23 ديسمبر، 2024 5:53 ص

الاستاذ أمجد توفيق لبرنامج (بصمات): (الثقافة) تعرض على أرصفة الشوارع بينما تعرض(الأحذية) في واجهات زجاجية جميلة !!

الاستاذ أمجد توفيق لبرنامج (بصمات): (الثقافة) تعرض على أرصفة الشوارع بينما تعرض(الأحذية) في واجهات زجاجية جميلة !!

حوار تلفزيوني جميل وممتع يدعوك لمتابعة كل كلمة قالها الروائي والقاص والكاتب والصحفي والمبدع الكبير الاستاذ أمجد توفيق ضمن برنامج (بصمات) وترك الرجل فيه أكثر من (بصمة) ، للقضايا المهمة والجوهرية الكثيرة التي أثارها الرجل في هذا البرنامج الشيق،عما وصل اليه حال الثقافة والمثقفين وعموم الانتاج الثقافي والأدبي العراقي ، حتى انه وصف حالة الثقافة في هذا البلد بأنها إتجهت نحو الانحدار، بسبب ظروف ما الت اليه الحروب والأنظمة التي تعاقبت على حكم هذا البلد واوصلته الى هذه الحالة التي يرثى لها،والتي راح الانتاج الثقافي والابداعي والكتاب بشكل عام يعرض على أرصفة الشوارع، بينما تعرض (الأحذية) في واجهات زجاجية جميلة، وقس بعد ذلك حال الثقافة والمثقفين ، وحال ابداعهم وعصارة عقولهم، وهي تبحث عن (مكان آمن) يليق بها وبمكانتها ، تعرض فيه انتاجها بلا جدوى!!
وبالرغم من ان الرجل استعرض نتاجات ابداعه من الرويات والقصص وما اسهم به في حقل الثقافة والاعلام وعموم اعماله الابداعية واستعرض مضامينها ، لا ليباهي بها الرجل بالرغم من أهميتها وما أثارته من ردود فعل ولاقت استحسانا كبيرا لدى متابعيها ، ولكن لكي يقول للآخرين ان الابداع والانتاج الثقافي للانسان لايتوقف عند محطات بعينها، ومتى ما شعر انه توقف عن العطاء فهذا يعني (موت الانسان) !!
كان للزمن واهميته ودوره الحاسم نصيب كبير من الاثر البالغ الذي يتركه على مقدرات البشر، والمثقفون هم (أسرى) لتقلبات الحياة وهمومها، ولكنهم في المقابل قادرون على الخروج من ضغوطها ومتاهاتها ليرسموا عالمهم هم،ويتركوا (بصماتهم) ويكون لوجودهم (معنى) ، وكانت مضامين روايته الاخيرة ( الساخر العظيم ) تعني ان الزمن هو الساخر العظيم الذي يسخر منا جميعا وهو يلقي بكل أثقاله علينا، وهو من يفرض ارادته على بني البشر، بضمنهم المبدعين ، وهو من  يقرر لنا شكل الحياة أو الموت الذي ينتظرنا، أما (الخلود) الذي يبحث عنه المبدع فهو فيما يقدمه من عطاء ثقافي وابداعي وقيمي وتكون هي نتاجه الذي يبقى في النهاية، يكون له (خليفة) ورافدا لن يتوقف جريان نهره ، فالشمس من وجهة نظر الاستاذ أمجد توفيق تمر على كل الكون وعلى ملايين البشر دون ان تنظر الى حال هذه المجموعة البشرية أو تلك وما اذا كانت أحوالها حسنة او سيئة، مفرحة أم حزينة، وكذلك النهر ، فهو لايعرف ان من يجلس على جانبيه عاشق ام قاتل ، وهو لايدرك مشاعر كل من يمرون بقربه ولايعرف أهواءهم ولا أمزجتهم، وهكذا الحياة، يمر عليها البشر واقدارهم هي من ترسم لهم معالم خطواتهم ، والى أين يسيرون واين يتجهون وكيف تنتهي أحوالهم وما يؤول اليها مصيرهم!!
وربما كانت الرواية الاخيرة للاستاذ أمجد توفيق التي لم تطبع بعد وهي ( الساخر العظيم ) التي تتجاوز الـ (600) صفحة لتشكل احدى المحطات الفارقة في حجم الابداع الروائي للكاتب المبدع والقادر على ان يحدث ما يشبه (الانقلاب) ،في عالم الابداع الأدبي الثقافي، لما يحتويه من فلسفات وعبر ومواقف وسلوكيات وقيم ،وتكاد تكون ( قنبلة الموسم) لما تحتويه من أفكار مبدعة مثيرة وبأدوات مختلفة عن تلك الروايات التي شهدناها من قبل، ففي كل رواية تكون ادواته مختلفة تماما وهذا سر أي مبدع ، فلكل مرحلة أسلوبها وطريقة كتابتها ومضامين افكارها، لكن رواية (الساخر العظيم) هي من تعيد الثقافة الى أفقها  الرحب وعالمها المثير ، وهي انتقالة نوعية ينتظر الكثيرون ان تكون كأس شرابهم الذي يسحرهم ، ويتمعنون في كل هذا الكأس الكثير للانتباه ، ليكون مبتغاهم الى ما يحلمون به من ارتقاء سلالم المجد، ولكي يرتقي الانسان بعقله وافكاره، لكي يتحدى الزمن، ويبقى الانسان المبدع ( رقما صعبا ) في معادلة الثقافة في عالم اليوم!!
