منذ ان وطأت قدمي أرض الصحافة بكلية الاداب قسم الصحافة ببغداد علم 1974 ، وجريدة الجمهورية من العام نفسه ، يوم كان يرأسها المرحوم الاستاذ سعد قاسم حمودي أبرز اللامعين من رجالات الصحافة المحترفة ، يوم كانت صاحبة الجلالة حقا وحقيقة، والاستاذ هاشم النعيمي أحد مندوبيها الأكفاء ومن عمالقة مندوبي الجريدة في السبعينات وما بعدها!!
أجل لقد كان الاستاذ هاشم النعيمي رحمه الله ، ، بكامل اناقته المعهودة ، يعمل بصفة (مندوب اخبار) الا انه ما ان تنظر اليه حتى تجده أشبه بوكالة اخبار قائمة بنفسها، في وقت يسابق الرجل الزمن مع أغلب مندوبي ذلك الزمان، ويكون له دوما القدح المعلى في المادة الصحفية التي تشفي غليل العاملين في قسم المحليات بجريدة الجمهورية الغراء ، وكل الانظار تتجه الى رجل أشبه ما يكون بـ ( الانسان الآلي) ان صح التعبير وهو مندوب محترف خبر كل أسرار المهنة وأتقن فنونها الصحفية، ويعد خلية نحل لاتتوقف عن النشاط الاخباري لجريدة الجمهورية التي لها قراؤها ومتابعوها في ذلك الوقت..!!
حقيبة الاستاذ هاشم النعيمي كان بامكانها ان تصدر جريدة بأكملها لو توقف كل عمل المندوبين الاخرين، ولو لم يتبق اخبار لوكالات الانباء التي كانت انذاك تقتصر على وكالة الانباء العراقية ووكالتي رويترز والفرنسية وبعدها انضمت الى العمل وكالة انباء الشرق الاوسط، لكان بمقدوره ان تكون اخباره زاد الجريدة الوحيد!!
اعتاد الاستاذ هاشم النعيمي رحمه الله على حمل (حقيبة دبلوماسية) تحتوي على عشرات بل ربما مئات الاخبار التي حصل عليها بجهده الشخصي من مختلف وزارات ودوائر الدولة العراقية، وقام بتحرير العديد منها، حتى تكون جاهزة للنشر متى شاءت الجريدة ان تطلبها منه، وقد يكون معتمد الجريدة الاول فيما يحصل عليه من اخبار وتقارير اخبارية وربما اعلانات بسيطة، لكن مهمته الرئيسة هي الاخبار وتناقل مضامينها، وهو يعد أكبر مندوب متجول، يستقل باص مصلحة نقل الركاب في كل تنقلاته ، ولا يكل الرجل او يمل، انه فعلا خلية نحل كما ذكرنا يستخرج متى يشاء عسلا اخباريا يرتشف منه القراء ما يروي غليلهم الى الخبر والمعلومة الصحفية فابدع الرجل فيها ايما ابداع.
هذا بعض وفائنا للرجل ان ننصفه بالرغم من انها بضع كلمات لكن الرجل يستحق ان يؤلف عن عالمه الاخباري كتابا متخصصا عن سيرة رجل مبدع دخل دهاليز الصحافة وعرف دروبها ومسالكها وعرف من اين يؤكل الكتف كما يقال، وكيف يقتنص الخبر من مختلف مصادره فكان (موسوعة اخبارية) رحمه الله، لايجاريه في السبق الصحفي أي من زملائه في سنوات السبعينات والثمانيات!!
لقد كان الاستاذ هاشم النعيمي مدرسة اخبارية وهو يعد علما من اعلام الصحافة العراقية يفترض ان تذكر فضله الصحافة العراقية ونقابة الصحفيين العراقيين ويكرما هذا الرجل ، لما كان لديه من مكانة صحفية مرموقة، تعد فخرا للصحافة العراقية في ذروة نشاطها الاعتيادي وبلا تعقيدات فنية ، وبرغم كل مصاعب الطريق الطويل الذي يقطعه كل يوم، مشيا على الاقدام، أو حين يستقل باص مصلحة نقل الركاب، للوصول الى مصادر الاخبار!!
رحم الله هذا العملاق الصحفي الاستاذ هاشم النعيمي، واسكنه فسيح جناته..ويتذكر رواد جريدة الجمهورية في السبعينات وما بعدها هذا العلم الذي كان شامخا يرفرف في الاعالي، وكان مفخرة الصحافة العراقية على كل حال، وهو يستحق منا ان نذكره بالعرفان، إكراما لمنازل من كانت لهم لبنات يشار لها بالبنان في أرقة صاحبة الجلالة وسلطتها الرابعة!!