منذ دخول التكنولوجيا الحديثة وصناعة أجهزة الراديو والتلفزيون في القرن التاسع عشر تحولت ثقافة الفرد والعائلة من الحالة الفردية التي تعيشها كل أمة أو مجتمع إلى ثقافات متقاربة ومتوحدة وأخذت تتطلع كل أمة إلى الأخرى من اجل النيل من ثقافتها ومعارفها أو السعي إلى الرقي نحو الوصول إلى أعلى الدرجات المعرفية, وهذا شيء جيد ولكن في المقابل لعبت تلك التكنولوجيا أدوار أخرى وأخذت تهيمن على الفرد والأسرة من خلال ما تقدمه من برامج وأعمال ينشد لها الجمهور ويصرف الأوقات والمال من أجل الحصول على قنوات معينة وأخذت تلك البرامج تؤثر سلباً على ثقافة الأسرة والمجتمع واخذ الفنان والمطر ولاعب كرة القدم يأخذ مكان الأب في الأسرة وأصبح هو القدوة والأسوة لكثير من الشباب والشابات في كيفية تحديد مصيرهم وهدفهم وتطلعاتهم الفنية والمعرفية.
وأصبحت هذه القنوات والفضائيات مؤسسات عالمية تدار من قبل شركات معينة وأخذت تلعب دورا في صناعة الرأي العامي وتوجيه المجتمع نحو سياسة معينة أو تجارة أو ثقافة تتبناها شخصيات أو شركات متنفذة تسعى إلى طموح معين بل راحت تلك القنوات إلى ابعد من ذلك وأخذت ترسم للفرد حياته الشخصية من كيفية اللبس وقصة الشعر ونومه وزواجه وغيرها من الأمور الجزئية التي باتت تنتشر في المجتمعات العربية أو في عموم الشرق الأوسط فسرعان ما نجد أن قصة الشعر أو اللباس قد تغيرتا فجئ لدى الشباب من دون الشعور في كيف تحولت ومن الذي أوعز لهم بذلك وكيف تم توجيههم وهم لا يشعرون, مما يجعلنا نتأكد من أن هناك حملة استعمارية تديرها شركات غربية تحاول أن تتلاعب في تحويل الثقافة العربية والإسلامية إلى ثقافة خاوية وغير مفعلة وتحل محلها الثقافة الغربية وتفكيك لحمة العائلة والعمل الجاد على إشعال الحالة الجنسية واللاشعورية للفرد المسلم وتنمية القوة الظلامية في داخل الفرد وان يعيش في حالة من الضياع والإهمال الفكري والخواء الروحي وهذا هو الهدف الأساس للتوجه الغربي الذي يسعى إلى أن يجعل الفرد المسلم لا يستحي من أظهار عورته أمام الناس وهذه هي أعلى مراحل التدني والانهزام والفشل الروحي والديني والأخلاقي.
ونحن هنا لا نريد الحديث عن الناحية الشرعية للعمل التلفزيوني أو الشعر والغناء وأداءهما فان هذا موكول إلى محله في الكلام عن الجانب الشرعي والديني لهذه الأعمال.
وإنما نريد أن نتناول الفن من ناحية أنثروبولجيا اجتماعية ودراسة تلك التحولات التي عصفت في تحول الثقافة والمعرفة والاهتمام من الجانب العربي الشرقي إلى الجانب الغربي وتحديد نقاط الخطر في تلك التحولات على المجتمع العربي.
فان كلامنا سوف يكون عن أثر الاستعمار في سقوط الفن بكافة مستوياته وإنتاجه وتحولاته من عكس الثقافة العربية إلى انصهاره في الثقافة الغربية الاستعمارية, وبيان نقاط القوة والضعف في الإنتاج التلفزيوني العربي وخطورة الإنتاج الغربي, والتحولات الفكرية لدى الكاتب أو الشاعر وسيطرة الثقافة الغربية عليهما
في الإنتاج الروائي والشعري والتأكيد على الغريزة الجنسية وإبراز الأعضاء التناسلية وغيرها من الثقافات التي أدت إلى انهيار المجتمع الغربي وسقوط الفن والقيم والأخلاق وكل المطلقات الدينية والإنسانية.
