حركات الاسلام السياسي ليست جديدة على في الشرق الاوسط فقد شهدت المنطقة عدة حركات اسلامية منذ سقوط الدولة العثمانية مرورا في العشرينات في القرن الماضي منها في مصر مثلا ومن ثم أيران في نهاية السبعينات لكن معظم هذه الحركات كان تأثيرها محلي.
مع بداية الثمانينات عاد ظهور مفهوم الاسلام السياسي وخاصة مع اندلاع حرب الخليج الاولى (العراقية الايرانية) حيث استغل طرفي النزاع في الحرب توظيف الاسلام للمصلحة السياسية وتحويل الصراع الى شكل (اسلامي – اسلامي) من خلال تجنيد اكبر عدد للقتال وجمع الاموال ومحاولة تكفير الطرف الثاني واقناع المجندين “بالشهادة” وتعدى نشر هذه المفاهيم خارج العراق وايران وكان الغاية منه ليس دينيا بل سياسي لغرض الهيمنة وتنفيذ ارادة كل طرف على حساب الاسلام.
استمر هذا المفهوم حتى سقوط النظام العراقي في 2003 حيث اخذ في العراق شكلا جديدا بظهور احزاب دينية ومن مختلف المكونات العراقية حاولت الحصول على تأييد بأسم الدين والمذهب للحصول على اكبر قاعدة سياسية وبالفعل نجحت هذه الاحزاب بجذب السياسيين والمواطنين حتى من لم يكن لديه توجه اسلامي مما ادى الى زيادة التدخل الخارجي للدول المهيمنة على هذه الاحزاب ومع كل حدوث توتر في البلد يبرز التدخل الخارجي اخرها المظاهرات التي خرجت ضد رئيس الحكومة وبدا أثر الدول سواء المؤيدة لرئيس الحكومة او المناهضة له.
اما في الدول العربية التي شهدت انتفاضات ففي مصر وتونس برز دور الاحزاب الدينية بعد الثورات, على العكس مما حصل في ليبيا حيث كان للشخصيات الدينية دور في التحشيد ضد النظام الليبي.
اما في سوريا فأصبح الصراع اكثر حدة بين (الاسلاميين) فالجهات الاسلامية الداعمة للمعارضة بدأت بالتحشيد بأسم الجهاد والجهات الاسلامية الداعمة للحكومة أيضاً بدأت بالتحشيد بأسم الجهاد وصار جهاد المسلمين ضد المسلمين انفسهم مع استمرار استنزاف الاموال والارواح من جميع الاطراف وصارت الدعوة الى “الجهاد علنية” بحجة الدفاع عن المقدسات والمذهب والسبب هي مصالح سياسية توفقت في اقناع التابعين والمناصرين انه جهاد وأن الطرف الثاني هو “عدو” ضد الدين وكان للتصعيد الاعلامي اثر كبير في نجاح تخطيط اطراف النزاع السياسية “بأسم الدين” ولم يعِ الكثير ان الاجندات هي سياسية وتناسى الجميع من قادة وتُبع الضحايا التي تسقط كل يوم والعوائل التي تُشرد والاضرار الاقتصادية,
كل هذا يدفع ثمنه المواطن السوري ومن يذهب للقتال او يتبرع بالاموال بأسم الدين, اما علماء فتاوى الجهاد فهم يجلسون في اماكنهم دون ان يمسهم او يمس عوائلهم اي اذى.
ويبدو ان الاسلام السياسي حول الصراع الى “اسلامي اسلامي” وعلى مستوى اقليمي منذ الثمانينات وحتى الان بعد ان كان التحشيد اما محلي (للوقوف بوجه سلطة او معارضة) او اقليمي (بأسم الدفاع عن فلسطين مثلاً او عن قضايا كانت تعتبر قضايا امة آنذاك)