8 أبريل، 2024 3:15 م
Search
Close this search box.

الاستهزاء بشهداء الوطن من اشنع الخيانات العظمى

Facebook
Twitter
LinkedIn

لقد أجمعت دساتير البلدان ونصوص مقدساتها الدينية والاجتماعية علـى حرمة المساس بالأوطان واعتبرت جميعها على مر العصور ان خيانة الأوطان هي من اقذر واشنع و اخس و انذل خيانة. واذا باع احدهم وطنه هو كمن باع عرضه ودينه بل وحياته لأنه لا معنى لحياته ولا هدف لها بدون وطن واصبح من الذين يكرههم الله لان الله لا يحب الخائنين حسب قوله تعالى. وقد حث رسول الله على الدفاع عن الوطن وربطه بالأيمان والدين واعتبرت كافة الدساتير ان شهداء الدفاع عن الوطن ضد العدو الباغي الذي يريد السوء به من اكرم الشهداء. وان الإساءة اليهم والى ارواحهم الطاهرة هي إساءة لكافة القيم السماوية والإنسانية وما زلنا نرى كيف ان البلدان تتفاخر بشهداء اوطانها حتى رأينا سقط المتاع من اهل الشقاق والنفاق يتجرؤون على شهداء العراق.

ان حب الوطن هو ليس ترفا او رفاهة بل هو واجب شرعي كما هو الدفاع عنه وقد جعل الإسلام حب الوطن والانتماء اليه جزء من العقيدة واصبح الدفاع عن الوطن واجب مقدس والاستشهاد من اجله من اعلى درجات الشهادة. وهذا رسول الله يبكي عندما غادر وطنه (مكة) الى المدينة وهو ينظر الى مكة نظرة حزينة قائلاً: (والله انك لاحب بلاد الله الى نفسي ولولا ان اهلك اخرجوني نك ما خرجت!) ان شهداء العراق في حرب القادسية انما قدموا دمائهم الزكية وارواحهم لكي يبقى العراق حرا غير مهان يعيش فيه الناس جميعا بكرامة وحياة طبيعية و ليس من اجل حزب معين او شخص بذاته والدليل هو ما يتعرض اليه العراق من مهانة وذل وانعدام السيادة وتدمير لكل شيء عندما سيطر عليه نفس العدو الفارسي الذي قتل هؤلاء الشهداء ثم جاء اذنابه ليحاولا النيل من ارواحهم الزاكية. ولولا الغزو الأمريكي الصهيوني عام ٢٠٠٣ لما تمكن العدو الفارسي من احتلال العراق.

إن خيانة الوطن هي خيانة للمجتمع كافة و بيع للضمير والقيم والارتماء في أحضان أعداء ذلك الوطن وتضل هذه الخيانة وصمة عار تلاحق ليس صاحبها فحسب بل وتلاحق حتى نسله في كل زمان. و من اقذر تلك الخيانات هو التنكر لشهداء الوطن خاصة اذا كان ذلك النكران يعد تملقا ونفاقا من اجل العدو فأن دون ذلك نار الجحيم يصلاها هؤلاء الناكرون لأوطانهم ولشهداء هذه الأوطان. ان شهداء العراق في حرب القادسية التي استمرت ثمان سنوات بسبب تعنت خميني بعدم ايقافها وبسبب تعمده شن العداء ضد العراق شعبا وقيادة وارضا وماءا وسماءا واصراره على تصدير هيمنته على العراق هم شهداء الوطن العراقي وليس شهداء صدام ولا حزب البعث ولا شهداء طائفة دون أخرى بل هم شهداء العراق بل وشهداء الامة العربية بمختلف اديانها وقومياتها ومذاهبها لا فرق بين كردي او عربي او مسلم او مسيحي او غيره فالوطن للجميع والدين لله. لم يكن هؤلاء الشهداء كلهم بعثيون ولا كلهم من طائفة او طيف بل كانوا من جميع الاطياف. هؤلاء الشهداء هم أبناء العراقيين او إخوانهم او أقاربهم وقد كان لكل بيت في العراق منهم شهيدا او اكثر ومن يشتمهم فهو من اكبر الخائنين. وانا لنعلم بان حتى (العاهرات والقواوويد) لهم اوطان ينتمون اليها ولا يقبلون ان يمسها احد بسوء او بشهدائها وعليه فأن الذين يفعلون ذلك هم انذل واخس واقذر من العاهرات والقواوويد. ان ذلك قمة الخساسة والحقارة وتتشرف منه حتى صراصير الأرض التي تعتز باوطانها وان كانت قذرة. والتنكر للشهداء الوطن يعتبر من اكبر الحقارات وهو اكبر من مد اليد للعدو والتآمر على الأوطان وانه يمس كل بيت وكل اب وكل ام ثكلى بولدها. هؤلاء الانذال يتصورون بانهم يقدمون خدمة بذلك لاسيادهم الفرس ولكنهم لايدرون بان الاسياد يمقتون من يخون وطنه ويمتعضون منه لان الذي يخون وطنه مستعد لان يخون سيده عندما يحين له الوقت. فهذا (نابليون بونا برت) الفرنسي يقدم درسا لمن يخون وطنه وذلك بامتناعه عن مصافحة جاسوس (نمساوي) أعانه على احتلال وطنه حينما طلب ذلك النمساوي مصافحة نابليون رمى هذا الأخير له حفنة من المال على الأرض وهو يقول له (هذا المال لأمثالك، أما يدي فلا تصافح رجلا يخون بلاده مثلك). وهذا هتلر حين سئل من أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك؟ أجاب أحقر الناس هم أولئك الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم. وان واحدة من وجوه خيانة الأوطان هي التنازل عن القيم ونكران شهداء الوطن من اجل العدو الذي قتل هؤلاء الشهداء! والخائن لوطنه كالذي يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص فلا أباه يسامحه ولا اللصوص يكافئونه.

