19 ديسمبر، 2024 6:26 ص

الاصلاحات بين تمركز الدعوة وهجوم الصدر ؟!! 

الاصلاحات بين تمركز الدعوة وهجوم الصدر ؟!! 

تحدثنا كثيرا عن الاصلاحات ومفهومها السياسي ، ووقفنا اكثر على تعريف مفهوم الاصلاح ، ولكن اللافت هو دخول الصدر على خط المواجهة والاصلاحات ، وبصيغة الهجوم مخترقاً جميع الوسائل السياسية في فرض الاصلاح على حكومة العبادي ، اذ تحولت المطالبة بالاصلاحات من الخروج بالتظاهرات الى الاعتصام المفتوح ، وفي داخل المجمع الحكومي او ما يطلق عليه باصطلاح “المنطقة الخضراء ” كما ان خطاب الصدر تغير من المطالبة الى التهديد والنزول الى الشارع ، الامر الذي جعل الوضع السياسي يمر بأصعب حالاته ويمثل خطراً حقيقاً ، فالمشهد السياسي يمر الان بمنعطف خطير ، وهو ما يعتبر مرحلة  مخاض لوضع جديد مقبل ، خصوصاً بالتزامن مع الانتصارات المتحققة على الارض ، مما يمثل دافعاً قوياً باتجاه النصر ، وتحقيق النجاح على المستوى الامني ، الامر الذي يجعله فينعكس على الوضع الاقتصادي .ما يقوم به الصدر من تحرك ربما بدا غريباً ،فبعد ثلاثة عشر عاماً من مشاركته في الحكومات المتعاقبة في العراق ، يظهر مطالباً بالاصلاحات ، هذه الحكومات التي مثلت آسوء حكومات في تاريخ العراق الحديث ، فلا نعلم لماذا هذا الظهور المفاجأ للصدر ومطالبه في الاصلاح،ولماذا الان ؟!! ، وهل عملية المطالبة بالإصلاح تأتي من أطراف مشاركة في الحكومة ، ام ان المطالبة بالاصلاحات تأتي من خلال سياقات قانونية ، ومن خلال البرلمان او التحالف الوطني والذي يعد الصدر واتباعه احد اركانهما ؟!! .ان المطالبة بالاصلاحات لا يمكنها ان تمرر عبر الاعتصام ، خصوصاً من أطراف  مشاركة في المشكلة ، وهي جزء من هيكلية دولة وحكومة ، فأسلوب الاعتصام مع وجود التهديدات الامنية المتمثّلة بداعش لا يبدو من الصواب ، ولا يمثل عملية اصلاحية ، بل كان الاولى ان يعلوا صوت المطالبة في قبة البرلمان ، عبر ٣٤ نائباً يمثلون الصدر وتياره ، وهم يمارسون علمهم اليومي ، ويستلمون رواتبهم وامتيازاتهم بشكل طبيعي وسلس ، كما يجب ان يكون الاصلاح شاملاً لوزراء ووكلاء ومدراء التيار الصدري في الحكومة ، وان يعلنوا برائتهم من الفساد والمفسدين ، والا فانه سيبدو مثل “ذَر الرماد في العيون ” ؟!!في الجانب الاخر من ساحة المعركة ، بدا حزب الدعوة ورجاله ، وفي مقدمتهم السيد المالكي ، والعبادي ، وهم يدافعون عن وجودهم  السياسي ، ونفوذهم الحزبي والحكومي ، على جميع مفاصل الدولة العراقية ومؤسساتها ، فعلا صوت الدفاع عن القصر والطائرة والامتيازات ، وعلا صوت الدفاع المستميت عن الوجود الديكتاتوري الحزبي ، وبدا السيد العبادي منهاراً امام هجوم الصدر واتباعه ، ووقوفه امام ساتر البقاع الخضراء ، وبين ضغط الدعوة والمالكي ، فبدا محتاراً لا يملك الإرادة في التغيير ، خصوصاً مع تشبث الرجال المخضرمين (الشهرستاني ، الجعفري ) بكرسي النفوذ ، وتغاضيهم امام المطالب المشروعة في الاصلاح والتغيير والتي نادت بها المرجعية من قبل ، فلماذا يسمع صوت القوة والتهديد ، ولا يسمع صوت العقل والحكمة ، بل تغلق الاذان امام هذه المطالب ؟!!بدا واضحاً مع وجود الصراع السياسي والحزبي ، بين الأحزاب المتنفذة ، ان لا إصلاح حقيقي ، وحتى لو جرى تغيير هنا او إصلاح هناك ، فان مشاكل البلاد لا تنتهي ، لان العقلية السياسية لهذه الأحزاب تركبت على اساس صراع وجود ، دون النظر الى التنافس في خدمة المواطن الذي كان حطب الصراع والديكتاتوريات التي تعاقبت على حكم البلاد ، لان الخطأ ليس في الحكم او الادارة ، بقدر ما هو السياسات وانعدام الرؤية لمستقبل البلاد ، وان ما يحصل ليس الا تقاسم في السلطة ، والحصول على مغانمها ، لهذا صراع الوجود سيبقى بين الأحزاب والتيارات المتنفذة ، وسيبقى المواطن “الارض الحرام ” لهذا الصراع .   

أحدث المقالات

أحدث المقالات