22 نوفمبر، 2024 12:55 م
Search
Close this search box.

الاستجواب السياسي

لايوجد استجوابٌ حكوميٌ أو برلمانيٌ في كل العالم غير سياسي ،  إلا اذا كان  استجوابا لمجرمين في السجون ومراكز التحقيق . ولايوجد تعامل بين أحزاب أو تدافع أو تحاصص أو تنافر أو تشهير أو تكبير الاّ وكان مسيّسا ، فالسياسة لعبة متشعبة وتبرير جاهز لكل فعل عدى الافعال الجنائية واللااخلاقية بالطبع . ولذلك نرى ان وثيقة البراءة القانونية او مايسمى بعدم المحكومية تنص على عدم الحكم بجريمة مخلة بالشرف او تهمة غير سياسية .  وعليه ينبغي ان يعتز المسؤول العراقي   لأن  دوافع استجوابه في البرلمان دوافع سياسية ، سياسية، بمعنى السياسة  الصريح السليم الايجابي الأمين ، معنى الاستحقاق و الرقابة والخبرة  والتنافس ، معنى الحساب والثواب، والتحقق من سلامة الأداء وأمانة الذمة. لكن التهم التي توجه   ( لظاهرة ) الاستجوابات المتتالية لوزراء حكومة السيد العبادي، لاتعني السياسة ذاتها ، بل تغمز لعناوين أبعد كثيرا من الحرص على مصالح البلاد ، غمز من نوع التصفيات والُثأر بين متشابهين متشاركين في وليمة الوطن الواحدة، سكتوا جميعا عن انفسهم جميعا لاكثر من ثلاثة عشر قرنا هي سنوات مابعد الفين وثلاثة … فقد أدهش العراقيين هذه الصحوة البرلمانية المفاجئة  لاستجواب الوزراء استجوابا تحت الحزام  لايشفع معه تمثيل ولا اخراج، واطلّع العراقيون في مشهد متأخر جداً على وزراء بلادهم يتساقطون واحدا واحدا مع رطب الصيف من شجرة الحكومة، وسط صمت جذعها   وفلاح الحقل المسؤول عن كل صغيرة وكبيرة فيها ، وقبلها اقتطعت اغصان بكاملها  كانت تُصوَّر لنا على انها (الحل) وانها قادمة من معشر العلماء او معشر الاقتصاديين او نادي السبع صنايع، فنكتشف بعد توقف (الكاميرا الخفية) انهم ليسوا تكنوقراط!!   لاشيء يحدث لا أ حد يجيء ، سوى اضافة فقرة مهمة الى جدول السيد رئيس الوزراء، هي متابعة استجواب وزرائه على التلفزيون لملء شواغرهم بالوكلاء . ومع ذلك فالشيء المشجّع في الموضوع  اننا بتنا على أملٍ باستجواب كل المقصرين ، من عمال النظافة الى المقاولين الذين استلموا الفلوس وماسلموا المشاريع لحد الان ، كي يستجيب الله ولو مرة واحدة لدعاء المساكين و يريهم يوما بهؤلاء في الدنيا قبل الاخرة ، لنرى رؤيا العين المجردة في السجون ،كلَ من سرق من مال العراقيين سواء كان المبلغ دولارا، أو ستة مليارات واربعمائة وخمسين مليون دولار.
 فمهما كانت الوجوه ومهما تَتلْتلَتْ الدوافع،  لايعني ذلك للعراقي شيئا   ، طالما لم يحظ هذا الشعب بوزير بارز يدخل تاريخ العراق بالعمل والانجاز والنزاهة  ، مثل وزير المالية العراقي  اليهودي الشهير ساسون حسقيل ، او وزير المالية المصري خالد الذِكر الشهير طلعت حرب، الذي انقذ مصر من التبعية الاقتصادية واسّس لها البنوك الكبرى ووضعها على سكة الاستقلال  قبل حكم العسكر وحكم رجال الدين، طالما لايوجد في العراق اليوم وزير مثل هؤلاء نقيم له تماثيل الشكر والعرفان، نسمي باسمه شوارعنا لنذكّر ابناءنا بانجازاته ، تماثيل لانحطمها بعد ان نسحله بانفسنا، أو تكسر رأسه الولايات المتحدة الامريكية، طالما لايوجد  ذلك النموذج المشرّف اليوم،  فليضرب بعضُهم بعضا، وليكشف الرفاق رفاقهم الذين رَموا بالوطن وشعبه على قارعة طريق العالم، السائر الى التقدم والبناء والحياة   ، ليكن ذلك، وابو زايد ، فقد انتهت بينهم اللعبة على مايبدو الى ضربات الجزاء.

أحدث المقالات