الجانب الأول: سقوط الرواية والشعر
أن الرواية والقصة يمثلان المادة الأولية للعمل والإنتاج التلفزيوني فان الفيلم أو المسلسل يعتمد في قوته وترابط أحداثه على متن الرواية أو القصة التي يتناولها الكاتب فإذا كان الكاتب ذو ذهنية قوية ومخيلة واسعة وصاحب مرتكزات وقيم أخلاقية فانه سوف يعمل على هدف أساسي في إنتاجه الروائي من خلال إبراز تلك القيم والثوابت الأخلاقية ويحاول أن يجذرها في المجتمع ويضيف لها القوة والتأثير في صناعة أبطال تلك الرواية وهم يحملون مبادئ وقيم أخلاقية دينية وعربية وبالتالي فانه سوف يحول المتلقي والمشاهد إلى فرد متحمس في تطبيق تلك القيم والحفاظ عليها والاعتزاز بها, ولكن عندما يتخلى الكاتب عن تلك القيم والمبادئ فانه سوف يساهم في إنتاج روائي خالي من كل تلك الاعتبارات الأخلاقية والعربية فعندما يركز على قضية الحب فقط او على الشهوة واللذة الجنسية وتدور أحداث تلك الرواية على هذا الجانب فانه سوف يكون الفيلم او المسلسل عبارة عن لقطات للدعارة وإثارة الشهوة وإشعال الحماسة والرغبة لدى الفرد في تطبيق تلك اللقطات المثيرة في أي صورة كانت ومن دون التركيز على احترام القيود الدينية أو الأخلاقية والاجتماعية التي يعيشها الفرد, فهنا سوف تتحول الرواية من فكرة ومخيلة كاتب إلى دستور ونقاط عمل يسير عليها المتلقي ويسعى إلى تطبيقها المشاهد, وهنا يأتي العامل الأساس في الحفاظ على نظافة وسلامة المجتمع من خلال ضبط النص الروائي والقصصي والمحافظة عليه من أجل إن يساهم في إنتاج مجتمع محافظ على قيمه وأعرافه وأخلاقه.
وفي الجانب الشعري أيضا نفس الكلام فان للشعر الدور المهم في الغناء والإنشاد في المعارك والعمليات العسكرية وله أهمية كبرى في نصرة الحق وبث الروح الوطنية وحفظ الأخلاق في المجتمع ونكران الظلم والطغيان وغيرها من المجالات الأخرى, فلو حافظنا على النص الشعري من السقوط في متاهات الوهم والمخيلة الخالية من أي ثوابت أو منطلقات دينية وأخلاقية أو قيم عربية فان المادة الشعرية سوف تتحول إلى كلمات الحاد ونكران لأي قيد أو ضابط أخلاقي وبالتالي سوف تتحول هذه الكلمات إلى عوامل تمرد في المجتمع أيضاً.
وما نشهده اليوم من سقوط الشعر وتراجعه لدى الكثير من الشعراء بات ملحوظاً في عكس المستوى الغنائي السطحي والهش والذي يدعوا إلى التحلل والانحطاط الخلقي.
وبالتالي فان الواجب على الكتاب والشعراء هو إن يحافظوا على مستواهم الثقافي والمعرفي وان يجسدوا القيم النبيلة وكل معاني الفضيلة في رواياتهم وشعرهم, فان تأثير العامل الثقافي لدى الكاتب والشاعر في عكس الصورة التي يحملها إلى الناس من خلال الرواية التي سوف تتحول إلى فيلم أو مسلسل والقصيدة التي سوف تتحول إلى أغنية الدور المهم, فكلما ارتفعت ثقافة الكاتب أو الشاعر لكما أنتجوا رواية أو
أغنية تحمل حس وطني وتعزز الاهتمام باحترام القيم والأخلاق النبيلة وتحافظ على المستوى المقبول لدى مجمعتنا الذي بات اليوم متخم في الثقافات الغربية التي لا تنسجم مع بيئته ومجتمعه.
