9 أبريل، 2024 12:40 م
Search
Close this search box.

الاسلام السياسي في نسخته المغاربية

Facebook
Twitter
LinkedIn

للاسلام السياسي عدة صور واشكال ونسخ ‘معظمها ان لم نقل كلها شائه’ ابرز تلك النسخ النسخة الشرقية والتي انطلقت من مصر مع ميلاد حركة حسن البنا ‘الاخوان المسلمين’ سنة 1928م و تشمل كل حركات الدين السياسي في دول الشرقين الاوسط والادني ‘من حماس الي طالبان /الافغانية والباكستانية/ مرورا بنظام جمهورية ايران الاسلامية وحزب رجب اردوغان’، و نسخة مغاربية تضم حركة الغنوشي التونسية و حركات الجزائر ‘جبهة الانقاذ’ وتوابعها و حزب العدالة والتنمية الذي يمثل اسلاميي المملكة المغربية.
وفيما يعتبر الكثيرون ان حركة البنا هي النواة التي خرجت منها كل حركات الاسلام السياسي ويصدق هذا الوصف علي كل حركات المشرق ‘عدا ايران بطبيعة الحال لاختلاف المذهب ولكون الاسلام السياسي في طهران وصل مرحلة الدولة قبل العبور بمرحلة الحركة؛ وايا كان الحال فلايمكن وصف تيار المحافظين او الاصلاحيين فيها بالحركة او الحزب الا تجاوزا، الا انه من الراجح ان الايرانيين وبرغم اختلاف المذاهب قد استلهموا الكثير من فكر البنا’.
الا انه يصدق بدرجة اعلي مع حركات المغرب ابان نشأتها وفي سنواتها اﻷولي، اذ كانت وقتها الصلة تنظيميا مباشرة وكانت تلك الحركات تدين بالولاء الصريح لحسن البنا ‘المؤسس’ ولمن خلفوه في منصب المرشد،
لكن لاحقا ومع فرض مفهوم الدولة الوطنية ورسوخ قدم الدول الوطنية-القطرية وتراجع خيار الوحدة ‘الاسلامية و القومية ايضا’ برزت نزعات استقلالية لدي كل فروع الاخوان وكانت النزعة الاستقلالية المغاربية اشد وضوحا،
كما ان تلك الحركات بدأت تتأثر بالظروف الخاصة لمجتمعاتها و لمشاكلها ايضا، فتلك الدول اكثر احتكاكا بأوروبا ‘فرنسا تحديدا’ واعلي تأثرا من بقية اقطار المشرق، وقد تقدم فيها مفهوم الدولة الحديثة المدنية وترسخت اقدام مؤسساتها، وفي انفعالها وتفاعلها بالمحددات والتحديات المحيطة اخذت تلك الحركات تخط مصيرا مستقلا و خطا فكريا و فقهيا وسياسي خاص بها..
ففي كل قطر من اقطار المغرب ‘سنأخذ هنا نماذج الجزائر وتونس والمغرب، لكون ان تجارب الاسلاميين فيها اكثر وضوحا’ كانت مقاربة الدولة في تعاطيها مع التحدي الذي يمثله الاسلام السياسي مختلفة عما دار في المشرق، ومتمايزة حتي فيما بينها وان كانت تتسم بجامع او رابط يميزها كتجربة مغاربية، فهنا كان التوجه هو اقصاء الاسلاميين بصفة عامة ايا كانت صيغة الاقصاء والياته بينما في المشرق كان التوجه هو الاحتواء الذي وصل لدرجة يمكن اعتبار الاسلاميين شركاء سياسيين. اذ كانوا يلعبون دور المعارضة الضرورية لابقاء النظام شرعيا ومستبدا!!
في الجزائر مثلا ‘ذات التجربة الدموية الاوضح’ كانت مقاربة نظام جبهة التحرير الشعبي هي اقصاء الاسلاميين لصالح النظام السياسي ولصالح النخبة الحاكمة، ففي اعقاب الانتخابات المحلية التي احرزت حركة الاسلام السياسي الجزائرية نتائج جيدة ازعجت النخبة الحاكمة اوائل تسعينات القرن الماضي، ما قادها لترتيب انقلاب علي المقاربة الجديدة ‘الاحتواء علي الطريقة الشرقية’ ودخلت الجزائر علي اثره حقبة دموية سوداء انهكت فيها البلد و حركة الاسلام السياسية نفسها لتعود ثانية لمربع الاحتواء ذاته الذي نتجت عنه كل حوادث عنف التسعينات و تولدت عنه كل حركات الارهاب الاصولي في الشرق!
في تونس كانت مقاربة ‘بورقيبة’ اقصاء الاسلاميين لصالح المجتمع، لذا لا تزال حركة الاسلام السياسي في مرحلة يمكن التعاطي معها و اضحي المجتمع التونسي اقوي من السلطة السياسية الحاكمة و المعارضة، و لذا ايضا لم تكن مصادفة ان ينطلق ربيع ثورات الشباب منها.
بينما في المغرب كانت المقاربة هي اقصاء حركات الاسلام السياسي لصالح العرش..
عبر الاقصاء ( بمختلف وسائله من المكافحة بالوعي الي القوة ) فقط تمكنت تلك الانظمة من ابقاء الاسلام السياسي لمدة طويلة بعيدة عن السلطة، وحتي عندما سمح له بالاقتراب كان ذلك في ظل رقابة لصيقة ( من المجتمع المدني في تونس و المخابرات في الجزائر والعرش والمجتمع معا في المغرب )
ان الاسلام السياسي له طبيعة عصية علي الاحتواء لأنه يقبل قواعد العملية السياسية الي ان يقوي لينقلب عليها كما حدث في السودان و غزة وانقرا و مصر ايضا، فتلك الحركات لا تشارك بقية اللاعبين السياسيين قناعاتهم بل ولا تثق في قواعد علوم الاجتماع والاقتصاد والسياسة والقانون .. اذ لها قواعدها التي تستمدها من الغيبيات وتعتمد الايمان والتسليم كاليات وادوت وليس الحوار والاقناع..
وان كان اسلوب الاحتواء قد انتج تنظيمات جهادية ‘القاعدة، السلفية الجهادية..’ فان اسلوب الاقصاء كان فعالا في لجم التطرف حتي وقت قريب، لكن بعد ثورات الربيع وتبدل السياسات والمقاربات ودخول المغرب مرحلة تبني سياسة الاحتواء فان دوله توفر اليوم مخزون ضخم من الجهاديين ‘من الدول المغاربية الخمس’ ينشطون في ليبيا وسوريا و دول اوروبا.. فالملاحظة اليوم عي ان تونس تمثل اكبر رافد لداعش والحركات الشبيهة كما توفر المغرب والجزائر رصيد للعمليات الارهابية التي تستهدف اوروبا.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب