في مثل هذا اليوم قبل اكثر من عشرين عاما؛ تعرضت الولايات المتحدة، وتحديدا في مركزها الاقتصادي والمالي والتجاري، لأبشع هجوم، لم تعرف الولايات المتحدة مثيلا له، في كل تاريخها، الا ما تعرضت له في الحرب العالمية الثانية، عندما هاجمت اليابان ميناء هاربور، والذي كان من نتيجته؛ ان ضربت امريكا اليابان بقنبلتين نوويتين، لتكون امريكا الدولة الوحيدة من استخدمت؛ السلاح النووي. أذ، لم تقم اي دولة باستخدام هذا السلاح على الاطلاق الى الآن. ولا اعتقد ان هناك دولة في العالم، في نيتها او في تخطيطها استخدام هذا السلاح الفتاك. إنما، فقط، التهديد به، حين تتعرض الى هجوم يهدد وجودها. ان هذا قد حد او منع النزاع المسلح بين دولتين نوويتين. اكبر مثال على هذا؛ هو توقف المواجهة العسكرية بين الهند وباكستان؛ اللتان دخلتا في ثلاث حروب خلال عقدين، بينما لم يدخلا في اي مواجهة عسكرية، او حرب واسعة النطاق ومفتوحة؛ خلال اكثر من خمسة عقود. المعسكر الشرقي والغربي في الحرب الباردة لم يدخلا في اي مواجهة عسكرية، واستعانا بالوكلاء للإنابة عنهما في القتال والحرب. وفي حرب اوكرانيا؛ ظل الغرب بقيادة الولايات المتحدة، بعيدا عن ساحة المواجهة المباشرة مع روسيا، بمسافة تمنع الاحتكاك والتماس المباشر، واكتفيا بالدعم العسكري والاقتصادي والمالي والسياسي والاعلامي. نعود الى الذكرى الحادي والعشرين لهجوم سبتمبر على برجي التجارة الدولية في نيويورك، وعلي البنتاغون. لقد اصيبت الولايات المتحدة بالفزع، جراء هذا الهجوم الذي دمر مركز وعنوان قوتها الاقتصادية والتجارية والمالية. بوش الابن في رده على هذا الهجوم وهو في حالة من الفزع، وفقدانه لتوازنه النفسي، وتفكك رابطة الجأش في عقله ونفسه؛ وصف هذا الهجوم، من انه حرب صليبية جديدة، ثم عاد لاحقا وسريعا؛ ليغير معنى ومحتوى الخطاب المرتجل. بصرف النظر عن كل او جميع ما قيل عن هذا الهجوم؛ الاهم والاخطر، هو استغلال هذا الهجوم ابشع استغلالا من قبل الادارة الامريكية ومن قبل المحافظون الجدد. الولايات المتحدة كان رد فعلها، او ان الصحيح هو استغلالها لهذا الهجوم في تنفيذ اجندتها التي، كانت معدة سلفا في رف الانتظار لمثل هذا الهجوم، أو اي حجة اخرى تبتدعها، او تخلقها الولايات المتحدة من الفراغ، حين لا يكون هذا الهجوم قد وقع، على افتراض انه، لم يقع، لكنه عندما وقع اغناها عن ان تصرف الوقت في جهدها في تخليق الحجج في الغزو والاحتلال؛ وعلى وجه التحديد غزو واحتلال العراق الذي لم تكن له اي صلة بالقاعدة واخواتها لا من قريب ولا من بعيد. ان هذا هو الذي يثير الكثير من الاسئلة عن الجهة التي تقف وراء هذا الهجوم، لجهة كيف بهذه الجهة اي تنظيم القاعدة، مغافلة وخداع اجهزة الامن الامريكية وهي على ما هي عليه من قدرات وقوة كشف وتحري في هذا المجال. يقول الامريكيون انفسهم واقصد هنا المخابرات المركزية الامريكية من انها؛ قد احاطت البيت الابيض وغيره، من مراكز صناعة القرار؛ بان هناك تهديدا وشيكا للولايات المتحدة، قبل ايام، من الهجوم. لكن الادارة وبقية مراكز القرار في واشنطن؛ لم يقوموا بما يلزم ان يقوموا به. ان الولايات المتحدة في ردها او في استثمارها لهذه الهجوم، بغزوها واحتلالها للعراق، لم تتصرف بمسؤولية اخلاقية ودولية بما يفرضه عليها موقعها في مجلس الامن الدولي، هذا، اولا، وثانيا، تصرفت بظلم لا نظير له. ان هذه الغطرسة والعنجهية واغراء القوة، وتسيدها التام والكامل على صناعة القرار سواء في مجلس الامن او في العالم، وخطيئتها بحق الشعب العراقي، هذه العوامل جمعيها؛ جعلتها اي امريكا تفقد سطوتها وقيادتها للعالم او الاصح تفردها في قيادة المعمورة. سوف اخذ مثالا، وهو واحد من مجموعة من الامثلة؛ على الخسارة الاستراتيجية الامريكية بغزوها واحتلالها للعراق؛ كوريا الشمالية التي استثمرت الزمن لصالحها. فقد كانت هناك مراقبة شديدة على برنامجها النووي وكانت هناك كآمرات مراقبة كما ان بعض مراكزها النووية مقفله بالشمع الاحمر. عندما كانت الولايات المتحدة تعد العدة لاحتلال العراق، الذي صنفه بوش الابن مع كوريا الشمالية وايران؛ دول محور الشر، رفعت القيادة الكورية الشمالية؛ الكآمرات وازالت الشمع الاحمر واخذت بالعمل الدؤوب حتى وصلت الى وصلت إليه في الوقت الحاضر؛ كدولة نووية. قبل ايام؛ اعلنت كوريا الشمالية، من انها دولة نووية رسميا، واكدت منها سوف لن تنزع سلاحها النووي ابدا. ووضعت الزر النووي في الحقيبة النووية للرئيس الكوري الشمالي. ومن نافلة القول؛ الاشارة هنا الى ان ايران هي الاخرى وصلت الى العتبة النووية وهي الآن تفاوض من موقع القوة. ان الولايات المتحدة لا تستطيع بعد الآن عمل اي شيء ضد كوريا الشمالية في الاوضاع الحالية في تلك المنطقة، مع التغييرات الحادة لجهة المواجهة بين روسيا والصين من جانب والغرب بقيادة امريكا من الجانب الثاني. ان وجود كوريا الشمالية كدولة نووية رسميا يجعل تلك المنطقة عرضة للانتشار النووية في اجواء ضاجه بالفوضى والمشاكل والصراعات. ويرجح كفة روسيا والصين على حساب امريكا وحلفائها في موازنة القوة ومساحة التأثير والحلفاء او الشركاء.