ومن خلال ما تقدم سوف نلاحظ الدور المهم في بروز بعض الأفلام والمسلسلات العربية أو القيمة العربية التي جسدتها لنا بعض الأصوات الغنائية العربية.
سقوط الإنتاج التلفزيوني “المسلسلات والبرامج الأخرى”
فعندما نريد أن نحدد نقاط القوة والإيجاب في العرض التلفزيوني فلا بد من ذكر أمثله وشواهد حيه على ذلك وهي موجودة في بعض الإعمال العربية والإسلامية التي تم إنتاجها وعرضها على الشاشات المتلفزة ولاقت صدى واسع واكتسحت الجمهور وشغلت أذهان المتابعين.
ومن الأعمال العربية والإسلامية التي سجلت نجاحاً ملحوظاً هي(مسلسل نبي الله يوسف- مسلسل المختار – الزير سالم – ليالي الحلميّة – لن أعيش في جلباب أبي) وغيرها من الأعمال التي تحمل في طياتها أهداف قيمة وتحاكي المجتمع وتنطلق من قيمه ومبادئه وترسم له صورة نقية غير مشوه, عكس تلك الأعمال التي تساهم في تسطيح الفكر وتقلل الواعز الديني والأخلاقي والمعرفي عند الفرد وتخلق من المشاهد إنسان ضعيف كل همه قتل الوقت بأي صيغة كانت وان لا فائدة حقيقة من العيش في الحياة الدنيا وان مصدر السعادة الوحيد فيها هي إشباع الغرائز النفسية والشهوية لا غير.
ان من أهم النقاط التي تساهم في أنجاح الدراما العربية يكمن في التزامها ومحافظتها وتأكيدها على تثبيت القيم والثوابت الدينية والأهداف الإنسانية والوقائع التاريخية التي تحاكي المجتمع أو تبين صحة أو خطأ مبادئ وقيم معينة عاشتها أجيال من البشرية المتقدمة, وهذا من نشهده في نجاح الأعمال التاريخية التي تنتجها السينما السورية والمصرية والإيرانية مع تقدم ملحوظ للدرامة الإيرانية مع حفاظها في الأداء على الالتزام بالأحكام الدينية والشريعة مثل الحجاب وعدم المخالطة المحرمة والهدف المرجو من العمل والإنتاج وليس فقط تسفيه عقول الآخرين كما يحصل في الإعمال العراقية, فإن الدراما الإيرانية اليوم تتصدر على الدراما العربية وهذا ما أشادت به الفنانة المصرية القديرة حنان ترك قائله بان دور الإنتاج والقدرة العالية للسينما الإيرانية ونجاحها في ما تقدم أهلتها إلى إن تكون هي التيار المتقدم قياساً لما تنتجه الدور العربية., وكل هذا التقدم للإنتاج الإيراني مع انه محافظ على القيم الاجتماعية والدينية يولد لنا قناعة تامة بان التخلي عن المبادئ الاجتماعية والدينية ليس هو العامل في إنجاح العمل الدرامي أو الفني وإنما النجاح يكمن في الدقة في التمثيل والتصوير الحقيقي والهدف من وراء العمل والفكرة التي يراد إيصالها للمشاهد وهذا ما تحمله الدراما والسينما الإيرانية, عكس الإنتاج والإعمال العربية التي تبتني على أفكار لا أساس لها مثل فكرة إن التمثيل لا يؤدي غرضه الرئيسي مع الحفاظ على تطبيق الأحكام الشريعة والدينية وان الالتزام بالحجاب سوف يؤدي إلى عرقلة الكثير من المشاهد وان المتلقي لا يتفاعل معها وغيرها من الأعذار الواهية وما ذلك إلا لتأثير الاستعمار وهيمنته على عقول المنتجين والمخرجين بحيث إن الفنانة العربية اليوم بمجرد أن ترتدي الحجاب تحصل هنالك ضجة إعلامية حولها وهل إنها تخلت عن