ان يوم الشهيد العراقي اليوم هو الأول من شهر ديسمبر وهو يخلد شهداء العراق بشكل عام وبالخصوص الذين استشهدوا من الجنود والضباط وأبناء الشعب خلال الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت لثمان سنوات بسبب إصرار خميني على عدم ايقافها. وقد كان العدو الفارسي ينكل بالاسرى العراقيين بابشع الصور والطرق التي لايمكن الحديث عنها لبشاعتها النفسية والجسدية. كان العدو الفارسي يربط الاسرى بين سيارتين تسيران باتجاهين متعاكسين فيمزقونه او يسحلونه بسيارة وهو مربوط يجر على الأرض ناهيك عن القتل بشتى الطرق والتنكيل النفسي والاعتداء بالسب والشتم والقذف وما الى ذلك. وكان العملاء من أمثال باقر الحكيم واخيه وهادي العامري وغيرهم من الذين يتسلطون على رقاب الشعب العراقي اليوم يشتركون بقتل وتعذيب واهانة الاسرى ويجبرون الاخرين علي تجنيدهم عملاء للفرس امثالهم.

 

ومن أسوأ ما حدث للأسرى العراقيين الابطال هو ممارسة القتل الجماعي مثل ما حدث في معركة (البسيتين) عام ١٩٨٢ حيث تم اسر ٣٠٠٠ اسير عراقي في هذه المعركة بسبب الالتفاف عليهم ومن ثم قتل معظمهم في يوم واحد. وباعتراف البرلماني الفارسي نادر قاضي بور اثناء الترويج لحملته الانتخابية بانه كان قائد مجموعة قامت بقتل اكثر من ٨٠٠ اسير عراقي في يوم واحد ويعني في البسيتين. وهو يهدف الى كسب الأصوات فكم هو اذن العداء والكراهية الفارسية للعرب والعراقيين خاصة بغض النظر عن مذاهبهم وحتى عملائهم فانهم يعاملونهم بشيء كبير من الدونية والاحتقار.

فهل يمثل هؤلاء الإسلام بمبادئه المحمدية ام اهل البيت الافذاذ ام يمثلون مباديء كسرى وانوشهر وداريوس والمجوسية؟

 

وقد تم اختيار شقائق النعمان كرمز للشهيد العراقي وذلك لان هناك اسطورة تقول بان ارض المعركة التي جرت عليها معركة ذي قار بين العرب المسلمين والفرس المجوس كانت فيها تلك الشقائق فتحول لونها للاحمر بعيد الحرب ولذلك سميت بشقائق النعمان وهي رمز للتضحية الدائمة. وكان الرئيس الراحل صدام حسين قد اطلق عبارة الشهداء اكرم ما جميعا فصارت هي وشقائق النعمان ونصب الشهيد تشكل الرمز الذي صممه سعاد سليم الأخ الأكبر لجواد سليم. وقد كان هذا اليوم يوم حزن شديد تتوقف فيه الدراسة والعمل لمدة ثلاثة دقائق في الساعة الثامنة صباحا وترتفع التكبيرات من الجوامع وتقرع الاجراس من الكنائس ويتوقف العراق كله من جنوبه الى شماله ومن شرقه الى غربه وطن واحد كبير لمدة دقيقة واحد كما ويتوقف بث الإذاعة والتلفزيون وكافة الاعمال. وقد نال عوائل الشهداء من الرعاية والتكريم من قبل الرئيس الراحل والقيادة السياسية علـي كافة الأصعدة ناهيك عن لقاءات الرئيس صدام حسين مع عوائل الشهداء المتكررة والنظر في طلباتهم وتنفيذها.

 

يوم الشهيد العراقي في الأول من ديسمبر هو ليس لحزب البعث ولا لصدام حسين بل للعراق والعراقيين الذين نالوا شرف الشهادة في الدفاع عن ارض وتراب وكرامة الوطن والشعب سواء مع العدو الفارسي او مع الغزاة الامريكان ومن تبعهم او في القتال ضد داعش او في سوح القتال الأخرى فقد سقط شهداء العراق على ارض فلسطين وارض الكنانة (مصر) وعلى الأرض السورية لحماية دمشق من السقوط وعلى ارض الأردن وغيرها.

 

اللهم ارحم شهداء العراق فهم الاكرم منا جميعا ونبرأ اليك من المستهزئين المستهترين سقط المتاع.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب