22 نوفمبر، 2024 10:41 م
Search
Close this search box.

الازدواج الثقافي وازمة الصراع السياسي

الازدواج الثقافي وازمة الصراع السياسي

ان من العوامل الحيوية في هذا البلد هي الوعي الثقافي وقيمة المثقف فيه . ورغم  ماتعرض له العراق من ازمات حادة بفعل الحكومات والانظمة الغاشمة او بفعل المؤثرات والعوامل المحيطة بالعراق والمنطقة  . بقى العراق شعب تواق للثقافة وملهم للقراءة ومتابع وناقد يملك قدر كبيرا من الحرفية غير المقرونة بالشهرة والاعلام . وجميع ابناء الوسط الاعلامي والثقافي  للدول المزدهرة ثقافياً يعرفون قيمة القارىء في العراق  . ومعارض الكتاب التي تقام على طوال العقود المنصرمة تشهد ان هذا الشعب يقرا ويتابع بشكل كبير وتنطوي تحت عباءته اسرار لاتدركها سلوكيات افراده وانما مقدار الوعي الثقافي لهذا الشعب . ولكي ندرك ان المثقف هو لايفكر بديلا عن الشعب ولايستنبط حلولا خرافيه انما يحاول ان يجد حلا للمشاكل وان درجة الوعي العالية مهما كانت لاتندرج الا في خدمة الانسانية وفي اي من العلوم الاخرى  . ولايقاس المثقف بكمية قراءة المؤلفات وقيمتها وبحدود القيم المعرفية لديه . وفي كل الاحوال ان مصطلح مثقف نسبي ومثير كما المثقفين . من هم  ؟وماهي عناوينهم  ؟وماذا يريدون ؟  والابهام لاينطبق على المثقف والمثقفين . بينما الصورة مغايرة لمن امتهن مهنة واجاد بها ويندرج هذا على الفنان  ان كان طبيبا او محاميا او حدادا او نجارا او رساماً او نحاتاًاو موسيقياً .او كما السياسي الذي يسعى ان يصنع صيغة للحياة مغايرة لخصومه ولكن هل ينطبق ذلك على المثقف . وهل المثقف هو الازمة ام مشكل الازمة ولابد ان ندرك امراً بالغ الخطورة والحساسية في عمليه الازدواج الثقافي واثره في وسط المجتمع والسياسين بشكل خاص . وبما ان السياسي مهنة كما الفنان وان يختلف التوصيف لكن ليس بمقدور السياسي ان يصبح مثقفا  . وبامكان المثقف ان يصبح سياسي  وهو يدرك انه مثقفا بلاعنوان . وهواكبر قدراً ومنزلة من السياسي مهما كانت نجاحاته  .
وان من عظائم المعضلة السياسية في العراق  ذلك الازدواج الثقافي وتلك الازمة السياسية المستعصية في البلاد ومنها وابرزها ترفع المثقف على السياسي وبما يشعره بالدونيه وبحالة النقص المركب وفق حاجيات الناس وازماتهم . فالمثقف يستلهم الحقائق و يسطرها على الواقع  بينما ينهزم السياسي و يستجدي رجل الدين ليس ليفكر بالنيابه عنه او طرح حلول لمشاكل . وانما الحصول على صك غفران مخلد يجعل له حظوظ لدى الناخبين والناس عموما . ويبقى السياسي عنوان يستجدي الاخرين رغم الخدمات الجليلة التي يقدمها .  عكس المثقف الذي لاتهمه الهزات او المتغيرات التي تنعكس مع الزمن بقياسات بيانية . فهو يطرح رأيً او حلاً او نظرية وليس له سلطة التشريع او التنفيذ . بينما هذه السلوكية ولدت ازمة ثقافية واخلاقية لدى المواطن الذي لم يعد يحترم ذلك السياسي الذي اخذ دوراً مغايرا لما يمتهنه في ايجاد حياة افضل للناس .
كيف يحترم الناخب السياسي وهو يسطر مفاهيم الكذب والغش والخداع . كيف يحترم الناخب السياسي الذي يندرج في التبعية لشخوص وليس لمعتقدات او افكار . وان من اكبر ازمات الازدواج السياسي والثقافي . هي تلك المحنة التي يعيشها المجتمع في بروز ظاهرة  الامية  والجهل السياسي المطبق المغلف باعتبارات سلوكية ناتجة عن موروث عشائري وديني وبيئي سبب ازمة وانفصام بشخصية المجتمع العراقي.