الفن والتمثيل وهل أنها اعتزل العمل وما شاكل ذلك, وما هذا إلا لغياب القيم الدينية وسقوطها لدى القائمين على المؤسسات الفنية وبذلك يظهر فشل الإنتاج العربي وعدم قدرته على إنتاج دراما عربية تجذب الجمهور إليها وتنافس الإنتاج الإيراني والغربي وتحمل في داخلها أهداف وقيم تصب في تربية المجتمع على القيم النبيلة والأخلاق الكريمة, نعم استطاعت الدراما السورية من إن تقدم لنا دراما فعالة ومحافظة على قيمها وثوابتها وهذا ما شاهدناه في مسلسل باب الحارة وكيف انه حقق نجاح منقطع النظير في سنواته الأولى وامتد لعدة أجزاء وما هذا النجاح إلى لأنه احتوى على قيم وأخلاق ومبادئ وحضارة مجتمع متكامل وهو خير دليل إن الإنتاج التلفزيوني إذا أراد لنفسه إن يتقدم فعليه ان يسعى إلى زرع تلك العناصر في المجتمع, مع ملاحظتنا على انه سجل تراجعها ملحوظا هذه السنة بسبب دورانه في نفس الإطار والمشاهد والأحداث السابقة ولم يأتي بشيء جديد مما سبب ملل لدى المشاهد, وهذا خير دليل على فشل الإنتاج العربي وعدم قدرته على المطاولة والتقدم والإبداع في الإنتاج الدرامي لذا تعمد الكثير من دور الإنتاج إلى عرض أعمال التسلية وغيرها من الأفكار التي لا تحتاج إلى مونه زائدة في الإنتاج والتي تساهم في رسم الابتسامة على شفاه المتلقي وتسليته الوقتية فقط. بل العكس من ذلك فإننا لو نظرنا إلى الدراما العراقية فسوف نجد في أعمالها بأنها تحاول الانتقاص من أبناء الجنوب وإنها تظهر الجانب العشائري والقبلي لأبناء تلك المحافظات وتركز على الفطرة وبساطة التفكير والعيش التي كانت تسيطر على أغلب شرائح ذلك المجتمع, ونفس ذلك الحال نجده في الدراما الكويتية أيضاً فإنها دائما تدور في مدار واحد واغلب أعمالها تستهدف العائلة الشركة الزواج الثاني المال لأغير وهي غير قادرة على معالجة تلك المشاكل التي تعرضها للمشاهد لأنها لا تحمل في داخلها هدف ومسؤولية في العمل بل ربما تكون هي السبب في وقوع العائلة العربية في صراعات ومشاكل هي في غناً عنها.
ولو أمعنا النظر إلى السنوات الأخيرة وما تقوم به بعض الشركات العربية من ترجمة بعض الأفلام والمسلسلات التركية التي تحمل في طياتها كل معاني التحلل الخلقي والتفسخ الاجتماعي بل تجد اغلب تلك الأعمال غارق في الاستعمار والهيمنة الغربية وتتجلى أعلى مراحل الاستعمار في سقوط الفن والقيم الإنسانية في ترجمتها لمسلسل (الحب الممنوع) والذي يسعى إلى هدم الحضارة الإنسانية والقيم والمثل العليا ويلغي من داخل الإنسان عنصر الشرف والغيرة والحمية والعفة, ويبين دور الاستعمار في الترويج لتلك الأعمال التي تساهم في انحلال المجتمع وجعله مجتمع حيواني لا يفكر إلا بالغريزة الجنسية, وذلك لأن (مسلسل الحب الممنوع) والذي يجيز للإنسان ممارسة الزنا والخيانة مع المحارم تحت عنوان الحب وغيرها من المخاطر التي تحملها تلك المسلسلات التركية والتي تساهم مساهمة فعالة ومؤثرة في انتشار الشك في داخل العوائل والمجتمعات العربية والإسلامية وخاصةً فيما لو تصورنا بان اغلب العوائل العربية تتكون من اسر كبيرة, ومن خلال عرض تلك الأفلام فانه سوف تنتشر في داخل تلك العوائل النزعة الحيوانية وجواز ممارسة الرذيلة مع المحارم وهذه أعلى درجات الانحطاط على المستوى الأخلاقي والاجتماعي والتي يسعى الاستعمار على تجذيرها في المجتمعات العربية والإسلامية فما نحتاجه هو الحيطة
