تحمل احدى سور القران الكريم اسم الناس ، وترد كلمة الناس في الاي ٢٤٠ مرة ، ومع اية هذا بصائر للناس ، وياايها الناس اعبدوا ربكم ، وعلى الناس حج البيت ، يقدم الاسلام نفسه كدين عالمي عابر للحدود الجغرافية او الخَلقية ، انه دين الاسود والابيض والاحمر والاصفر وان كانت هناك غوامض تحتاج الى استجلاء بشان جدلية اللونين الاسود والابيض ، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
صمم الاسلام نفسه بمرونة تتطوع مع حاجات الانسان، ففي خطابه وعود بملذات حسية تناسب جسمانية العرب ، وجنبات وجدانية تناسب روحانية الفرس ، وترغيب بالعمل تلائم قوة الترك وميلهم الى الانجاز ،اما الجانب العلمي فيمكن بيسر ملاحظة انه موجه للامم المتقدمة في اوروبا ، وقد يصح الفهم ان محكم القران مداره تنظيم حياة العرب اما المتشابه فهدفه الاقوام الاخرى التي لها حظ من العلم ومن الملاحظ ان العرب تركوا المحكم وتتبعوا المتشابه فنرى اليوم الخوض بالايات العلمية من قبل اناس تفتقر حياتهم الى الحد الادنى من تطبيق ايات الاحكام.
لم يقدم الاسلام احكاما قاطعة بمعزل عن حاجات الانسان فهو حرم لحم الخنزير لكن ترك الباب مفتوحا امام المضطر وفي الايات الثلاث التي عالجت وضع الخمر جاء التحريم على شكل نهي فتعددت وجهات نظر الشراح المسلمين ولدواعي ليس هذا محل بسطها تعددت تعريفات الخمر واكثر ماحصر في عصير العنب وظلت النظرة غير قاطعة للنبيذ ويمكن بمراجعة فقه الفترة المبكرة ان نعثر على اتهامات متبادلة بين الفقهاء حول هذا المسالة ولعل هذا الشعر يلقي ضوءا
من ذايحرم ماء المزن خالطه بجوف انية ماء العناقيد
اني لاكره تشديد الرواة لنا بهاويعجبني قول ابن مسعود
وحيث روي عن السيدة عائشة ( اشربوا ولاتسكروا ) تاتي رواية نارية صاعقة ( مدمن الخمر كعابد الوثن ) و (شارب الخمر كافر) ونتيجة الاختلاف في التعريف وضعت قاعدة ( مااسكر كثيره فقليله حرام ) وطبقا لتجربة البشر واخبارات الطب فان الصحة العامة واستقامة الاجتماع والسعادة العائلية انما تميل لصالح الراي بتحريم الخمر ومع عدم وجود عقوبة منصوص عليها في القران بشان الخمر يتضح ان التحريم انما هو قانون تنظيمي وليس قاعدة اخلاقية دينية ومن الغرائب هنا حقا ان في الدول الغربية عقوبات صارمة لمن يسوق مركبة وهو تحت تاثير الخمر اذ يفقد المرء رخصة القيادة الى الابد فيما لايوجد مثل هذا الامر في الدول الاسلامية وعلينا هنا ان نكون حذرين من هذه التسمية وهي صلب الموضوع هنا.
بمراجعة اللغة والسلوك نرى الاسيويين عامة والعرب خاصة والنجديين بالاخص اعتبروا الدين الاسلامي ملكية خاصة انه حسب اللغة ( ديننا) و (اسلامنا) و ( قراننا ) و ( نبينا) وليس المقصود هنا زيادة الاخلاص وقوة الانتماء انما هي الانانية والنظرة الطفولية وروح التملك.
ان هناك من جعل من نفسه ميزانا يوزن به اسلام الاخرين لذلك نرى التهم تتطاير في كل الاتجاهات ولايكاد مسلم يامن على نفسه من تهمة مالم تكن رؤيته للاسلام متطابقة مع ( اسلام المركز) وبالامكان التاكد من هذا عبر ( اراء المشايخ ) في هذا المسلم او ذاك ممن قال كلمة او ابدى رايا في اقاصي الارض.
يخشى النجديون من عالمية الاسلام لذلك يحاولون بطرق ملتوية الابقاء على ( مركزية اسلامية) وذلك بالتحريض على الاسلام من خلال شتم اليهود والنصارى والتشكيك بعقائدهم حتى يقوم هؤلاء بالرد فيتم تصوير الامر على انه معركة ضد الاسلام والمسلمين ويقدم الحجازيون انفسهم تاليا كحماة للاسلام.
ماكان للمسلمين في العالم ان ينسوا كيف تخلى المسلمون الاسيويون عن المسلمين في البلقان حتى وقعت مجزرة سربرينتسا ومثيلاتها ولم يتدخل لحماية المسلمين في البلقان سوى اوروبا والولايات المتحدة الاميركية وحدث نفس الامر من قبل في افغانستان والشيشان.
