الإنسان يطغى عندما يملك ثروة هائلة يخرجه عن حدوده الإنسانية أولاً وحدوده الإيمانية ثانياً قال تعالى :
” كلا إن الإنسان ليطغى ، أن رآه استغنى . إن إلى ربك الرجعى “
يتجاوز حده وحدوده ويستكبر على ربه فيكفر به ، رأى نفسه بلغ حداً أن استغنى عن ربه ، حين يشعر الإنسان بأنه حر ومستقل تماماً في ثقته بثروته أو الاعتماد على الغنى لأن لفظة الاستغناء تشير إلى هذه الدلالة . يظن أنه بسبب قوته المالية بشعور الاستقلال عن أية قوة عليا أنه في غنى عنها .
لكن لو فهم الإنسان وفطن في عمق فكره أنه لا يمكن أن يتخلى عن الملك الواحد الوحيد للعالم وهو الله سبحانه وإزاه أن يتخلى عن غروره الإنساني وشعوره بالاكتفاء الذاتي الذي يدعوه القرآن عن الاستغناء والطغيان ، ويشعر أمام الإرادة التي تهيمن على الكون كله إرادة الله
أن المال إذ يعده القرآن عقبة رئيسية من العقبات التي تحول دون الإسلام .
حتى قد بلغ من بعض سقيمي العقل وضعيفي الرأي أن المال يضمن له الخلود ويعطي له الأمان من الموت وكأنه حكم قد فرغ .
قال تعالى :
” ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبداً . وما أظن الساعة قائمة …..”
وقال تعالى :
” ويل لكل همزه لمزة .الذي جمع مالاً وعدده . يحسب أن ماله أخلده ”
حتى رأينا في هذه الآونة من العصر من جعل المال أحد معايير الحكم في شخصية الإنسان وأنه هو أولى من غيره في كل أمر تقوم فيه الحياة مادام يملك ، وهذه رمزية جاهلية جبل عليه الإنسان لولا الرسل الذي بعثوا والكتب الذي نزلت على الرسل ما كان لهذا الإنسان أن يخرج من هذه الخلق السيء والطبع المنحرف .
ولكن الأعظم في ذلك كله هو أن يبلغ الحدّ بهذا الإنسان أن يصيره ماله ويمنعه من الاعتراف بالله .