والحذر من الانجرار وراء تلك الأهداف السطحية والغرائز الحيوانية والعمل دائما على بناء القيمة الإنسانية للفرد لإنهاء تبني في داخل الإنسان الحياء والعفة وهما جدار يعزل الإنسان عن الوقوع في الرذيلة فان قيمت المرء إن يستحي من نفسه فإذا فقد هذه القيمة فسوف يكون كالحيوان لا يستحي من إظهار عورته أمام الناس وهذه هي الثقافة التصويرية التي يحاول إن يقدمها لنا الاستعمار الغربي, فان تصوير بعض المشاهد غير ممكن أخلاقيا ولا يساعد على إنجاح العمل بل سوف يسبب في فشله, فان تصوير الإنسان وهو يضاجع زوجته أو عند دخوله للحمام ليقضي حاجته غير ممكن لأنها ليست من الفن ولا تعبر عن رسالة أخلاقية سامية وتولد الاشمئزاز والنفور لدى المتلقي والمشاهد.
وأما من جانب البرامج العامة أو الرمضانية التي يقدمها الإعلام العربي لنا تكتمل الصورة بوضوح في بيان فشل الإعلام العربي وانهزامه من خلال تفاهة البرامج التلفزيونية وانحطاطها وصعود نجم من ليس أهلا للفن أو التلفزيون وإنتاج البرامج التافهة والساذجة والتي تساهم في إشاعة التخلف والجهل في المجتمع أمثال (برنامج أضحكك أضحكك أو برنامج ضحك بضحك) وغيرها من البرامج الفاشلة.
وما نشهده في شهر رمضان الكريم وهو شهر اقرب ما يكون الإنسان المسلم إلى ربه لما يحمل هذا الشهر الكريم من الجو الإيماني والديني والتفاعل الروحي, فإننا مع شديد الأسف نشاهد فشل الإعلام العربي وسقوطه وحيرته في كيفية الوصول إلى الجمهور والاستحواذ عليه فنجده دائما يبحث عن البرامج السخيفة او التي تحمل أمراض اجتماعية خطيرة بل ان البعض منها يبني برنامجه على الانتقاص من الآخرين مثل( الكرد أو عرب الجنوب أو أصحاب الاحتياجات الخاصة وغيرهم من شرائح المجتمع) وإن هذه الأعمال سوف تولد عدة أمراض في المجتمع يصعب علاجها في المستقبل, بل ان بعض برامج (المقالب أو الكامرة الخفية) تحولت إلى أعمال رعب وإدخال الذعر في قلوب الآخرين مما يؤدي في بعض حالاته إلى أمراض مزمنة مثل القلب او السكر والضغط.
بل إننا نشاهد تحول اغلب البرامج الرمضانية من التركيز على أهم الأهداف التي يحث عليها الشهر الكريم وهي مؤاساة الفقراء والمحرمين والرحمة والعفو ومساعدة الآخرين إلى برامج للعب واللهو والتسلية الغير منتجة لا غير.
وهنا نتساءل عن سبب غياب البرامج الثقافية الهادفة أو العلمية التي تساهم في بناء المعرفة والثقافة للفرد
أمثال برنامج (من دون كلام) والذي كان يستضيف الفنانين والممثلين ويحاول إن يزرع في داخل الفرد الفراسة والفطنة ويعلمه التدبر وسرعة التفكير والتوصل إلى ما يرده الأخر من دون النطق به.
