17 نوفمبر، 2024 10:40 م
Search
Close this search box.

الاستقلال يوحد الكورد ام الوحدة الداخلية هي الأَولى ؟

الاستقلال يوحد الكورد ام الوحدة الداخلية هي الأَولى ؟

سواء كان مزايدة او نابعا من صميم التمني و الاخلاص للدماء التي اسيلت في سبيله، لا يمر يوم و لم نسمع عن الاستقلال سواء عن جهات رسمية او الاحزاب او القيادات او المواطن الكوردستاني، او من خلال الردود التي تطلقها الدول المنقسمة عليها كوردستان و تبين مواقفهم باشكال و مضامين مختلفة . و يتكلم كل من موقعه و وفق توجهاته و ما يكنه من الاهداف ماوراء الكلام عن هذا الموضوع المهم الاستراتيجي في المنطقة التي تتغير بما يمكن ان يحدث الاوضاع الجيوبولوتيكية كثيرا او من الممكن ان تكون التغييرات انقلابا راسا على العقب و ما يمكن ان نسميه انقلابا في الاسس التي رسخت غدرا و على الباطل حقا منذ اتفاقية سايكس بيكو لما تكون عليه المنطقة خلال القرن المنصرم . لكي يمكننا ان نبني الاساس المتين و مقاوم لاي هبة متوقعة كانت و من اية جهة في حال تنفيذ القرار، فلابد ان تُستحضر كل الوسائل و ان يُقرا و يُدرس كل جانب و من الاحتمالات، اضافة الى ما يجب ان تدرس الخطوات المطلوبة بشكل مفصل و دقيق و علمي لارساء الاسس المهمة لما نصل اليه و ما يمكن ان ترسي عليه كوردستان في حال تحقيق المهمة الصعبة . هذا لا يعني ان اي خطوة تحتاج الى مغامرة كبيرة كما كان المتوقع من قبل، و غير انه من المحتمل ان تاتي كل المتوقعات كما هي، و على اصحاب القرار ان تكون لديه خطة و سبل الدفاع او صد ما يمكنه ان يفشل المراد . بل على الرغم من اي دراسة و تمعن في الامر فانه من اكثر الاحتمالات حدوثا هو ما يمكن ان تواجه العملية اعاقات مختلفة و من جوانب كثيرة و من قبل الدول الاقليمية قبل اي احد اخر، و هذا امر اعتيادي و لا يمكن ان لا يحسب له من قبل، بل يجب ان تستحضر ادوات المقاومة المتعددة الجوانب ايضا من قبل الملمين .

في هذا الوقت بالذات، و كل المنطقة متداخلة، و كل طرف مشغول بامر يهمه و له اهدافه الذي يريد ان يحققه لما بعد هذه المرحلة المعقدة و بعد ان تبدا مرحلة الهدوء من بعد العاصفة و ما تترسخ عليه المنطقة، فمن الممكن ان تكون الخطوات حينئذ اكثر صعوبة، كما هو الحال في تثبيت امور عند مابعد الفوضى مما تجعلها خلاقة لامور عند جريانها و ليس في وقتها و تفيد البعض و تكون على حساب الاخر ربما، و بها يمكن ان تثبت المتغيرات دون زوبعة، و كما يمكن ان يحدث في جو هاديء و مستقر و بعيد عن اي تحركات فوضوية او في حالة ثابتة ان كانت الامور متوافقة مع الهدف و بعيد عن افعال الاضداد .

