كثيرا ما تناول البعض من الكتاب بكتبهم او بكتاباتهم* الاسلام *من جانبه العبادي التعبدي والاعمال العبادية.اي الاعمال التي تقربنا الى الله زلفى سواء كانت من الواجبات او من المستحبات , واسهبوا وسطروا فيه الكثير من الكنب .حتى وصل الى ذهن القارئ او المستمع بان الاسلام ما هو الا عبارة عن عبادات واعمال تعبدية مرتبطة به, مثل الشعائر وصلوة الايام وصيامها. رغم ان هذا كله هو فروع من الدين التي هي
1-الصلاة 2-الصيام 3-الزكاة 4-الحج 5- اجهاد في سبيل الله. وهذا هو القاسم المشترك بين عموم المذاهب الاسلامية ومحل اتفاق بينهم
.اما القسم الاول من الدين وحسب ما يقوله العلماء المسلمون هو اصول الدين 1- التوحيد 2- العدل 3- النبوة 4- الامامة 5-المعاد يوم القيامة مع بعض الزيادات عند الشيعة الامامية وهي الامامة -والخمس -والتولي -والتبرئ.
ورغم ان الامامة عليها خلاف ولكن الصحيح هو الامامة بمفهومها العام شرط واجب اذ لا تكون ِصلاة للجماعة الا بها ولاتاخذ علوم الدين الا من امام , وما الائمة الاربعة عند اهل السنة لخير دليل على وجوب الامامة وان اختلفوا من حيث التطبيق والنص مع الشيعه
ولكن مجمل الذين كتبوا عن( الاسلام ) وما هي اقسامه اقل بكثير مما كتب عن الجانب العبادي في الاسلام وخصوصا الخطباء من على المنابر, ولهذا احببت ان اكتب عن هذا الموضوع وبشكل مختصر مستعينا بالله وارجوا المسامحة عن التقصير.
أن الإسلام مقسم إلى أثلاثة أقسام ،ا(ولا قسم العقائد )فالعقائد هي أهم شيء في الدين إن صحت العقيدة صحّت العبادة ، إن صحّ العمل سلمت وسعدت النفس ،و إن فسدت العقيدة فسد ت كل العبادات ، وان فسد العمل بها هلكت وشقيت النفس في الدنيا والآخرة ، فالعقائد تقع في الدرجة الأولى . وهذا وما قع فيه الكثير ممن فسروا الدين حسب مفهومهم الخاص ,لا من حيث ما امرهم الله ورسوله ,وجوزوا لانفسهم انتهاك الحرمات وقتل النفس المحترمة والسعي الى تكفير كل من خالفهم بما اعتبروه مخالفة للدين,وعلى ان الاسلام هو ما يعرفون وما يفهمونه هم دون سواهم, ومنهم الخوارج قديما .او بتجويز قتل المسلمين اذا ما كان بينهم كافر ولا يستطيعون القضاء عليه ولهذا يحق لهم قتل الجميع,
(القسم الثاني) التعامل والمعاملة ،وهي الصدق ، الأمانة ، الرحمة ، الإنصاف ، العدل ، وأن تكون منصفا في حكمك مع من تعرفه ومن لا تعرفه على حد سواء ، هذه تسمى المعاملات العملية للفرد بسلوكه اليومي في المجتمع, وهي مهمة جداً لأن العبادات الشعائرية لا تصح ولا تقبل إلا إذا صحت المعاملة ( الدين هو المعاملة, وللنظر في مظمون هذه الايات الكريمة من سورة الحجرات التي تقول
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 11
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ( 12
وقد اعتبر الكثير من العلماء السابقين ومن الاحقين بان هذه الايات الكريمه هي من تحدد عنوان المؤمن, فاليعرض الانسان نفسه على هذه الايات الكريمه وسوف يعرف بنفسه ان كان مؤمنا حقا ام لا
وهذا ما يقوله النبي محمد ص حيث سال اصحابه( أتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لا يملك دِرْهَمَا وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ ، قَالَ : بل الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ, وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هذا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ ، فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ولم تنفعه صلاته ولا صيامه ولا زكاته وحجه في شئ)
وان الله سبحانه وتعالى قد اشار الى النبي محمد ص بقوله( وانك لعلى خلق عظيم) ولم يقول الله سبحانه وتعالى للنبي وانك لعلى صلاة او صيام او قيام عظيم, وان النبي محمد ص يقول ( انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق) اي ان الاخلاق هي الجانب الانساني في التعامل الذي ارتقى به النبي محمد ص الى درجة الكمال وتبعه عليه ال بيته سلام الله عليهم وخيرة الصحابة الكرام
