ليست اعباء ومهمات الحكومات في كل انحاء العالم بالهينة واليسيرة ،وليست هي كذلك يمكن ان تكون منتجة على مر الايام والشهور، وليست هي ايضا فرصة دائمة للامتيازات والمناصب والغنائم كما يتصورها اويتحدث عنها البعض ، فهي تركيبة وجهاز ضخم قابل للنجاح او الفشل ، وقابل ايضا للتصحيح والنهوض مجددا …..ومابين الفشل والنجاح والتصحيح تتجلى النوايا الصادقة لتحدد طريق النجاح بعدما تؤشر وتتجاوز مراحل الفشل ، وهذه جدلية مستوحات من تجارب الحياة وقوانين النمو السليم ، ومناهج العمل في الاطر الجمعية ، فهل نجحت الحكومة العراقية في تحقيق المنجزالوطني ، ام انها لم تحقق النجاح المنتظر ، الا انها يمكن ان تكون قد اخفقت ولم تعالج هذا الاخفاق بالشكل الصحيح ، ولكن لنتذكر حديث السيد المالكي عندما اعلن عن تشكيل الحكومة قوله بأنه غير مقتنع بهذه التشكيلة ،وهذا يعني انه قاد حكومة عرجاء اجبرته ظروف الضغط السياسي لذلك فهل هذا الرأي قد اصاب الحقيقة وتحققت نتائجه فيما بعد حين تم التأشير على اخفاق الكثير من الوزارات في عملها ، ولماذا لم يجر تدارك ذلك في حدود تطابق المفاهيم الدستوؤية التي اكدت على انتخاب مرشحين اكفاء لتكوين برلمان كفوء يؤسس حكومة كفوءة تسطتيع ان تخدم الشعب وتتحمل مسؤولياتها وتتحسب دائما للاجراءات الاستباقية لدرء كل الاخطار والاخطاء التي يمكن ان تواجهها وهذا مالم يحصل على الاطلاق .
فعام 2012 كان بحق وحقيقة عام الازمات تعقدت من خلالها كل الاشكالات وتناحرت الافكار وتفككت النوايا واصبح الوضع العراقي هشا ومرتبكا قابل للاختراقات التي يمكن ان تتحول الى ضربة قاضية اذا لم نقل انها يمكن ان تعطل التنمية وتضعف قدرات التجربة العراقية في محاولة للعودة بالعراق الى مربع اعوام القتل والطائفية والتدمير، وكان هذا العام بكل تعقيداته وظروفه الصعبة يمكن ان يكون بمثابة انذار بتصعيد الاوضاع وتأزيم الازمات دون التفكير بحلول تعتمد التهدئة وعدم الانفعال واتاحت الفرص للاخرين في حدود طرح الافكار واتخاذ القرارات وتنفيذ الارادات كي يتم احتواء المواقف الذي تحولت اليوم من حيز السياسيين الى الحيز الجماهيري الذي غالبا مايطلق صرخة الغضب والاحتجاج وهي صرخة عنيفة لابد ان تستغل سياسيا وتنفذ من خلالها بعض الاجندات الخارجية وربما الداخلية ايضا التي تريد تخريب العراق بل واسقاط النظام الذي غالبا ماكان بوصف من قبل بعض الفرقاء السياسيين من انه سبب كل الازمات .
نحن لانريد ان تصل الامور الى هكذا حال ، ولانريد ان نفتح كل الملفات بقصد تصعيد الموقف دون التفكير في الحلول ، ولانريد ان نتحدث عن كل الاشكاليات التي احاطت بالعراق وبشعبه ، فكل ذلك معروف لدى الشعب ولدى القوى السياسية ، وماينبغي هو وجوب اتخاذ المواقف تجاه كل الضرر الذي لحق بشعبنا وبلدنا ، ولكن علينا ان نفكر بعين العقل واتزان الحكمة كيف يمكن ان نخرج من المأزق ؟ وكيف نستطيع ان نخلق ، ولابد من ذلك ، الفرص الحقيقية للوئام الوطني والروح السمحاء للحوار الجدي والموضوعي بين كل الاطراف السياسية لأن تتفق على مبدأ واحد هو بناء عراق موحد وشعب متحد في حدود بناء دولة حضارية مدنية تسودها قيم الاصالة وروح التضحية وتتحقق فيها مبادئ المساواة والعدالة والقانون والديمقراطية وحرية التعبير ، وهذه احدى اهم مهام المنظومة السياسية التي ينبغي ان تعمل على تحقيقها وفاءا واحتراما لشعب العراق الذي بصم بأصبعه لكي يزكي كل من هو في المسؤولية ، وكل من يتحدث بأسم الشعب .
