13 أبريل، 2024 3:57 ص
Search
Close this search box.

الاسرة .. نواة لمجتمع ايجابي او سلبي

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا يختلف اثنان على ان الاسرة هي نواة لمجتمع وان صلاحها او فسادها يرمي بظلاله على الامة بأسرها اذا ما اخذنا بالاعتبار المفاهيم الرئيسة للفساد او الصلاح وليس ما طرأ على فرد او اسرة بشكل خاص وان المفاهيم التي تقوم عليها ما هي الا بداية لانعكاسات ابعد واكثر تأثيرا في محيطها ..
ان الغوص في تفاصيل هذا الموضوع قد تحتاج الى مؤلفات وبحوث غير ان اختزالها ليس بالصعب ضمن حدود النقاط الرئيسة التي تهم القارئ والذي بإمكانه التبحر اكثر في مساحة ابعد من تلك النقاط ودراسة تفاصيلها اذا ما اراد الدخول ضمن مكنونات البناء الاسري السليم والجوانب التي من شأنها تهديم هذا الصرح الاجتماعي الهام ..
الاسرة التي تتكون على الاغلب من اب وام وابناء او ربما يعيش هؤلاء ضمن اسرة الاجداد والاعمام فتكون اسرة موسعة غير ان المفهوم الاسري يبقى موحدا ضمن المجموعة الرئيسة المنبثقة بعد زواج الرجل ممن يختارها ليكونوا فيما بعد اسرة هي نواة لمجتمع يحوي الالاف او مئات الالاف منها ..
اذن البناء يبدأ من الفرد الذي يقرر بناء هذه الاسرة وهذا الفرد من المؤكد انه لم يكن معصوما من الجوانب السلبية التي ترافق حياته بل ربما ان ايامه التي سبقت قراره الاخير كانت مليئة بالاخطاء والقرارات الكارثية التي ادت او كادت تؤدي الى فشل تام بشخصيته غير انه قرر بدء صفحة جديدة في حياته مبنية على الاستقرار فضلا عن تحويل ذاته الى منتج معطاء بعد ان كان مستهلكا وعبءا على اهله او مجتمعه .
وبالتالي فأن هذا الشخص على موعد مع القرار المصيري ، وهنا تكمن لحظة الحقيقة الفارقة التي ستبني امة صالحة او عكس ذلك ، وهنا يتسائل القارئ كيف يمكن لنا تحديد مصير امة او شعب او مجتمع هائل بقرار ذلك الفرد ؟
الجواب هو محور حديثنا الحالي ، اي ان البناء القويم الذي يتم التخطيط له سينعكس حتما على مستقبل الاسرة المبنية والعكس هو صحيح تماما بما لا يقبل الشك ، اي ان الاختيار الانسب للشريك المناسب ضمن اطر ومبادئ مجتمعية سليمة وهنا نتحدث عن الطرفين لا طرف واحد سيكون مقدمة لتفاهم يفضي الى استمرارية ستولد ابناءا يكبرون ويترعرعون ضمن المبادئ الصحية التي يريدها المجتمع القويم والذي تسعى الانسانية بغالبيتها اليه حتى تلك التي لم تكن لها صلة بالسماء او الاديان فالصلاح الاجتماعي هو غريزة انسانية يسعى اليها الانسان منذ ان تغلبت مبادئه وقيمه على غرائزه الاخرى بتوفيق الهي عند تفضيل الباري جل وعلا لادم وجعله خليفة على ارضه وامينا على قيمه السماوية المقدسة ..
ان المشاكل الاجتماعية وارتفاع نسبة الانفصال بين المتزوجين سببها يعود بالاساس الى الاختيار الخاطئ والذي ليس بالضرورة ان يكون قصورا لدى احد الطرفين بل ربما ناجم عن عدم انسجام في الشخصيتين او طباعهما العامة ، علما ان هذه المشكلة قد تفضي الى حياة مشتتة للاسرة في حال عجز الطرفين عن اتخاذ قرار حاسم بالانفصال وهذه الحالة منتشرة بكثرة في مجتمعاتنا الشرقية وبالاخص الاسر المحافظة التي تستصعب الانفصال او تضحي لاجل ابنائها ، علما ان تلك الاسر ربما تجهل انها تقضي على ابنائها لا تضحي لاجل مصالحهم كما تعتقد كون ان حياة هؤلاء الابناء ستكون مليئة بالعقد والسلبيات التي ستحولهم في الاغلب الى عناصر فاشلة مجتمعيا ..