وهذا ما يثبته ايضا كلام ( جعفر ابن ابي طالب) ومن كان معه من المسلمين الذين ذهبوا الى النجاشي ملك الحبشة ,عندما سالهم النجاشي:( ما هذا الدين الذي فارقتم به قومكم، ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من الملل)، فقام (جعفر بن أبي طالب) فقال له:* أيها الملك ,كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ,وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحُسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات ، وأمرنا أن نعبد الله وحده، ولا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام … فعدد له أمور الإسلام ثم قال جعفر: فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله، ولم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم الله علينا، وأحللنا ما أُحل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورجونا أن لا نُظلم عندك أيها الملك,
وهنا يبرز سؤال ليس من صلب الموضوع واقول ( لماذا امر النبي محمد ص ان يهاجر اصحابه الى الحبشة التي هي (اثيوبيا )الان, وقال لهم اذهبوا الى ملك عادل لا يظلم عنده احد رغم ان اثيوبيا يفصل بينها وبين جزيرة العرب بحرا, ولم يطلب منهم ان يذهبوا الى كسرا ولم يكن بينهم وبين بلاد الفرس بحرا والمسافة اقرب ان كان فعلا كسرى عادلا كما يقال ).
فاقول ان جفرا ابن ابي طالب لو تتبعنا حديثه بدقه لوجدناه يقدم الجانب الانساني ( المعاملة) على الجانب التعبدي ايضا, اذ ان الاخلاق الحميدة وحسن الخلق وصدق الحديث والامانة والاخلاص والجد في العمل والكلمة الطيبة وعدم الغش والنفاق والكذب وانتهاك الحرمات وقتل النفس المحترم التي عظمها الله ورسوله هي الجانب الانساني العملي الذي يجب ان يكون المسلم عليه قبل عبادته . لان تعامل الفرد هو من فيه فائدة للناس وللمجتمع او عكسه, اما العبادة فهي للشخص دون غيره ولا يستطيع احدا ان ينتفع بها دونه, فلا يمكن ان تعطي احدا من صلاتك اوقيامك في الليل ولا من صيامك.اما الزكات فهي تدخل في القسم التعاملي لانها سوف تكون وبالضورة اعانة للمحرومين من بني جنسه وهي عبارة عن مد يد العون لهم وكذلك الصدقات التي اعتبر الاسلام خروجها طهارة للنفس,
اما (القسم الثالث) فهو العبادات وهذه العبادات التي امرنا الله سبحانه ونبيه الكريم ان نؤديها لها ارتباط كبير بالمعاملات ، فالعبادات الشعائرية كالصلاة ، والصوم ، والحج ، والزكاة لا تصح ولا تقبل إلا إذا صح الجانب التعاملي كما تبين ، وفي نهاية المطاف تأتي صفة الآداب او ما سمي بخلق الاسلام،
فان الانسان في أصل خلقه هناك نقاط ضعف ، : ﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20)إِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعا
( سورة المعارج
اذ لا بدّ من أن يبحث صاحب هذا النقص عن جهة قوية يحتمي بها ، تدعمه ، تنصره ، تلبي طلبه ،و تجيب دعوته ، فالمسلم بفضل لله قدعرف الاهه الحقيقي ، وعرف خالق السماوات والأرض ، وعرف من بيده ملكوت كل شيء ، وعرف الذي في السماء إله وفي الأرض إله هو واحد ، عرف الذي يقول : ﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) واصبح يحتمي وينتمي لقوة الواحد الاحد الذي بيده ملكوت كل شي واليه ترجعون , ويرجوا ان يعاد اليه يوم البعث مرة اخرى ويساله عما عمل وما فعل لانه خليفة الله في ارضه
اذا فان الإسلام عقيدة وعمل, وعبادة وأخلاق, وقد دعا الإسلام أتباعه إلي العمل بكل أنواعه, كما دعاهم إلى عمل الطاعات للعبادات التي شرعها الله سبحانه وتعالي, ودعا المسلمين إلى العمل والسعي في الحياة من أجل عمارة الدنيا لما يستحق ان يكون خليفته في الارض.