مقابلة تلفزيونية امتازت بأنها حاورت عقلية (صعبة) تمثل كل فكرة للاستاذ أمجد توفيق (فلسفة) بحد ذاتها، وتبقى انت حائر في كيفية التوفيق بين كل هذه الرؤى التي يطرحها، بالرغم من انها من (السهل الممتنع) ولكنها ربما تحتاج الى مجلدات كي توضح مدلولاتها للكثيرين ، فهو مبدع ( صعب التكوين) و (شخصية متمرسة) ليس بمقدور برنامج تلفويزني أن يلم بها ، لكن الزميلة والاعلامية المبدعة (نغم التميمي) استطاعت ان تسبر بعض أغوار الرجل، فإستخرجت منها لآليء ودرر،وكنوز من المعرفة ، ما ان تقلب مضامينها حتى تجد انك امام ( فيلسوف) يطرح الافكار والنظريات ، ويدخلك في متاهات البحث عن مكنوناتها، لكنه في المقابل ( إنسان بسيط ) من حيث تكوين الشخصية الانسانية المجتمعية ، يوصل اليه الافكار المعقدة، بأسلوب مبسط ، وان يفتح عقول الاخرين وينيرهم لسحر بلاغته، وما يطرحه من رؤى ومضامين وتوجهات واهداف وقيم عليا، وتخرج من لقائه، وانت قد تخرجت من (أكاديمية) كبرى بالرغم من انه لايعترف بالمؤسسات التعليمية والثقافية ودورها في صنع المبدع ، والمثقف بوجه عام، ولا يمكن للمبدع ان يعلق آمالا على (الشهادة) في انها تضيف للعمل الثقافي والادبي بشكل خاص أشياء كبيرة، لكنها يمكن ان تكون عونا له في الحياة، بينما قد تؤدي بك الثقافة الى (خسارات) أي ان المبدع لايبحث عن ( ربح ) أكثر من ان يجد من يتابعون أعماله ويستفيدون منها وتترك أفكارا تسهم في رقي عقولهم وتصعد بها الى حيث أمنيات المرأ الى المثل والقيم العليا، كي تشبع رغباته الدفينة في ان يكون لحضوره (معنى) والا فأن دورة الحياة تبدأ من الطفولة وحتى ينتهي عمر الانسان دون ان يترك ما يمكن ان يخلفه عقب موته، لكي يسير بعمله الابداعي الى ( الخلود)!!
تحدث عن شخصيات مرت على مجتمعنا بعد الاحتلال صعدت فيه تلك الشخصيات من (قاع الحياة) الى أعلى مراحل الاهتمام وان يكون لها دور كبير في تقرير مصير البشر، من خلال استعراضه لمضامين روايته (الظلال الطويلة) التي  أرخت لمرحلة عراقية مهمة في تاريخ العراق بعد الاحتلال، وكيف تصرف من قدموا بعد تلك الفترة، وخيبة أملهم مما كانوا يحلمون بتحقيقه لبلدهم، واذا بأحوال الدنيا وقد أنقلبت الى أسوأ حال!!!
ربما توقف الاستاذ امجد توفيق عند اهم المحطات في عمله الوظيفي وهو وان لم يعرها كثيرا من الاهتمام الا انه استعرض اهم مشروع فضائي اسهم بتأسيه وهو (قناة الرشيد الفضائية) وقبلها قناة البغدادية الفضائية وبفضل قدرته الفائقة في الادارة وحسن التنظيم والاداء المتميز فقد بنى فضائية كانت رائدة في عالم الفضائيات وهي قناة الرشيد، التي حرص على ان تبقى حيادية تتجه للحفاظ على الجانب الاعلامي وليس الدعائي، ومدها بالخبرات والكوادر المتميزة، ووفر لها كل مقومات النجاح والدعم بلا حدود، لكي تتحول الرشيد، الى عروسة يتغنى بجمالها الاخراجي ومضامين برامجها واخبارها وحياديتها ومهنيتها ما اوصلها الى ان تشق طريقها قمرا منيرا، بين الكواكب يتلألأ وهجهها، وما ان خرجت عن كل تلك السمات بعد ان غادرها بعد خمس سنوات من الاشراف اليومي الدائم والمثابر ، حتى انطفأ بعض نورها، ولم يتبق من ذلك البريق ووهجه سوى إسمها، الذي اعتاشت على فترتها الذهبية التي تألقت فيها، وتمنى الكثيرون لو بقيت كوكبا ينير سماء الابداع كما كانت من قبل، وما ان تحولت الى وسيلة للدعاية حتى فقدت الكثير من مقومات نجاحها.المقابلة الحوارية في قناة الديوان الفضائية وضمن برنامج (بصمات) كانت أكثر من رائعة ، وما ان تسمعها وتشاهد مجرياتها حتى تشعر انك امام عوالم من الجمال والاشعاع القيمي الرفيع تنهل من روائعه ما يشفي غليل الطامحين الى التلذذ بمكامن الابداع وروافده..ولنا ومن جميع محبي الاستاذ أمجد توفيق والمتابعين لأنشطته الابداعية كل محبة وتقدير..وامنياتنا له بالتالق الدائم!!