9 أبريل، 2024 11:49 ص
Search
Close this search box.

الاسلام السياسي.. سقوط أم تدحرج

Facebook
Twitter
LinkedIn

مما لاشك فيه أن السقوط أقوى من التدحرج، وهذا ما أراده المتظاهر الذي خرج يوم الأول من تشرين وما زال مرابطا في ساحات التظاهر، ولكن هناك مسألة مفصلية تحتاج منا الأنتباه، وهي أن صلابة الأسلام السياسي ومصدر قوته تنبع من إنضباط قواعده الشعبية والتي تعود بالأصل إلى الأيدولوجيا الدينية والنابعة من المفاهيم الساسيولوجية للمجتمع كما تسمى في علم النفس، الأمر الذي تفتقد إليه الحركات الحداثوية القائمة على الترابط الأفتراضي في مواقع التواصل الأجتماعي، دون قيادة رمزية تحمل كاريزما ولا أيديولوجيا ما تضع ثوابتاً لهم.

وهذه الصلابة هي مصدر قوة للحركات الأسلامية أثناء معارضتها للنظام السابق، ولكنها تزعزت وأنقلبت إلى ضعف وتراجع بعد استلامهما السلطة في العراق، فإذا استثنينا الأنضباط الحزبي لديهم في الأنتخابات فأن المشاركة السياسية في الحكم تقتضي البراغماتية والدخول في تفاوضات وتوافقات مع باقي مكونات الحقل السياسي، ولكن ماحصل هو الدخول في تجاذبات ومعارك حول الزعامة والسلطة أدَّتْ إلى تعطيل البلاد وتغليب الصراعات الشخصية المصلحية على أولويات الوطن ومستقبله، أضف إلى ذلك أن المشاركة في الحكم في القرن الحادي والعشرين تعني الانخراط في ثقافة دعم الحريات وقيم المواطنة ذات المرجعية الكونية أو الأممية والتي تتقاطع في بعض فصولها مع النصوص الدينية، مما أدى توتر العلاقة مع النخبة المثقفة في البلاد والتي هي نتاج الحداثة القائمة على عُلوية العقل والفرد والحرية، ولها ظهور أعلامي واضح وبشكل يومي على شاشات التلفاز ونقدهم اللاذع والساخر أحياناً لتجربة الأسلام السياسي، مقابل إنشغال قنوات الأسلام السياسي الدينية رغم كثرتها بنقل الشعائر الحسينية أو البرامج الفقهية وإذا كان لديهم برنامج سياسي فإما أن يستضيفوا علماني يوجه النقد إلى تجربتهم من قناتهم أو إسلامي كذلك يقوم بنقد التجربة من باب جلد الذات أو لأجل كسب ودّ الجمهور.

وغير هذا فأن الستة عشر عاما الماضية من حكم الأسلام السياسي رافقتها حربا ضروس بلغت أوجها في الدموية والأجرام عند دخول داعش وما قبلها كانت القاعدة والحرب الطائفية، وكانت النكبات تترا من جسر الأئمة إلى هدم الأمامين العسكريين(ع) ثم جريمة سبايكر وسبي الأيزيديات، ولم تشفع تضحيات الحشد الشعبي ودمائهم الزكية التي روت أرض الوطن من غسل أدمغة الناس من أن تيار الأسلام السياسي هو سبب البلاء، أو هكذا صنعت وسائل الأعلام المناهضة لتيار الأسلام الشيعي منه بالذات من رأي عام.

اليوم عرف الشباب أنّ النظام لا يمكن إسقاطه أو تغييره، وأن حكومة عادل عبدالمهدي لاتريد الكتل السياسية إقالتها أو إستقالتها، ولم يعد له مكان في الشارع ولايستطيع العودة إلى بيته، ولم يبقى لديه سوى مرجعية السيد السيستاني المطالبة بالأصلاح وليس بأسقاط النظام، والتي تجلد الأحزاب الحاكمة كل جمعة وتوبخها وتيار الأسلام السياسي يتدحرج أمامها شيئاً فشيئاً، وتشترط عليه التنازل عن المغانم والمكتسبات وتقديم الفاسدين للقضاء وإرجاع الأموال المنهوبة، مع مساندتها الواضحة والكبيرة للأحتجاجات والتظاهر السلمي وإدانة ترهيبهم بالقتل أو الخطف، بل ومتابعة شؤونهم أول بأول وإرسال العون لهم.

وما أراه في نهاية المطاف سوف تنتصر الدولة التي أضعفها حتى الهزال المشروع الأمريكي، والهادف إلى ضرب ميراث الدولة التسلطية القائمة على الطاعة والأنضباط إلى سلطة الفرد الواحد في قمة الهرم، يقابله نبذ الأسلاميين للديمقراطية وتعاملوا معها مجرد آلية للوصول إلى السلطة، ولو توفرت لهم الأرضية لطبقوا شريعة الله في الأرض، وكل من يخالفهم فهو مارق عن الدين في الدنيا والأخرة، لذلك أصبح على الجميع تحديد هوية الدولة وضبط توجهاتها الأسترتيجية وتحديد سياسة خارجية وأقتصادية واضحة المعالم من خلال تعديل الدستور وسن قوانين تضفي إلى دولة مؤسساتية.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب