الاصلاحات اصبحت من الضروريات في الدول التي تعاني من الفساد والفوضى الادارية وسوء استغلال السلطة ، فالأصلاح بمفهومه العام هو تعديل مسار ادارة الدولة او النظام الحكومي والسعي من اجل تحسين الواقع المر الذي يعيشه المجتمع من خلال وضع برامج رصينة ومدروسة في جميع مناحي الحياة للنهوض به ومن ثم العمل لتحقيق العدالة الاجتماعية تدريجيا.
بالتأكيد كل حركة اصلاحية تواجه جملة من المشاكل والمعوقات وذلك بسبب الصراع بين القوى الفاسدة المستحوذة على السلطة من اجل جمع الاموال والقوى التي تروم القيام بالاصلاحات نظرا لتضارب مصالح القوتين، لذلك فان القوة الاولى تكون بالمرصاد لكل خطوة اصلاحية وتجابهها باساليبها الملتوية المختلفة وتضع العصي في عجلة الأصلاح لوقفها وثنيها عن حركتها.
اقليم كوردستان العراق برغم انه ما يزال تابعاً للدولة العراقية ، لكنه شهد نموا اقتصاديا كبيرا وحركة عمرانية سريعة وارتفاعا في المستوى المعيشي للمواطن منذ تشكيل اول حكومة وبرلمان في كوردستان في عام 1992 وارتفعت وتيرة هذا النمو بعد التغيير السياسي الذي حصل في البلاد في ربيع 2003 وذلك بفعل ارتفاع اسعار النفط والوفرة المالية ، صاحبَ هذا الانعاش الاقتصادي والمعيشي نمو فئة فاسدة من المتنفذين في الاحزاب والسلطة واذيالهم واصبحوا بين ليلة وضحاها في مصاف كبار التجار واصحاب رؤوس الاموال على مستوى المنطقة وذلك باحتكار معظم المشاريع الكبيرة والاستحواذ على الحركة الاقتصادية في مختلف القطاعات من خلال صفقات مشبوهه ، ما ادى الى خلق حالة من الاستياء والتذمر بين غالبية المجتمع الكوردستاني من الطبقة المتوسطة والفقيرة التي كانت وما تزال تعاني من مشاكل معيشية عديدة وتفتقر لأبسط مقومات الحياة العصرية.
هذه الطبقة الفاسدة حاولت وبشتى السبل ضرب وشل القطاعات الرئيسة والمهمة في الاقليم مثل الزراعة والصناعة والسياحة والقطاعات الاخرى التي لها دور مفصلي في تكوينة الاقتصاد للنهوض به ، بغية بقاء الوضع الاقتصادي على ماهو عليه واستمرار احتكار جميع النشاطات الاقتصادية في الاقليم للحصول على ارباح كبيرة من جهة واستخدام رؤوس اموالها كورقة ضغط على الطرف الاخر عند الضرورة.
لذلك القرارات الاخيرة التي اتخذتها رئاسة الاقليم والقرارات الاصلاحية التي اصدرها مجلس الوزراء في اقليم كوردستان والبالغة 41 قرارا وتشكيل لجنة عليا لمواجهة الأزمات في اقليم كوردستان كانت ضرورة ملحة لتجاوز الازمة ، وقد وضع رئيس الاقليم السيد مسعود بارزاني خارطة طريق امام الحكومة لحل الازمة المالية الحالية في الاقليم تلخصت بمراجعة ادارة هيكلة حكومة الاقليم وتنظيمها على اسس مناسبة و كذلك مراجعة الهيكلة المالية للحكومة وتنظيم وحدات المحاسبة في كل المؤسسات الحكومية فضلا عن مراجعة كل الملاكات الحكومية بهدف تنظيم الاملاك والعمل على انشاء مجلس الخدمة واجراء مراجعة عامة لملاكات قوات البيشمركة وتنظيم ملاكاتها واجراء جرد خاص لجميع الاراضي الزراعية والسياحية وتنظيمها وازالة اي تجاوز على الملك العام ومراجعة مصروفات جميع المؤسسات الحكومة والتخلص من المصروفات الزائدة فضلا على مراجعة وتنظيم واردات الاقليم ونظام الاستثمار في اقليم كوردستان.
كما طالب رئيس الاقليم جميع الشركات التي تعمل بشكل قانوني وناجح في اقليم كوردستان من منح جزء من ارباحها لخزينة الدولة لتخطي الازمة المالية واتخاذ الاجراءات المناسبة بحق الشركات التي حصلت على الاموال بطرق غير قانونية وان تمنح الفوائد والايرادات بشكل عادل الى خزينة حكومة اقليم كوردستان.
تماشيا مع خارطة الطريق المذكورة ينبغي لجميع القوى والتيارات السياسية وجميع فئات الشعب في اقليم كوردستان ان تتفاعل معها وان تساعد الحكومة على انجاز تلك الاصلاحات لانها تصب في النهاية للصالح العام ويقوي علاقة الشعب
بالحكومة لتخطي كل التهديدات والتحديات التي تواجه الاقليم و العملية السياسية برمتها.
//////////////////////////////////////////////////////////