ما تقدم يشير بوضوح الى ان الانسجام والتوافق الاسري يعد مفتاحا اساسيا لبناء اسرة قابلة للاستمرار ومنتجة وفق معايير صحية سليمة ، غير ان ذلك ليس كافيا لنجاحها ، اي ان هناك متطلبات اخرى لا تقل اهمية لا بد من الوقوف عندها من بينها جعل الفرد المسؤول سواء كان الزوج او الزوجة نفسه ضمن اطار مختلف عما كانت عليه قبل الارتباط ، اي بمعنى ان مرحلة البناء تتطلب رقيا اخلاقيا ربما كان قصوره اقل تأثيرا في مرحلة زمنية مضت او ليس بذات الاهمية ، كون ان المثالية المتعلقة بالاب او الام ستكون حاضرة لدى الابناء الذين اول ما سيقلدون بعد ادراكهم لمحيطهم الدنيوي ابويهما ، فضلا عن الالتزام المتبادل بالوفاء والاخلاص ضمن مبادئ حددتها التعاليم السماوية والاخلاقية والعرفية المعروفة لدى مجتمعاتنا الشرقية وليس من يحددها احد الطرفين لان المزاجيات في تحديد اطر الوفاء كانت حاضرة وبشدة في العقود الاخيرة ..
اما طريقة التعاطي مع الابناء فهي لا تقل اهمية عن التعاطي مع الذات فهؤلاء امانة يمكن ان نحولهم الى نماذج يحتذى بها بين اقرانهم مستقبلا او حملا ثقيلا على كاهل مجتمعهم ، ويعتمد ذلك على الاطر التي يحددها الاباء لابنائهم بدءا من الاهتمام ثم التربية ثم التعليم واختيار المجتمع الامثل لهم خلال هذه المراحل التي يمر بها الابناء ..
هذه العوامل التي ذكرناها والتي تحدثت عن اختيار الفرد للشريك والانتباه على تصرفات الذات وتحولها من شخصية غير مسؤولة الى اخرى ذات امانة كبيرة ملقاة على عاتقها ومعاملة الابناء وتحديد طريق النجاح لهم منذ اول يوم يولدون فيه مرورا برحلة حياتهم الطويلة ، هذه العوامل اذا ما اخذناها بالاعتبار فأننا سنكون قريبين من بناء اسرة مثالية بجوانبها الرئيسة المعروفة ..
وبالتالي فأن تعميم ذلك اجتماعيا وبالرغم من كون تطبيقه سيكون صعبا على الجميع الا انه سيكون منهاجا عاما واطارا رئيسا لتشكيل اي اسرة وليدة ما من شأنه ان يقود الناس لسلوك مثالي تقل بموجبه السلبيات التي تم التطرق اليها سلفا ، فيما ستكون نسبة بناء المجتمع القويم اكبر واكثر ارتفاعا وهنا مكمن الصلاح الذاتي الذي تحدثنا عنه لعقود من الزمن ..
وختاما فأننا لا نريد الخوض في النتائج الكارثية التي ستصاحب اهمال تلك المفاهيم والجري وراء غرائز ستنتهي بمجرد المعاشرة لايام او اسابيع او اشهر على ابعد تقدير ، فأن الخوض بذلك يعطي قوة مساوية للخيار الاول وهذا الخطأ الذي نحاول عدم السقوط فيه للاختلاف الكبير بين الخيارين ، فالاول هوعقلي والاخر غرائزي وان الحرب بين المفردتين غير عادلة باتجاه تفوق كبير للعقل الذي باهى به الهنا الملائكة وجعلنا خلفاء على هذه الارض من خلاله .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب