23 ديسمبر، 2024 11:01 ص

الاسلام السياسي بين الاقوال والافعال

الاسلام السياسي بين الاقوال والافعال

على مدى عقود خلت ارتفعت اصوات الاسلام السياسي عالية طليقة واضحة مصحوبة بالبلاغة الخطابية وجهورية الصوت يصاحبها التشديد على مخارج الجمل وحروفها، مستغلة ارفع المقامات والاماكن واكثرها قدسية وحصانة واكثرها اكتضاضا وارتيادا وجماهيرية ( جمهرة واسعة امية او حائرة من امرها ) ..اتخذت تلك الاصوات هذه العجينة الطيّعة لنشر افكارها ومعتقداتها السياسية في وسطها الخائف المرتجف من المجهول، كما عمل الاسلام السياسي في احكام سيطرته على الجماهير الفقيرة شبه الامية في ترسيخ نظرتهم ومواقفهم من القضايا الوضعية وشؤون الملك والحكم والوصول للسلطة من خلال حشد كتل بشرية هائلة تؤمن بالفطرة والسليقة بدينها الاسلامي ومستعدة للموت دونه، لقد استغل الاسلام السياسي تلك الكتل البشرية الهائلة من خلال نشر الفكرالظلامي الذي يدعو للطاعة العمياء لمفاهيمهم وارائهم والتي تصب في اخافة من خرج عن طاعتهم وتمرد عليهم من اليوم الموعود( يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم) وهنا المشكلة ليست في الاية القرءانية الكريمة ولكن في كيفية التعامل معها وتسخيرها لصالح توجهاتهم السياسية باعتبارهم الوكلاء الشرعيين لحكم الله على الارض، اليست تعاليم الدين الاسلامية السمحة هي من تدعو للعدل والخير والمساواة وعدم الاعتداء على الاخرين ؟ نعم ولكن هذا وحده لا يكفي ولا يمرر الا من خلال الارتباط بتنظيماتهم واتباع تعاليمهم المضافة التي تحرض على انزال الاذى بمن لا يتبع هواهم فذلك بنظرهم خارجا على الدين كافرا به يجب رجمه ولعنه وعزله عن المجتمع ..وفي الوقت الذي يدعي فيه الاسلام السياسي انه وحده القادر على اقامة مجتمع العدل والمساواة..هو في ذات الوقت يدعي زورا انه المعادي بلا منازع للاستكبار العالمي ولمن اغتصب ارض الاسلام والمسلمين وغمط حقوقهم واذل شعوبهم وهم الذين بامكانهم اعادت الحقوق الى اهلها حال تمكنهم من الوصول الى الحكم ومسك زمام الامة وقيادتها نحو العلا ..وها هم اليوم وقد تحقق لهم ما ارادوا ،في ايران وتونس ومصر وليبيا واليمن والمغرب وقبل ذلك السعودية والسودان كل تلك الدول تدعي انها تقيم العدل والمساواة وماضية في تطبيق الشريعة الاسلامية وماضية في تحرير فلسطين..( بعد الربيع العربي الذي تحول بافعالهم المباركة الى خريف يبعث الحزن والاسى ) اليس من حق الناس اليوم ان تتسائل ،اين وعودكم واين صولاتكم وجولاتكم؟ التي علت على كل الاصوات من خلال استغلالكم لمنابر الجوامع والحسينيات والردّات والهوسات وما الى ذلك ؟.. ها انتم نسيتم تماما قضية العرب الاولى(فلسطين) وذاك القدس يهدد بالهدم كل يوم وتلك الجولان ترزح تحت الاحتلال وها انتم لاتستطيعون تحريك دبابة واحدة الى ارض سيناء الا بعد استئذان اسرائيل وذاك الغاز يتدفق الى تل ابيب، وانتم اول من اكد الالتزام التام بالمعاهدات الدولية وعلى رأسها اتفاقيات كامب ديفد بعد ان كنتم توصمون من وقعها بالخيانة العظمى..من هو الذي عقد الاتفاقيات الستراتيجية مع الشيطان الاكبر امريكا غيركم وخنع خنوعا تاما امام غطرسة اسرائيل، اين الكرامة العربية المهانة في زمن غيركم والتي وعدتم بارجاعها؟ .
وعلى ارض بلدانكم ماذا قدمتم من الوعود الرنانة.. اين هو العدل والمساواة ؟ واين هي ديمقراطيتكم التي وصفتموها بأنها الافضل والانسب الى الشعوب العربية ؟ واين انصاف المظلوم واطعام الفقير واكساء العريان ؟ واين الخبز والماء والكهرباء ؟ واين الزراعة والصناعة والازدهار الاقتصادي والحياة الحرة الكريمة في ظل حكمكم ؟ انتم الان في حيرة من امركم فالامر لم يعد عليه عندما كنتم في المعارضة تكيلون التهم والخيانة لغيركم وتضعون انفسكم بمصاف الملائكة ،وانكم سوف تقيمون حكم الله في الارض وها انتم تجرون اذيال الخيبة تطاردكم صيحات الشعب بأنكم كاذبون.