كما وبين الله سبحانه أنه رقيب علي الانسان, ومطلع علي كل ما يعمله الناس, فقال الله تعالي:( وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون, سورة التوبة105,) فالعمل يعد ايضا فريضة, وبين الرسول صلي الله عليه وسلم أن أفضل ما يأكله الإنسان هو ما كان من عمل يده حيث قال: (ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من كد يده), وقال ص (خير الناس من نفع الناس .) وقال ايضا صلوة ربي عليه ( اذا مات الانسان انقطع عمله من الدنيا الا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له) وهنا ايضا نجد ان النبي ض يقول حتى بعد ان يموت الانسان سوف يبقى في الدنيا شياء تدر عليه بالحسنات وهو مرتبطا ارتباطا وثيقا بالعمل ,حيث ان العمل في الدنيا ان صلح سوف يتصل معه للاخرة . اذ ان الصدقة الجارية هي ما تنفع الناس حتى يترحمو عليه ,وهي من العمل. ان العلم الذي خلفه من بعده هو ايضا انتفاعا للناس وهو من العمل , والولد الذي رباه على الاخلاق الحسنة الحميده حتى اصبح الناس تترضى عليه وعلى من رباه واصبح محل فخرا لابويه فيدعو لهما لما علموه , لان الولد سوف يكون محدحه وقدحه مرهونا بعمله
اذا فالاسلام قد ركز على الجانب التعاملي الانساني والاخلاقي قبل الجانب التعبدي لما تبين لنا كما وان الجانب التعبدي مرهون ايضا بالجانب العملي للفرد,
وكلنا او الاغلب منا يتذكر المرحوم محمد عبده والشيخ جمال الدين الافغاني و من بعدهم الشيخ احمد الوائلي عندما يقول بانه ذهب الى اوربا فوجد اسلاما بلا مسلمين وجاء الى بلداننا الاسلامية فوجد مسلمون بلا اسلام,وهذا يعني قطعا بانه في البلاد الاسلامية قد اهتم المسلمون واغلب علمائهم بالجانب العبادي واهمل الكثير منهم للاسف الشديد الجانب العملي ( التعاملي) بينما لو ذهبنا الى البلاد لاخرى لوجدنا ان جانب المعاملة (الجانب الانساني) موجود بكل حذافيره عندهم كما اشار له ديننا الاسلامي الحنيف وونبي الرحمة المصطفى محمد ص , وهذا ايضا قد اشار له الكثير من علماء اهل السنة ايضا
http://www.youtube.com/watch?v=bGhpBO0vhrE
وهذا ما تثيته حقيقة واقعة ناصعة الباض وعلى لسان كبار علماء الامة الاسلامية بان البلاد الاسلامية يوجد فيها الجانب التعبدي ولا يوجد فيها الجانب التعاملي الاسلامي
وبهذا اذا ما عدنا الى الحديث النبوي الشرف وسؤاله لاصحابه من هو الفقير سوف تكون الاجابة عليه ان اغلب امة محمد ص اليوم هم فقراء ولا يوجد فيهم غني الا ما رحم ربي( بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ ومفهوم العمل ايضا في هذه الايات الكريمة هو العمل الذي يكون فيه او من جرائه خدمة للناس والمجتمع والامة , ……والسلام