22 ديسمبر، 2024 9:15 م

الاسرة ودورها واثرها في التنشا الاجتماعية

الاسرة ودورها واثرها في التنشا الاجتماعية

الأسرة من قديم الزمن نظام اجتماعي أو هي وحدة في النظام الاجتماعي الذي ظهر مع خلق الله للإنسان على الأرض وقد مرت الأسرة من بداية نشأتها وحتى وقتنا المعاصر بعدد من التطورات الكبيرة سواء على مستوى حجمها وهيكلها أو على مستوى العلاقات بين أفرادها أو بين الأسرة بعضها ببعض أو من حيث أهدافها ووظائفها وأدوارها.

وقد كانت الأسرة في كل مراحلها مرآة تعكس المجتمع الذي تنشأ فيه من حيث عقيدته وحضارته ومستوى تقدمه ، وكان للإسلام أثر بارز في بناء الأسرة ووضع الضوابط والمعايير التي تنظم قيامها باعتبار الأسرة أحد أهم لبنات المجتمع الإسلامي بل هي أهم هذه اللبنات حتى قرأنا قرآن يتلى إلى يوم القيامة في أمر زوجة كانت تناقش زوجها في أمر يرى البعض أنه أمر بسيط أو أمر شخصي بين زوج وزوجته في سورة كاملة وهي سورة المجادلة ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير )

ومنذ نشأت الأسرة في بداياتها الأولى مع خلق آدم عليه السلام وحتى يومنا هذا وهي تقوم بمهمة لا ينكرها أحد سواء في مجال التربية أو مجال التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية أو مجال الحد من الانحراف والجريمة وخصوصاً انحراف الأحداث وجرائمهم وقامت بأثر كبير في مجال رعاية الناشئة وحمايتهم من التطرف والانحراف.

وقد تعرضت الأسرة وخصوصاً في النصف الثاني من القرن الماضي إلى موجة من الهجمات الشرسة التي تريد القضاء عليها غير أن الثابت أن الأسرة ستظل قائمة حتى وإن كانت في شكلها الصغير جداً والمسمى بالأسرة النووية أو الزوجية
وتعد الأسرة سواء كانت ممتدة ( كبيرة ) أو زواجية صغيرة نموذجاً مصغراً للأمة وخصائصها تنعكس فيها القيم الأساسية التي تحكم حركة المجتمع وتسير أموره وتعد في الوقت نفسه الدعامة الأساسية واللبنة الجوهرية إذا رغب في توجيه الأجيال إلى سلوك معين أو تحذيرهم من سلوك معين إنها خط الدفاع الأول الذي يحمي المرء من كل الهجمات. إنها سر كلمة التربية التي تقترن بالطفل منذ نعومة أظفاره و إلى أن يصير عنصراً فاعلاً في المجتمع.
إن الأسرة هي اللبنة الأولى في البناء الاجتماعي وهي ظاهرة اجتماعية قديمة قدم الإنسان على هذه الأرض من لدن آدم وحواء عليهما السلام وإلى أن يشاء الله وهي أيضاً مجتمع صغير يمكن من خلاله فهم طبيعة المجتمع القائمة فيه لأنها كوحدة بناء في المجتمع تؤثر فيه وتتأثر به ولا نبالغ إذا قلنا أن معظم المشكلات الاجتماعية وحلولها يمكن أن نربطها بعوامل مرتبطة بالمواقف الأسرية ولا يمكن أن نتصدى للمشكلات التي تواجه المجتمع من غير أن نبحث في مشكلات الأسرة ونقوّمها وقد مرت الأسرة بعدد من مراحل التطور سواء في شكلها أو حجمها أو وظائفها وكان من الطبيعي أن تختلف آثار وظيفة الأسرة بحسب مرحلة تطور المجتمع فقد كانت للأسرة آثار كبيرة حينما كانت الأسرة كبيرة وقبل قيام الدولة المعاصرة فقد كانت لها آثار تربوية واقتصادية وسياسية كبيرة ومع ظهور الدولة وسيطرتها على وسائل توجيه الرأي العام انخفض دور الأسرة إلى حد ما وانخفض تأثيرها لا نقول أنه قد تلاشى تماماً ولكن نقول أنه الأسرة قد تقلص دورها في جانب إلى حد ما وزاد في جوانب أخرى على أن الأسرة الممتدة القوية يمكن أن تؤدي أثراً كبيراً في النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وإذا كانت هناك بعض الدراسات التي تنذر بزوال الأسرة وانتهاء دورها فنحن مع الذين يبشرون بأن الأسرة باقية عن رغم كل المحاولات التي تريد أن تهمش أثرها لأن فناء الأسرة مرهون بفناء القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة والجدير بالذكر أن هناك دعاوى كبيرة تقال بصوت مسموع كلها تدعوا إلى العودة إلى الحفاظ على الأسرة ودراسة وتحليل كافة المشاكل التي تعترضها ومطلوب من الباحثين والدارسين أن يكون لهم أثر في ذلك ، فإنه لا يوجد تشريع أرضي ولا سماوي دافع عن الأسرة ووضع لها مقومات وضوابط مثل ما فعل الدين الإسلامي ورسوله محمد (صلى الله عليه واله)× وقد بلغ من تأثير الأسرة في الفرد – من وجهة النظر الإسلامية – أن الرسول(صلى الله عليه واله) × يقول “ ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه “ من هنا فقد عني الإسلام بالأسرة عناية كبيرة بداية من اختيار الزوج لزوجته وتربية الأبناء ورعايتهم وتأهيلهم للقيام بدورهم في الحياة ذلك لأن الإنسان عادة ما يكتسب الأساليب السوية للسلوك والتفكير من خلال تفاعله الاجتماعي واحتكاكه بالآخرين وأن الأبوين هما الوكلاء الأوائل في القيام بهذه العملية وحسب ما فيهم من قيم وسلوكيات فإنه يكتسبها سواء كانت سلوكيات وقيم إيجابية أو سلوكيات وقيم سلبية.

فالأسرة مسئولة إذاً عن سلوك أفرادها سواء كان سلوكاً إجرامياً أو كان سلوكاً سوياً وقد استطاعت الأسرة المسلمة بما لديها من آثار الإسلام وأخلاقياته أن تبث كثيراً من القيم الإيجابية التي يدعو إليها الإسلام ويحض عليها وقد بدت آثار ذلك في انخفاض معدلات الجريمة في الدول العربية والإسلامية من مثيلاتها في العالم الغربي الذي عمد منذ فترة على الانسلاخ من روابط الأسرة وضوابطها ومقوماتها الأمر الذي أدى بالناس إلى عدم الاطمئنان على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم وصدق الله العظيم القائل في محكم كتابه : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة )