19 ديسمبر، 2024 2:22 ص

الاستثمارات تهرب من العراق

الاستثمارات تهرب من العراق

ليس هناك من خلاف على ان الاستثمار يحتاج الى بيئة آمنة ومن يريد ان يخرب اقتصاد اي بلد يوجه ضرباته الى استقراره الامني كما هو الحال في العراق. والمقولة الشهيرة بان رأس المال جبان ويهرب من المناطق المضطربة والتي تشهد صراعات وحروباً.

الهجمات التي شنتها وزارة الداخلية على الفنادق في العاصمة بغداد هي ليست الاولى التي تستهدف المستثمرين، فالوزارة تعرف وتعلم علم اليقين ان شركات استثمارية اجنبية تستثمر هذه المطاعم والمستثمرون افادوا للقوة المداهمة بهذا، واكيد لدى الجهات الامنية التي اعطت الاقامة نسخ من عقود هذه الشركات السياحية وحتى انها تعرف حجم المبالغ الموظفة. والبلاد احوج ما تكون الى تنشيط الجانب السياحي الذي يحوي اعداداً كبيرة من البطالة علاوة على انه يجلب السياح الى البلد، فالصناعة الفندقية التي هي جزء من الخدمات السياحية ضرورة وشرط اساس حيث يتوجه السياح الى اي بلد كان ومنها العراق الذي يعاني من الممنوعات والمحظورات اكثر من اي دولة في العالم، بل ان السائح يخشى التجوال بعد غروب الشمس خارج فنادق الدرجة الاولى التي بدورها اصبحت غير آمنة، حين ارسل وزير الداخلية مفارزه لمهاجمتها دون مبرر سوى الاستناد على قرار من ايام الطاغية صدام حسين.

لا يبرر لوزير الداخلية استنكاره ومزاعمه بانه لم يوجه باستخدام القوة المفرطة لتنفيذ قراره او التعسف في تطبيقه، فالمهاجمة بحد ذاتها خرق مقصود للحريات العامة، وانها جاءت بعد ايام من مهاجمة الاتحاد العام للادباء والمثقفين في حين يغض النظر عن النوادي والملاهي التي اتخذت من اسماء ثقافية خلفها تمارس عملها بحرية لانها محمية وسيارات الاجهزة الامنية ترابط عند ابوابها ولسنا نحرض على هذه ايضاً، وانما للتذكير.

للاسف ان هذه الهجمة اعطت رسالة سيئة الى المستثمرين في انحاء البلاد المختلفة، وفي قطاع خبرتنا فيه ضعيفة ولا نستطيع ان نديره او نطوره ويتطلب استثمارات ضخمة وارضه بكر، والدول التي فيها مقوماته وما اكثرها في العراق تشبهه بالنفط الدائم.

*لا يكتفي الاعتذار، وان كان التراجع عن الخطأ فضيلة، لسان حاله يقول ان هذا التحرك البوليسي والاعتداء مخطط له، والاعتذار للتعمية وانه حقق اهدافه، ما لم تتخذ اجراءات حقيقية لحماية المستثمرين والاستثمارات، واعلان نتائج التحقيقات والمرتكبين على الملأ كي يكونوا عبرة لمن يتهور في تنفيذ القانون.

ما الفائدة من ابداء الاسف، الذي اصبح نغمة تعزف مع كل اعتداء على الحريات العامة وعلى ممتلكات المواطنين.

ولا نعتقد ان توجيه رئيس الوزراء كاف ما لم يتابع النتائج ويزيل الاجراءات التي يستند عليها من يريد التطبيق على المستثمرين وابتزاز الشركات، ما دامت باقية ولم تلغ سوف يستمر المسؤولون الحاليون او القادمون في التجاوز والتعدي، لاسيما ان الحكومة ضعيفة والفوضى تدب في البلاد والامان يكاد يكون مستحيلا في ظل السياسات المتبعة.

في بلدنا صيف الاستثمار وشتائه في آن واحد، ففي الشارع تجد مشروعاً يعمل بحرية وحماية الاجهزة الامنية وآخر يقمع ويضطهد ويخرب ويدمر، لا اعرف لماذا لا يستفيد المسؤولون من التجربة الكوردستانية ونهوض القطاع السياحي فيها خلال فترة قصيرة وتطوره وكيف اصبح قبلة للعراقيين لولا داعش والظروف الامنية.

لاحظوا سياسة التحريم والتجريم في بناء المشاريع كيف جعلت المحافظات التي تحت سيطرة داعش خراباً ولم يعد فيها معلماً عاملاً، فماذا يريد البعض ان نكون؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات