26 نوفمبر، 2024 3:38 م
Search
Close this search box.

الاستهتار والاستخفاف في انتخابات العراق

الاستهتار والاستخفاف في انتخابات العراق

كان لي صديقي أميركي من اصل عربي كلف بقيادة الحملة الانتخابية لمرشح الرئاسة الأميركية في انتخابات 2004 “جون كيري” في بولاية ماساتشوستسو التي خسر فيها أمام جورج دبليو بوش ،  سألته عن طبيعة عمله فأجابني كنا نركز على الترويج للبرنامج الانتخابي الذي تم إعداده من قبل الفريق الخاص الذي كلف بصياغته وكان يعتمد على جملة من القضايا التي كان يهتم بها “كيري” وهي إصلاح التعليم العام والاهتمام بقضايا الأطفال وتعزيز الاقتصاد وتشجيع نمو اقتصاد التقنية المتقدمة وحماية البيئة وتقدم السياسة الخارجية الأمريكية حول العالم وله في هذه المجالات نتائج ملموسة عندما كان محاميا ناشطا بالحقوق المدنية ثم مساعدا للمدعي العام لمقاطعة مديل سيكي  عام 1977 ثم عضوا في مجلس الشيوخ عام 1984.
استذكرت حديثي الطويل مع صديقي الذي التقيته في ولاية ميشيغان عام 2006 وخلال معايشتي لانتخابات رئاسية ومحلية اميركية وبحكم متابعتي الصحفية لسير العديد من الانتخابات في العالم ، وجدت ان الانتخابات في العراق ،تسير بآليات غريبة وعجيبة تفتقر الى ابسط المعايير الدولية والشفافية في الترويج والتحضير للمشاركة بالانتخابات  فضلا عن افتقار واضح لبرامج حقيقة وملموسة على الرغم من قرب إجراء عملية الاقتراع.
لااريد إن أتحدث عن الاستهتار والاستخفاف الذي تمارسه بعض الجهات والإفراد لشراء البطاقة الانتخابية وبمبلغ وصل إلى 1000 $ من هم مازالوا او كانوا جزء من العملية السياسية المتعثرة نتيجة الاحتراب الطائفي السياسي والاقتتال على تقاسم الثروات، ولا عن الوسائل المخجلة التي تقوم بتوزيع فتات من اللحم الهندي المسرطن الذي يغزو أسواقنا او الأغذية المعلبة منتهية الصلاحية او بطانيات “ابو خليل” او القيام بمسلسلات معالجة المرضى من الفقراء او عبر الاتكال والمراهنة الثابتة على تجار الانتخابات المتخصصين من رؤساء عشائر ورجال دين يعيشون على ” المعثرات” ومنها الترويج الكاذب لمن يدفع أكثر او يقدم خدمات جليلة اكبر او تقديم المنح المالية لوسائل الإعلام للظهور المتكرر للحديث عن مظلومية الشعب وانكساراته المتراكمة وكأنهم لايشكلون معاول الخراب وأعمدة الفساد.
إنني أدرك ليس هناك انتخابات حرة ونزيهة بالمعني العام لكن كل ما اسعي لتذكيره هو الاستهتار العلني في تسخير الموارد العامة  للشعب في خدمة المرشح ؟ ، وهو الاستغلال الذي لايشبهه استغلال في العالم حيث يتجاوز في فعله كل القيم والمعايير الإنسانية والأخلاقية التي تسعى لخدمة المجتمع .
 وهذه التجاوزات تعكس عن عدم وجود مسائلة قانونية دستورية واضحة عن مصادر الأموال الضخمة التي تهدر من اجل كسب أصوات الناخبين او أفواه الجياع والمحتاجين ؟ وهو الأمر الذي يقف وراء عدم إقرار قانون الأحزاب الذي تتفق كل الأحزاب السياسية النافذة على تعطيله.
إنني أراهن اليوم وفي الاستحقاق الانتخابي القادم على وعي النخب المثقفة التقدمية ووسائل الإعلام التي يمكنها بتأثيراتها واداواتها المختلفة إن تشكل وعي شعبي يدرك مصلحته الحقيقة في التغيير نحو واقع أفضل تسوده سلطة القانون على الجميع والتوزيع العادل للحقوق وبذلك سيصبح لصوتنا قيمة وطنية تستمد قوتها من الشعور الحقيقي بالمواطنة الحقة.

أحدث المقالات