23 ديسمبر، 2024 9:03 ص

الاستشراق والاستغراب والتقاطع الحضاري

الاستشراق والاستغراب والتقاطع الحضاري

الاستشراق بتعريفه المجمل شخص من الغرب يبحث ويقرا في ثقافة الشرق وينقلها الى الغرب فيسمى مستشرق، والاستغراب شخص من الغرب يبحث ويقرا ثقافة الغرب وينقلها الى الشرق فيسمى مستغرب، بعيدا عن ماهية الثقافة التي درسها وغايته منها ورايه بها بالنسبة للطرفين .
واما مصطلح حضارة فالمفهوم الذي يعتقده كل طرف هو محل خلاف والخلاف يقصد به مدى مقبولية ثقافة الشرق لدى الغرب والعكس كذلك مدى مقبولية ثقافة الغرب لدى الشرق ، والحضارة افضل ما قرات لها من تعريف هو ” نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، وتتألف الحضارة من عناصر أربعة: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخُلقية، ومتابعة العلوم والفنون؛ وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق ” .

عندما ينظر أي طرف لمورد او موردين من هذه الموارد الاربعة ويحاول ان يحكم على الاخر فهذا هو محل الخلاف ، والمشترك فيما بين كل هذه الاطراف هو الاسلام فالغاية والوسيلة هو الدين الاسلامي باعتباره خاتم الاديان ولازال بقوته ويزداد المسلمون يوما بعد يوم ، ولان مواجهته فكريا غير ممكن لذا لجاوا ممن يحملون نوايا غير سليمة الى التشهير بالخزعبلات المدسوسة في التراث الاسلامي هذا اولا وبالمسلمين الذين يجهلون اسلامهم فتصدر منهم تصرفات باسم الاسلام هي ليست من الاسلام ، وهذه في الوسط الاسلامي ، لذا قامت قوى الشر باستخدامهما في تصنيع حديث موضوع او مسلم متطرف حتى يكون المعول الذي يهدم الخطاب الاسلامي مع قوة الوسائل الاعلامية .

المورد الاول وهو المورد الاقتصادي والمورد الاقتصادي هو اضافة الى الموارد الطبيعية هي الموارد التصنيعية والزراعية وهنا اول نقطة لم تكن بالمستوى المطلوب لدى المسلمين فالخيرات موجودة والايدي العاملة موجودة والخبرات موجودة لكن الادارة والمتمثلة بالسلطة غير موجودة ولان الحضارة تبدا من حيث ينتهي الاضطراب والقلق وهاتان الخصلتان يعمل عليهما الحكام الطغاة حتى لا تنهض الامة الاسلامية .

واما النظم السياسية او التعاليم الخلقية فان الدين الاسلامي هو مهد هذه النظم والاخلاق ولكن وفق تسميات واسس ثابتة ومتسلسلة ومتماسكة ولان الغرب يستحدث مصطلحات تختلف بالتسمية عن ما موجود في التراث الاسلامي فيعتقد البعض انها نقطة تحول وايجابية للغرب وهنا الاشكال فالمستغرب يرى تصرفات سليمة تدل على الخلق العالي والبناء للمجتمع في الغرب ولا يراها في الشرق ولو قلنا له اطلع على التراث الاسلامي وستجدها ، نعم انها موجودة ولكن للاسف غير معمول بها كما يجب وبالشكل الذي عليه الغرب فالانسان دائما ينظر الى ما موجود امامه ولا يبحث في التراث ليرى كيف يتصرف ، ومن هنا يعمل المستغرب على نقل هذه الثقافة الى الشرق دون تنقية بعض التصرفات التي يبدو ظاهرها انها حسنة ولكن واقعا هي سيئة وتؤدي الى هدم المجتمع الانساني ، والنتيجة الموردان الخاصة بالسياسية والاخلاق ما موجود في التراث الاسلامي افضل بكثير مما يدعيه الغرب ، واما المورد الرابع وهو العلوم والفنون، فالكفة تميل الى الغرب فيما يخص العلوم في الوقت الحاضر وبالنسبة للفنون فانها تخضع لراي الفقهاء لان الكثير من الفنون تحط من اخلاق المجتمع ومنها على سبيل المثال الافلام السينمائية الخاصة بالحرية الجنسية وزواج المثل ورسم الصور غير الاخلاقية والغناء والرقص وغيرها من الامور التي تهدم اواصر المحبة بين افراد المجتمع فانها لا تخضع لمعيار الحضارة اطلاقا .

وعندما يحتدم النقاش بين المستغرب والمسلم فان سببها هو التقاطع في المختلف فيه ، فالمستغرب ينظر الى التطور العلمي والميداني في الغرب وهذا لا يعني انه افضل من الاسلام بل ان المسلمين لم يرتقوا الى تلك الدرجة ليس بسبب الاسلام بل بسبب الحكام او انفسهم فيهم الخلل ، ولان التفكير المادي هو الذي يطغى على رغبات الانسان لذا تراه ينقاد نحو الجهة او الثقافة التي تحقق له رغباته المادية او الشهوائية فالمهاجر بشكل قانوني لاوربا تكون له حقوق من الحكومات الاوربية من مصرف وسكن ورعاية صحية بينما المواطن في الدولة الاسلامية محروم من هذه الحقوق والنتيجة تؤدي الى ارتدادات عكسية تفكيرية لدى المستغرب ضد الاسلام .

اغلب الاحكام الاسلامية لم تر النور في المجتمعات الاسلامية بسبب الحكام مما يؤدي الى عزل رجل الدين عن صناعة القرار، والا لو ثبتنا اسس الحوار مع المستغرب باصل المفهوم الذي يكون محل الخلاف لتبين له احقية الدين الاسلامي على غيره ، على سبيل المثال عندما يطالب بالحرية الجنسية للجميع ولكنه لا يرضاها لذويه لماذا ؟ والحرية الجنسية هي هدم لكيان المجتمع وهذا ما هم عليه الغرب ، ولكن مراكز القوة المؤثرة تسيطر عليها الطغمة الحاكمة من حيث الموارد الاقتصادية والصناعة العسكرية ووسائل الاعلام وفيما عدا ذلك افعل ما شئت فانها لا تلتفت اليك وهذا الفخ الذي يقع فيه المستغرب تحت عنوان الحرية .

والكلام يطول والملخص ناقش في اصل نقطة الخلاف وليس بالعموم مثلا كلمة حضارة وان الغرب افضل من الاسلام وهذا هو الشذوذ في النقاش .