ولو رجعنا إلى برامج الأطفال وتحديداً برنامج (المناهل) والذي كان يعلم الطفل كيفية الكتابة والقراءة الصحيحة وتعلم نطق الحروف والتمييز بينها والاستفادة من الوقت وحب القراءة والتعلم واحترام الآخرين وقارناها مع برامج الأطفال اليوم لوجدناها تحمل في داخلها الكم الكبير من أعمال العنف المحرمة وحب القتل وحمل السلاح والدمار وبناء شخصية الفرد على حساب الآخرين والاعتداء على حقوق الآخرين والغلبة وغيرها من الأخلاق والقيم الخطيرة على المجتمع.
ومن الأخطاء أيضاً اختصار العمل المسرحي والأعمال الدرامية المؤثرة والتي تحكي عن قضايا سياسية واجتماعية على النخبة فقط في دور السينما من دون عرضها على شاشات التلفزيون وجعل المسرح عبارة عن التسلية والضحك والاستهزاء بالآخرين لا غير.
سقوط الغناء
تردي وسقوط الغناء والفيديو كلب الذي أصبح اليوم عبارة عن لقطات للدعارة والمتاجرة بجسد المرأة من اجل إنجاح العمل الفني وان المتلقي سوف لا ينظر إلى كلمات وألحان وأداء الفنان بل سوف تشده تلك اللقطات المثيرة والأجساد العارية وتلغي سمعه عن التمييز, والتي تستحي العائلة من مشاهدها في المحافل العامة لما تحمل من سوء خلق وتعري كامل وإثارات فاحشة بالإضافة إلى فشل المحتوى الكلي للغناء من ناحية الكلمات والأداء والألحان, ولو نظرنا إلى دور الغناء التراثي في رفع مستوى الثقافة الاجتماعية للفرد واعتزازه بقيمه وأعرافه ومساهمته في الحفاظ على القيم الإنسانية والاجتماعية فنجد بأن الفنان في السابق كان يتغزل بالمرأة من خلال عباءتها مثل( يم العبايه حلوة عباتج) او حشمتها او نقابها مثل( يم العيون السود ما أجوزن إنا) مما يثير في دخل المرأة الاعتزاز بتلك القيم والمظاهر الاجتماعية التي تخلت عنها اليوم أو من خلال الامتناع عن الرجل في إن يلمسها أو يأخذ بأيديها إلى حيث يريد وتظهر المرأة وهي عصية عن الرضوخ لإرادة الرجل وكيف أنها تحاذر من أهلها أو تحافظ على سمعة عائلتها, وهذه الأفعال تزرع في داخل المتلقي الشعور بأهمية تلك القيم والمحافظة عليها.
أو إن الفنان يحمل رسالة وطنية يحاول إيصالها إلى العالم أو إظهار مظلومية شعب أو قيم مجتمع أو تقديم غناء خالي من اللقطات العاهرة والمثيرة للجنس أو الصخب في الإيقاع والأداء.
او الغناء الريفي الذي يحافظ على الأخلاق والقيم العربية ويعالج المشاكل الاجتماعية والذي يؤكد على الإخوة وعن مد يد العون للآخرين والكرم والشجاعة والنبل وحفظ الأمانة ويذم التعالي والتمايز الطبقي ونكران الجميل والإساءة للآخرين والذي لا تجده اليوم في اغلب المستويات الفنية التي اعتمدت في عملها على الفيديو كلب الذي هو عبارة عن حفلات ماجنة ومجموعة من النساء العراة لا غير والذي لا يصل إلى أي مستوى من الفن والإبداع ولا يحمل في محتواه أي نغم أو أداء فني جميل.
وإذا أردنا أن نرجع للإعلام العربي بصورة عامة هيبته ومكانته واعتباره فعلينا إظهار الاعتزاز والفخر بقيمنا ومبادئنا وان لا نستحي منها ونحاول أن نجسدها في كافة المستويات الأدبية والفنية وان لا نخضع للمخطط الاستعماري والذي يهدف إلى نزع تلك القيم والمبادئ والمثل العليا من المجتمع العربي والإسلامي.