يقول نابليون بونابرت رجل واحد ذكي من الاستخبارات خير من الف مقاتل في ميدان الحرب ، هذا تاكيد لاهمية الاستخبارات ، ولكن هل قصد نابليون الاستخبارات كما تقوم به مؤسسات الدول في العالم لاسيما التي فيها عقدة التسلط على الاخرين؟
وما اغتيال اسماعيل هنية في ايران الا اعتبروه خرق امني يتحمل المسؤولية هي الاستخبارات وكذا الحال بالنسبة للسابع من اكتوبر يثبت فشل الموساد ومهنية استخبارات حماس
في الاسلام الاستخبارات مهمة جدا قد يكون هنالك خلط بين عدم التجسس والاستخبارات، فالايات القرانية وروايات السنة الشريفة تؤكد حرمة الاطلاع على خصوصيات الاخرين والتجسس عليهم وحفظ اعراض المسلمين ، يقول الله عز وجل ” ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ” الحجرات /13 ، اي لا تتبعوا عثرات الاخرين ، وقال ابو عبد الله (ع) من قال في مؤمن ما راته عيناه و سمعته اذناه فهو من الذين قال الله عز وجل : “ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب اليم” ، وعن رسول الله (ص) تاكيده بعدم تتبع عورات المسلمين ” لا تذموا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فان من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته …” ، وكثير من الايات والروايات على هذا القبيل .
لياتي السؤال اذن كيف يمكن عمل الاستخبارات ؟ للاستخبارات اصول على الاجمال اربعة هي : مراقبة العمال والموظفين وهل يقومون بعملهم صحيح ، مراقبة التحركات العسكرية للاعداء ، مراقبة نشاطات المخالفين والجواسيس واهل النفاق ، مراقبة احوال الناس في حاجياتهم .
هذه المهام تصب في مصلحة المجتمع الانساني ، وقد ذكرت كثير من الروايات عن بعض الخلفاء كان يتنكر ويتجول بين المسلمين ليطلع على امورهم بعيدا عن نواياه فمنهم ليرى هل انه محبوب بالرغم من ظلمه ام ليرى احوال رعيته .
واما مسالة الاستخبارات الخاصة عن عدو الاسلام فهنالك روايات واحداث كثيرة يامر بها رسول والله واهل بيته عليهم السلام منها مثلا في عهد الامام علي (ع) الى مالك :” ثم لا تدع ان يكون لك عليهم عيون من اهل الامانة والقول بالحق ـ يقصد الجند والعمال ـ ” ، وكان عليه السلام كثيرا ما ينبه او يعزل ولاته قائلا لقد بلغني عنك كذا وكذا ، وهذا هو عمل الاستخبارات الصحيح ، ومنها ندب رسول الله (ص) طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة ليتجسسان على خبر العير القادم من الشام والتابع للمشركين ، وكذا في واقعة بدر ، وكذلك بعث العيون في معركة الخندق على المشركين فجاؤه بالخبر انهم تحالفوا مع اليهود لقتاله فاستعد لهم بعد مشورة اصحابه ، والروايات كثيرة جدا .
غايتنا ان الاستخبارات هي عيون لحماية المجتمع من الاعداء وليس للتجسس على الناس واغتيال واعتقال من لا يتفق والحاكم ، وقد ظهرت الكثير من المؤلفات والاخبار والتقارير عن عدم مهنية الاستخبارات في العالم وعدم التزامها بالقوانين والاخلاق الانسانية لاجل اغتيال كل من لا يتفق وسياسة الطاغية والامثلة كثيرة جدا ، لاسيما في عصرنا هذا وبوجود الفضائيات والنت التي هي بمتناول الانسان .
ومن اهم ما يحذر به الاسلام هو عدم مشروعية التعذيب ، بينما نرى في هذه المنظمات ( سي اي ايه ومن على شاكلتها ) فانها تتفنن في ابتكار اساليب التعذيب بل تصنع الالات واجهزة خاصة بالتعذيب ولعل موسوعة العذابات للمحقق عبود الشالجي رحمه الله يكشف عن هذه الجيف عبر التاريخ سواء كانت في العصور الاسلامية او من بعده لكن في السيرة المحمدية لا يوجد شيء اسمه تعذيب ، اقصى ما يسمح به الاسلام هو حبس المتهم ستة الايام فان لم يعترف اطلق سراحه .
حدث ان احد الكلاعيين قدم شكوى لاحد صحابة النبي يتهم شخص بسرقتهم فقام الصحابي بحبس الشخص وبعد ستة ايام لم تثبت التهمة فاطلق سراحه فاشتكى صاحب الشكوى وقال هل عزرته او جلدته حتى يقر ؟ فقال لو جلدته ولم يقر فيجب ان اجلدك كما جلدته للعدالة .
اليوم اصبحت عيون الاستخبارات اكبر منظمة ارهابية في العالم بحيث تثير الهلع لدى الناس لا سيما طواغيت الارض وقد مرت في العراق فترة الطاغية وكيف كان الوضع والمهزلة بعينها عندما تسمى دائرة الارهاب بالامن العامة اي امن هذا ، واما الموساد الصهيوني فحدث بلا حرج وكم من عملية اغتيال قاموا بها بل قبل ايام عرضت افلام لتعذيب سجناء فلسطينيين ، اين هو المجتمع الدولي والقانون الدولي وحقوق الانسان من هكذا تصرفات ؟ هذا يثبت عدم شرعية اعمالهم .