وهنا يبرز دور بعض الرموز السياسية الوطنية التي عرفت بعفتها وحكمتها وعدم انجرارها نحو المواقف المتسرعة والمتشنجة ازاء العديد من القضايا السياسية لتلعب دورا مهما في ابداء الرأي وطرح المشورة والتفاعل مع القضايا المصيرية بروح وطنية حقيقية من خلال تفهمها لمنظومة القيم التي تتفهم قيمة الاصلاح ، وليس عيبا او استصغارا على المالكي ان يستعين بمثل تلك الرموز وهو صاحب العقل المتفتح والمتزن والمؤمن بشراكة العمل الصادقة والجدية ، ولاضير من ذكر بعضا من هذه الرموز التي آلت على نفسها السكوت دون اطلاق التصريحات التي يمكن ان تحسب على هذا الطرف او ذاك ، فسماحة السيد عمار الحكيم من الشخصيات التي يمكن اولا اعتبارها امتدادا للمرجعية الدينية ، وهو رجل وسطي مقبول ومعتدل ويتعامل بحكمة العقل وعفة الضمير ويمتلك قناعة جماهيرية من خلال طروحاته التي اتسمت بالروح الوطنية والانسانية ، وسماحة السيد مقتدى الصدر الذي يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة وابن عائلة لها من المجد والشرف والنضال ماتمكنه ان يكون متواصلا مع هذا التأريخ من اجل خدمة الوطن والشعب بكل عقيدته وايمانه ، والدكتور عادل عبد المهدي السيد ابن السادة الاشراف الذين خدموا العراق وضحوا من اجله في احلك الظروف الصعبة والمرتبكة ، وهو الاقصادي السياسيى المتميز في اتخاذ المواقف المهمة في الاوقات المهة ولعل ابرزها استقالته من مجلس الرئاسة مضحيا بكل الامتيازات والمناصب ، والسيد جواد البولاني الذي اتخذ من العمل السياسي كأتجاه لخدمة الشعب ومساعدة الفقراء وهو الذي يحضى بأحترام كل اجناس المجتمع العراقي وكل السياسيين واركان الحكومة والدولة ، ولاننسى دوره الاستبسالي في وزارة الداخلية في مقارعة الارهاب والجريمة دون ان ينسب لنفسه هذا الدور معتبرا ذلك انه دور الحكومة وبدعم مباشر من رئيس الوزراء وهذا هو الحق والمنطق فيما يقال عندما يريد المسؤول ان يحقق قسمه في اداء الواجب ، وهو الذي فضل ان يركن نفسه بعيدا عن كل المتناقضات واكتفى بالحفاظ على سمعته التي اتسمت بالنزاهة والحكمة والتعقل ، هذه الشخصيات وربما اخرى من التحالف الكوردستاني او التحالف الوطني وغيرها من الاطراف السياسية يمكن ان تكون بمثابة الادوات والرموز الوطنية التي تحمل القدر العالي من الصدق والوفاء والانتماء الوطني والجرأة السياسية في تشخيص الاختلالات والتي يمكن ان تشكل خلية ازمة سياسية لمواجهة الازمات الارتدادية التي بدأت من خلال قضية صغيرة وتحولت الى قضية كبيرة يمكن ان تهدد امن واستقرار العراق ، المطلوب الان الانفتاح على مثل هذه الرموز وليس بالضرورة ان تكون القرارات والارادات محصورة داخل دائرة ضيقة تحسب نفسها هي صاحبة القرار ، ذلك ان القرار الصائب ينبغي ان يكون جمعيا فهو بحاجة الى المزيد من الاراء والافكار ووجهات النظر ، وهي ايضا فرصة كبيرة لطرح البمبادرات التي لابد ان تكون كبيرة ومهمة بل ستكون رائدة وشجاعة ووطنية فيا اذا استطاعت ان تحقق تحولا سياسيا في اطار الفكر ومفاهيم الدولة كي تنجلي كل الحقائق حتى يعرف الشعب العراقي حقيقة الامور وآليات تحقيق المطالب الشعبية التي لابد ان تكون من اولويات المعالجات التي تدخل ضمن مااقترح تسميته بالمرحلة الانتقالية للاصلاح والتنمية التي يمكن ان تكون احد نتائجها هو حل الوزارة وتشكيل وزارة تكنوقراط جديدة تلزم كل الكيانات السياسية وبالتنسيق مع البرلمان بشروط محددة لترشيح الشخصيات تعتمد على التخصص والقدرة والكفاءة وتتسم بالوطنية وصدق الانتماء العراقي ، ويمنع التعامل بأي شكل من اشكال المحاصصة الحزبية البغيضة التي كانت السبب الرئيسي في كل الاشكاليات التي رافقت بل واساءت الى كل شيئ في عمل الحكومة ، ويبقى كذلك مشروع اعادة الانتخابات في وقت مبكر احد اهم حلول المرحلة شرط ان تصحح كل اخطاء انتخابات السنوات السابقة ، فلا مجال بعد الان لاية اخطاء ترتكب بقصد اوبدون قصد .