ادعو المسلمين في قارات اوروبا واميركا واستراليا الى الاستقلال بدينهم عن الاسيويين فالتاريخ بعصارته يقول ان الاسيويين اشرار تطرق الفساد الى نفوسهم وهم لايستحقون ان يكونوا ممثلين لكلمات الله ولا حملة لرسالته والنفسية الاسيوية بعيدة عن الامانة والايمان مختلة انسانيا لاتاخذ من الدين جوهره لذلك عانى الاسلام طويلا من التفسير الاسيوي والصقت به تهمة العنف وبنظرة كلية عجز الاسيويون عن اجلاء الروح العظيمة في الاسلام روح السلام والمحبة والتسامح والنفرة من الظلم.
ادعو المسلمين اصحاب الهجرة الثانية الى بناء مدارسهم الدينية باستقلال تام عن الازهر والنجف وقم مثلما ان هذه المراكز امتلكت يوما حق الاستقلال عن مدارس البصرة والكوفة والمدينة وبغداد ودمشق.
ادعوهم لبناء مقابرهم لان الارض لله وعدم التكلف بنقل موتاهم الى اسيا ففي الدين سعة وادعوهم لامتلاك تقويمهم بشان الاهلة فلا يحولوا انفسهم الى شخصيات كارتونية هشة تعاند سنن الله في الكون من اجل طاعة زائفة لمن يسمون علماء اسيا ولو كان في اسيا علماء حقا لما تحولت بلدان تلك المنطقة الى كتلة من النيران والدماء والارواح المعذبة بل ان الشر دخل على الناس من العلماء انفسهم الذين انغمسوا بتاسيس الجيوش وتشكيل المليشيات والدخول في صراع ميؤوس منه على السلطة في مجتمعات تحتاج الى كلمة السلام الطيبة.
ان هذا هو زمن الابدال وهو مبدء قراني.
قدم الاسيويون الاسلام على انه ملكية خاصة فاحتكروا تفسيره وتمثيله ووضعوه بالضد من حركة الحضارة وصوروا للمسلمين المساكين في اسيا ان جميع النظريات العلمية انما هي مؤامرة على الاسلام مع ان الترجمة تكاد تكون منعدمة كما انهم لايملكون الاهلية اللغوية للاطلاع على اي نظرية ولايفوتك مثلا ان في كل سنة يكون هناك علماء ترشحهم البشرية للفوز بجائزة نوبل للعلوم يفوز منهم من يفوز فيما لانعرف منهم لا الذي فاز ولا الذي لم يفز وان عرفنا اسم الفائز ومجاله فلا نعرف تفاصيل هذا العلم واحسب عدد العلماء منذ ظهور الجائزة الى اليوم.
لقد تم تصحير اسيا علميا بسبب علماء الدين الاسيويين ونظرتهم العدائية لكل ماهو غير اسيوي وتقسيمهم ارض الله الى ارض مقدسة واخرى مدنسة وثباتهم على التعريف القديم لبيضة الاسلام مع ان الاسلام كبر على المحلية في جزيرة العرب وهاجر الى اقطار الارض واصبحت منذ زمن بعيد بيضته هي بيضة الارض
او الارض البيضوية.
يتلقى المسلمون في اوروبا واميركا واستراليا هجمات متلاحقة ظالمة من علماء اسيا تشكك بشرفهم ونسائهم ودينهم واخلاقهم وعقائدهم وفقههم ويكفي لنعرف نظرة الاحتقار لهم ان احد فقهاء اسيا يضع كتابا بعنوان فقه المغتربين ومامعنى مغتربين بالنسبة للمسلمين الايغور في الجهة الثانية من اسيا او معنى المغتربين لملايين المسلمين في الاميركيتين؟
هناك اوطان جديدة للاسلام والمسلمين لابد ان تملك شخصيتها المستقلة وان تحذر من انجرارها وراء الاسيويين والدخول في صراعاتهم واحقادهم التاريخية وصغائرهم واحنهم وضغائنهم.
ان المسلمين في الغرب ليسوا جالية وصحيح ان هناك منهم المهاجرين لكن منهم الانصار الذين وقفوا على جوهر الدين الاسلامي.
ان من حق المسلمين في الغرب ان يمتلكوا مدارسهم التي تقوم على رعاية القران ودراسته بروح صافية وعلمية وموضوعية كما ان من حق المسلمين في الغرب ان يكون لهم نظام مشاركة بادارة الاماكن المقدسة وان لاتظل محكومة بهذه الفوضى حيث تعجز السلطات السعودية عن تنظيم موسم الحج بيسر ينعكس على الحجيج متذرعة كل مرة بالعدد الكبير فيما نرى مدنا سياحية في العالم يدخلها ملايين البشر ولا تعاني من اختناقات.
ان الاسلام دين عالمي وليس ملكية خاصة وحيث نتوجه بقبلتنا الى الشرق لايعني هذا ان نظل مشدودين الى (الطواغيت الحمر) الذين يحتكرون تفسير الاسلام فيدفعون بالمسلمين لقتل بعضهم او قتل الاخرين.
ليس البر في التوجه قبل المشرق او المغرب اليست هذه بالضبط دعوة الاسلام ؟ فكيف استاثرت اسيا بالاسلام دون غيرها من القارات؟