة للاصلاح تجعله منطلقا لاصلاحات اقوى واشد واكثر وقعا وتأثيرا على الفساد والفاسدين وعلى الاوضاع العامة والمجتمع ، ولكي لا ننسى بان للاصلاح مقومات وجداول زمنية مثلما قال السيد العبادي في وقت سابق ، فعلينا ان نترك الاصلاح المقنع مثل اعفاء فلان الفاسد المرتشي من منصبه واحالته الى منصب مهم اخر ، او اعطاء المجال للفاسدين للتشبث والضغط للتراجع عن القرارات ، او تخفيض رواتب اعضاء مجلس الوزراء بنسبة 50 بالمئة والالتفاف على القرار بجعله ادخار اجباري: اي دين على الدولة ، لحين انتهاء الازمة المالية.
ان البلد ليس بحاجة الى اصلاحات تهيء الارضية لدورة فساد جديدة ، بقدر ما هو بحاجة الى اجراءات حقيقية جذرية؛ حازمة شديدة لا تعرف التراخي او الليونة في التعامل مع الفساد؛ والمفسدين؛ تحافظ على ما انجز من اصلاح؛ وتواجه اية تيارات مضادة تحاول تعطيل خطط الاصلاح المقبلة.