 فلم تعد القدرات الابداعية والفكرية  والاخلاقية هي الفصل في الهوية القيادية لجماعةاو حزب او تيار . وها نحن نواجه تلك الانتقالة التاريخية في الارث السياسي والديني الذي نهجته الدولة الاموية وبدا يتجدد لدى مكون الشعب العراقي الذي دفع الملايين من اجل رفضه ومحاربته عبر التاريخ . نعم استخلاف ابناء الزعماء الدينيين والسياسيين والقبليين معضلة تواجه المجتمع العراقي الذي ينفرها واصبحت الان جزء من ازمة الازدواج .فبينما ينحسر دور المؤسسات والافراد التي تبرز الجانب الحضاري والانساني وبما يؤسس لدولة مدنية عصرية ترى الجماهير احياناً تندمج مع الطروحات البدائية والمشاريع الدينية والقبلية وبما يسجل اخفاق تاريخي في تطور الانسان العراقي .
هذه الميول والرغبات تعكس حقيقه الازدواج والازمة التي يعيشها المواطن ليس الان وانما منذ القدم . ذائقته انحرفت وتدمرت بفعل تلك العوامل الحياتيه التي  تجعل الناس تطرب لاغنية( اني بيا حال والدفان يغمزلي )  ولاتطرب لاغنية ( سامحيني )او تلك الذائقة التي تترك مسرح يوسف العاني وتذهب الى راسم الجميلي او ان تقارن حرفية ومهنية شذى طه سالم بالراقصة ملايين . هذه الذائقه في الفن انعكست على السياسة .  وياخذك الذهول ان تذهب ذائقه الناس الى كومبارس من المنشدين والمذيعين والمداحين الذين لايفقهون الا مافي عقولهم الباليه الخاويه التي لاتستحضر الماضي ولاتحترم الحاضر ويطلق عليهم سياسي الصدفه او  صناعة رؤوساء الكتل  والتيارات . بلد فيه لميعة عباس عماره وزهى حديد ورحاب طة يختار (؟)  (؟)   (؟)   . اي ازمة واي ازدواج  . هذا مايدركه الناخب فما بالك بما لايدرك في مصلحة الناس والدولة في اختيار وزير  ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الذي لاتستعين به العمليه السياسيه الجديدة والجميع يعرف قدراته ولكنها الازمة المستديمة في كونة من النظام البائد . انك تبغض صدام  الظالم وتبغض الفكر الشوفيني العنصري للبعث   وتبغض حقبة هي رديف تلك الازمة والازدواج في صناعة الدكتاتور . ولكن لابد ان تدرك ان السلطة والحزب في العراق كما في العالم الثالث . كل مافيها تناقضات . وفيها من التضحيات وفيها من الثوابت والمتغيرات . ففيها قوانين وتشريعات لازالت ساريه. فليس كل الماضي هو  الدكتاتور وليس كل ازلام النظام سبعاوي وروكان وعلي حسن المجيد وبرزان وما سواهم .. ففيهم من هرول من كربلاء لنجدة محافظها السابق للدفاع عنه في المحكمة الجنائية  . وفيها من يسعى . من الجيش كله .او ممن تسرح . او تنحى . او طرد . او من تطوع حديثا ولم يعمل مع سلطان .جميعهم يطلبون الرحمة والانسانية في اطلاق سراح سلطان هاشم . هذا حل للازمة  وبعكسه يجعل الازدواجية هي الازمة . كيف للعهد الجديد ان ينظر بعين العطف والرحمة كما نبي الانسانية محمد (ص) لاهل قريش  وهم خصومه واعدائه واعتبرهم الطلقاء وفيهم قاتل عمه . هل الاقتداء بسيرة الرسول الاعظم اهم واهدى ام ناخذ بهدى هؤلاء السياسيين الذين ينعقون هنا ويبتزون هنالك ويستقوي بعضهم باللصوص والتجار والحرامية ويصبحون اداة بيد الميليشيات والمسلحين يملون عليهم ارادتهم وهم صاغرين  . ام بعفو راعي الدولة .  الذي يجعل الدولة على خطى محمد (ص) والة الاطهارفي الرحمة والتسامح وكما الكثير من الزعماء الاخيار امثال غاندي وماندلا  دعاة التسامح . ام اننا لا ندرك ان من يمثلنا في البرلمان يستقوي بمن يقتلنا وقد اثبتت الوقائع سيطرة الكثير من الميليشيات والمسلحين على نائبات ونواب يمارسون اساليب  خسيسة في الترويج للكراهية والدعوة للطائفية والتمرد والاستعانة بدول وجماعات ارهابية .