العوامل الثلاثة العالمية و الاقليمية و الداخلية كما نعرفها، ليست على الثبات و الحالة و الشكل و المحتوى الذي كان عليه العالم في المراحل السابقة البعيدة على الاقل، اي التغييرات المستمرة و ما نشهده باستمرار يمكن ان تكون مرحلة متنقلة نحو بروز نظام عالمي جديد كما يتوقع المحللين السياسيين و المفكرين . اي الحالة السياسية العالمية الهشة التي يمكن ان نسميها مهتزة لحد الان و تريد ان تستقر على ما تكون عليه من حالة تفرزها نتائج ما يتمخض من تفاعلات المرحلة، و يبقي المتغير من المنطقة و المعادلات السياسية لمدة طويلة اخرى كما كانت ابان مرحلة الحرب الباردة، و ما جرت فيها من معرفة المعادلات الثابتة التي كانت ظاهرة و مكشوفة و معلومة المضمون، على الرغم من التفاعلات المرحلية نتيجة تصادم المصالح بين المعسكرين . اي لم نزل ننتظر ما يكون عليه العالم من من يكون مركزا قويا او قطبا يمكن ان يدور حوله الوقائه ام القطبين و كما كانام الاقكاب المتعددة التي من المحتمل ان تكون سمة العالم بعد هذه الاهتزازات الكبيرة و ما نحن فيه في هذه المرحلة . اي ان العالم يمكن ان تسيطر عليه المصالح المرحلية و ما تكون عليه المواقف ليس الا في دراسة الاقطاب لما تهمها في هذه المرحلة فقط و لا يدخل فيها حسابات بعيدة المدى حسب ما كان عليه العالم و الخطوات الخطيرة التي اتخذت من قبل من مثل الاستقلال للدول الجديدة سابقا، و لم تاتي هذه الدول الا بعد احداث مثيرة و تحركات و تدخلات و تداخلات مصالح عديدة، كما حدث في استقلال جنوب السودان و التيمور الشرقية و دول الاتحاد السوفيتي السابق و رغما عن مواقف روسيا و تحركاتها و ما فعلته، مع دول البلقان و الوقت الذي انبثقوا فيه . اي بعضها و ان كانت في مرحلة سياسية شبه مستقرة الا انها لم تاتي من الوضع السياسي المستقر، و عليه ان الوقت لصالح الكورد عالميا و من ما نشهده من انشغال الدول ذات التاثير بالمنطقة و ما يجري فيهاوكيف اصبح الكورد ورقة صعبة و ثقل لا يمكن ان يمرروا عليه بسهولة او كما حدث من قبل على الاقل . و المتوقع ان اكثر الدول المؤثرة يمكن ان تتحفظ و ان دعمت ما يمكن ان تنبثق منه دولة كرودستان سرا ان كانت لمصلحته الاستراتيجية كما هو حال امريكا و اسرائيل و ان لم تدعمان بغيرمباشر ما يحدث ايضا .

اما اقليميا و بالاخص الدول التي انقسم عليه الكورد وفق اتفاقية سايكس بيكو، فانهم و ان اتفقوا في قرارة انفسهم او فيما بينهم بان النقطة المشتركة الوحيدة بينهم هي القضية الكوردية و دولة كوردستان، الا ان ما يخضونه يمكن و ما هم عليه مع العراق و كوردستان الجنوبية فانهم يمكن ان لم يجدوا افضل من الاستقلال فانهم يغضوا الطرف مجبرين، و كل حسب ما تمليه عليهم توجهاتهم و اهادفهم الاقليمية . تركيا تحارب لاخر قطرة من اجل عدم دوث ذلك على الرغم من انه حليف رئيسي و قوي لطرف كوردستاني و تستفاد اقتصاديا اكثر من غيرها، ايران تريد ان يكون العراق موحدا في افضل احواله و ان يبقى تحت نفوذها لما له الاهمية في ان يكون الجار المنفذ و الموالي مبعد لما يمكن ان تعتبره خطرا دائما من تركيا عليها . الدول العربية الاخرى ربما تبارك دولة كوردستان بشكل و اخر لانها تعرف بان جزءا من دولة تابعة او تحت سيطرة ايران قد قطع و استبعد من نفوذها و ربما تامل في علاقات مباشرة و قوية ليكون لها مواقع و ثقل باعتباره جار للسنة التي تكون موالية لهم و على العكس من ما تهم ايران . اي اخطر العوائق تاتي من الاقليم، و لكن الفوضى و عدم الاستقرار و ما نعيشه الان هو افضل وقت و مرحلة لما يمكن ان يُعلن لانه المرحلة بنفسها ابعدت الكثير من الخطورات الكبيرة لما كانت قبل حدوثها .

اما الوضع الداخلي فانه في اسوا احواله، الا انه لا يمكن ان نعتبره الخطر الاول و الكبير على ما يمكن ان يحدث بعد اعلان دولة كرودستان، لان الرغبة و الهدف و التوجه العارم الذي يكنه الشعب لهذا الهدف السامي الذي يحمله و ضحة من اجله عشارت السنين لا يمكن ان يقف ضده احد او يكون عائقا امامه كما هو المتوقع من الدول الاقليمية، و هل يمكن ان يؤثر المحوران اللذان انقسمت عليهما الجهات الكوردستانية ان يفعل عكس التيار الشعبي و هذا مستبعد ايضا، اما المشاكل الداخلية و الاحتكاكات هل تنقطع من جذورها، هذا لا يمكن الاستشفاف او الاستدلال به بشكل قاطع . لانه يمكن ان ينقطع الخلافات و يستقر الوضع و يبتعد البعض عن الطوخحات الشخصية بعد ان يفكر بانه سجل مجدا باعلانه استقلال كوردستان من جهة، و ان يرمم ما هدم و ان يعود كل منهم الى تدبير الامر ضمن الدولة الواحدة التي يمكن ان تحويهم و تقلل من التثايرات الخارجية على توجهاتهم .

