لايختلف اثنان ان كل ما في الدنيا من أقوال وأعمالوآراء وسلوك؛ فهو متردد بين الحق والباطل ولا يمكنأن يخرج شيء في هذه الدنيا بحالة وسطية فإماأن يكون حقاً أو أن يكون باطلاً والصراع بين الحق والباطل بدء مع بداية الخليقة بأمر من الله سبحانه وتعالى وكانت اول جريمة في الصراع بين الخطينهو قتل قابيل لأخيه هابيل لتصبح اول جريمة نتيجة ذلك الصراع على ظهر كوكب الأرض.
وتجسد هذا الصراع بين الحق والباطل في اسرة آدم (ع) رغم صغرها وقلة عددها لم يتحمل قابيل اخاه فقرر قتله في حين كان يستطيع ان يقول له اذهب الى جبل او واد او مكان اخر بعيدا عني ولكن الشر لم يكن بأستطاعته تحمل الخير رغم كبر حجمالكرة الارضية الكبير فقتل قابيل اخاه هابيل.
وفي هذه الايام ونحن على اعتاب الزيارة الاربعينية للأمام الحسين ع ونعيش اجوائها الحزينة تخيل الى ذهني ان قرار الاستفتاء الذي اتخذته القيادة الكوردستانية وعلى رأسها الرئيس مسعود بارزاني لم يختلف كثيرا عن قرار الامام الحسين ع عندما اعلن الثورة ضد الباطل.
الاستفتاء الذي اجري في 25 ايلول من عام 2017 في اقليم كوردستان كممارسة ديمقراطية حضارية كفلتها القوانين الوضعية والسماوية وحمل لوائها الرئيس مسعود بارزاني مسنودا من الغالبية العظمى من ابناء الشعب الكوردي كان مصداقاً للصراع بين قوى الشر والخير والحق والباطل وبرأيي المتواضع كانت مستلهمة من ثورة الحسين ع ضد الباطل لما كانت تعانيه الامة الاسلامية من ظلم وجور وفساد ورذيلة.
ومن هذا المنطلق تكالبت جميع قوى الشرالداخلية والاقليمية والدولية على الشعب الكوردي بعد الاستفتاء على تقرير مصيره ومستقبله في منطقة الشرق الاوسط بؤرة الصراعات بين القوى الاقليمية من جانب وبين الاقليمية والدولية من جانب اخر و وقف العالم ضد هذا المشروع الانساني لأكثر من اربعة ملايين نسمة لتعبر عن ارادتها بشكل حر وديمقراطي.
الحسين (ع) خرج من المدينة وتوجه للكوفة مع آل بيته واصحابه من اجل الاصلاح ومكافحة الفساد و رغم قلة جنوده و معرفته الكاملة بنتيجة الصراع زج بأسرته واهل بيته واصحابه في المعركة ضد الباطل،كون الهدف الاكبر والاسمى هو انتصار ارادة الحق على الباطل،والرئيس مسعود بارزاني تأسيا بهذا النهج البطولي قاد مشروع الاستفتاء في 25 من ايلول رغم جميع الأصوات الباطلة التي نادت بتأجيله لحين اخر او رفضته جملة وتفصيلا خوفا على مصالحها،على الرغم من انه كان يعلم جيدا ماتؤل اليه الاحداث بعد الاستفتاء،لان الهدف الاسمى كان قضية شعب يريد ان يعيش بأمن وسلام ومستقل على ارض آبائه واجداده.
لقد واجه الامام الحسين ع شلة متخاذلة في الايام الاخيرة قبل بدأ معركة الطف ممن كانوا يدعوننصرته على الظاهر ومن ثم داروا ظهورهم عليه بعد ان تيقنوا ان المعركة واقعة لا محال،لكن رغم ذلك لم تتزلزل ثقة الأمام الحسين ع بقدرة الله وايمانه بأداء الواجب ،كون قضيته عادلة ولمصلحة المجتمع الاسلامي، والرئيس مسعود بارزاني ايضا واجه شلة متخاذلة ممن كانوا يدعون نصرته على الظاهر ولكنهم تراجعوا في الايام الاخيرة قبل الاستفتاء عندما تأكد لهم ان الرئيس سوف لن يتراجع عن قراره رغم مطالبة القوى الكبرى والاقليمية والمحلية بالعدول عن قراره.
ان ماواجهه آل بيت الحسين ع واصحابه بعد معركة الطف من معاناة و مصائب كبيرة ومحاولة بني امية لأذلالهم بأساليب خسيسة ولا انسانية واجهه الرئيس مسعود بارزاني والشعب الكوردي في اقليم كوردستان بعد الاستفتاء عين النهج من قبل الشوفينيين واعداء الحرية والديمقراطية،عندما وقف العالم كله في جبهة واحدة ضد شعبنا وفرضواحصار بري وجوي جائرعليه بغية تجويعه وتركيعه وطالبوه بلغو نتيجة الاستفتاء بشكل رسمي، لكنه لم يستجيب لتلك المطالبات وتحمل الشعب الكوردي الحصار الظالم بعزة نفس عال وصمود بطولي وتحملوا ماتحملوه لتبقى نتيجة الاستفتاء وثيقة تعبر عن ارادتهم متى ما سنحت الفرصة لهم.
ان قضية الأمام الحسين ع واستشهاد خيرة افراداسرته واصحابه ماتزال خالدة رغم مرور اكثر من 14 قرنا وستبقى الى الابد نبراسا يستلهم منه الثوار والاحرار دروس التضحية والفداء في معركة الحق ضد الباطل، وان قرار اجراء الاستفتاء الشجاع وما رافقه من مصائب ومعاناة للشعب الكوردستاني في اقليم كوردستان ستبقى خالدة في ضمير الامةالكوردية وستكتب باحرف من نور في تأريخ الشعب الكوردي وتأريخ الشعوب الحرة والقادة العظام.
عليه يمكن ان نجزم وبجرأة ان قرار اجراء الاستفتاء في 25 ايلول من عام 2017 من قبل الرئيس مسعود بارزاني كان قرارا صائبا مستلهما الدرس من مدرسة ابا الاحرار الحسين ع عندما طالبه الكثيرون من كبار القوم ورؤوساء القبائل بالعدول عن قراره وعدم التوجه الى الكوفة كون نتيجة الصراع محسومة مسبقا لعدم وجود تكافؤا في العدد والعدة ،والرئيس بارزاني ايضا لم يتراجع عن قراره رغم مطالبات حكومات وشخصيات كبيرة على المستويينالاقليمي والعالمي بعدم اجراء الاستفتاء، وذلك لأيمانه بعدالة قضيته وثقته بالله وبعزيمة واسناد شعبه له.
لم يبق لنا ان نؤكد ان الاستفتاء قد حقق اهدافه المرسومة وحقق انتصارا كبيرا لشعب كوردستان رغم تداعياته المؤلمة وتكالب قوى الشر والباطل ضد قوة الخير والحق المتمثل بشعب كوردستان وقيادته الفذة المتمثلة بالرئيس مسعود بارزاني.