هل ندرك ان صبيان من الميليشيات والجماعات المسلحة من اصحاب البشرة الزرقاء قادرون على اخضاع وابتزاز من يبتزون ويخضعون مؤسسات الدولة ورجالها باسم الشفافية والديمقراطية . هولاء الذين يعطلون قدرات الدولة الاقتصادية والامنية . بل الادهى والامر في حاله الازدواج ان البرلمان يريد استجواب جنرالات باوامر من مسلحين مطلوبين للعداله ويتمكن هؤلاء النواب الخاضعين لاراده الميليشيات والمسلحين من اسقاط الجنرلات بالتتابع بحجج واهية ابسطها حقوق الانسان  والنزاهة التي يسنها الارهابين على ممثلي الشعب .  ابتزاز قادة امنين ومدراء ووكلاء وزارات  لمنافع شخصيه للنواب والنائبات بخصوص تعينات او تنقلات  او توفير حمايات او عقود مع شركات . او .او . وبخلافه يتعرض هذا المسوؤل الامني او الحكومي لحمله اعلاميه  بشعة من مجموعة  النواب الطارئين في حالة عدم تنفيذ طلباتهم .هذه الازمه تولد ازدوجا مرعبا في الشارع بسبب الصراع السياسي . ان عامة الناس تعرف قيمة القائد العسكري والموظف الحكومي ولكن هولاء الطارئين لايدركون ذلك . فهم يقفون امام المسلحين اذلاء صاغرين يدفعون جزء من رواتبهم لهم بينما يسعون لاهانة من يقاتل ويطارد من يريد ان يمتهنهم . اي ازدواجية واي ازمه حقيقية نعيشها . نعم هكذااصبحت تلاحقنا مخلفات الماضي فكيف لامة تستعير من ادبائها ومثقفيها وفق معايير حكومية وحزبية ضيقة ما كان لها ان تكون لولا تلك الحقبة الصدامية . اليس من الازدواج ان نعتبر امير الحلو وسامي مهدي وحميد سعيد وعبد الرزاق عبد الواحد ورعد بندر وكل مبدعي النظام وليس ازلام النظام في خانه الظلام . اليس من الظلم ان نجد ان الابداع والفن والذوق والثقافة  تنحصر في شخص الدكتاتور  . من حق الانسان ان يختار من يحبه ويشجعه ويدعمه . يختار المطرب او الممثل او لاعب الكرة او الموسيقي او الراقص او الفريق او الجماعه او الحزب .. نعم يختار والاختيار يختلف وفق الميول والرغبات ولك ان ان تتخيل عراقي في قريه نائيه يختار الريال مدريد ويشجعه بحماس اكثر من اهل مدريد بل اكثر من الهيئة الادراية للنادي فهو يدافع عن المدرب واللاعبين  بعواطف لاتجد لها توصيف وهو يبعد هذه المسافه عن ريال مدريد . هذا الاختيار يشبهه اختيار الناس للتيارات والاحزاب والاشخاص . هل الاختيار للوهلة الاولى مبني على مانختار او نهوى  ام للصدفة والرغبة  وهل الرفض مبني على الرفض دون تدخل العقل والمنطق . ام لم نجد مالنا وما علينا وما للاخرين . ولكن ان تختار فجميل لكن نبقى نشجع هذا الذي يضيع ضربات الجزاء والاهداف السهلة ونصر على انه هداف ممتاز  . وكذلك الحال لمن اكثر نجوميه وعطاء  وتبغضه وما فيه من خير وعطاء  .  فعليه هذه ليس رغبه اوميول اوذائقه وانما ازدواجية مملؤة بالتناقض تفضي عن مرض وكذلك الحال في اختيار الاحزاب والتيارات ورجال الدين والسياسة ، وان نبقى اسرى ازمة الازدواج الثقافي والسياسي فليس هنالك ضوء في نهاية النفق .
[email protected]

أحدث المقالات