اذن التوقيت يمكن ان يكون مثاليا خارجيا و لكن المقومات الاساسية او الوسائل المطلوبة ليست بمستوى يمكن ان تقع عليه من الامن والاستقرار الاقتصادي في وقت قصير، لذلك ستكون الدولة صعبة على ابنائها و امور تكون صعبة المراس فيها .

ان ما يمكن الرهان عليه هو التوقيت المثالي لو قورن مع ما كنا عليه من قبل لما يمكن ان نسميه في اي وقت بالمغامرة، و مهما كانت القراءات و درست جوانبها بعقلية متفتحة و عالمة بالامور، فانها يجب ان تكون لنا هناك نسبة معقولة مما يمكن ان نعتقد بانه يخيب او يصيب ما يمكن ان تقدم عليه السلطة . اما التحضيرات الداخلية فهي نقطة الضعف و الثغرة في مسار العملية قبل اي شيء اخر، و هذا للاسف ما لم يكن في الحسبان و لم يكن الضعف الذي نعيشه يوما ان يكون هو العرقلة في تحقيق اسمى اهدافنا في يوم من الايام كما وقعنا فيه اليوم . و هل يكون عائقا و مانعا و ان نتوقع ان يكون عامل الاول في فشل العملية، فهذا غير متوقع لاسباب شتى و في مقدمتها وجود المقومات الرئيسية للاستقلال و نسبة مناسبة للوحدة الفكرية بين جميع الجهات و ان اختلفوا سياسيا، اضافة الى ان الشعب هو الضامن الاقوى و الاكبر في مثل هذه الحالات .

الدور المتميز لاقليم كرودستان و اتخاذه لموقع خارج مسار الدولة العراقية منذ مدة ليست بقليلة يعتبر عاملا مهما و حافزا لاتسغلال الوقت المناسب لاستهلال العملية .

اي، لو تفحصنا و تمعنا و بدقة شديدة في مكنون ما يمكن ان يحدث سواء على الصعيد الدولي او المنطقة فاننا لا نملك وقتا مناسبا افضل منهذه المرحلة و نعتقد باننا نسير نحو ما يقبر الفرصة من مهدها ان تاخرنا اكثر . اي انشغال دول الجوار بامور اخرى و تعاملهم مع ارض الواقع لما فيه اقليم كوردستان منذ مدة طويلة و يمكن ان لا يتغير حتى بعج الاستقلال يمكن ان تطمان منها هذه الدول عند التفكير فيما يذهب اليه اقليم كوردستان في قرارة انفسهم عدا ما يهم مصلحتهم ايضا من وانب في حال استقلال كوردستان الجنوبية . اي ان الوقت مثالي جدا على الرغم من نقص في المستحضرات و الاستلزامات و الوسائل، مع الضعف البائن في الوضع الداخلي و ما يحتاجه عمل هام مثل الاستقلال الى وحدة الصف و التراصف و التعاون و الاتحاد القوي الذي يمكنه ان لا تهزه الريح مهما شدتها .

و يجب ان نعترف هنا ايضا، حتى لو نجحت الخطوة المصيرية فان الداخل الكوردستاني لا يبشر لنا بالخير ان نكون على السكة في مسيرتنا الاقتصادية و السياسية بشكل سلس، و سنواجه الصعوبات الداخلية بشكل كبير خلال سنين او حتى قد تصل لعقود، و لكنها خطوة قد تكون لخير اجيالنا القادمة فقط .

و الجواب على السؤال الاساسي من ان الاستقلال يمكن ان يوحد الكورد فانه ذو حدين، ربما الدولة تفرض الوحدة في بداياتها ان تعاون الجميع و لكن الصراع الاخطر و ربما الدميو قد يحل محل الاستقرار لمرحلة معينةو كما شاهدنا الاحتراب الداخلي بعد الانتفاضة بين الحزبين الرئيسين . و لا يمكن ان نجيب ان الدولة قد توحد الفصائل بسرعة بل ما هو المؤكد ان وحدة الصف هي تزيد من استقرار الدولة المنبثقة باعلى سرعة . فما بين الاهتمام باللوحدة الداخلية بهذه التركيبات السياسية المتناحرة و الخطو باتجاه الاستقلال يمكن ان يحمل اجوبة متعددة الاوجه و لا يمكن ان نقر بما هو المفيد قبل الاخر .

نقلا عن الحوار المتمدن

أحدث المقالات