23 ديسمبر، 2024 1:50 ص

الارهاب والفضاء الالكتروني

الارهاب والفضاء الالكتروني

انتشار الظاهرة الداعشية وتمدد قواتها على الارض ، واكتساحها للمناطق والمدن باندفاع وعجالة ، تثير الدهشة والعجب ، والتساؤل ” من اين تستمد هذه الحركة قوتها وجبروتها ؟ ” وما هو سر جاذبيتها بانظمام افراد وجماعات لها من بلدان ومجتمعات مختلفة وحتى غير اسلامية ولا عربية !!

ولا يقتصر الاستغراب والتساؤل عن اسرار حصول داعش على المال والسلاح والمقاتلين ، وانما يتعداه الى استثمار داعش للاعلام وللفضاء الالكتروني بمهارة ومهنية قادرة على توصيل رسالتها الى كل الاتجاهات واستقطاب انصار ومقاتلين من حوالي 90 بلدا ينخرطون في صفوف التنظيم يتبنون افكاره ويطيعون اوامره ويزاولون ممارساته ..

وكما ينظم الى صفوف الارهاب المسلح المئات من ” الجهاديين ” ينظم اخرون الى الجماعات الإرهابية الالكترونية (على الإنترنت ) والتي تنمو بشكل متزايد يشكل خطراً حقيقياً . وتقول تقديرات دولية أنه في عام 1995 كان هناك حوالي 100 موقع الكتروني يدعم الإرهاب بانواعه ، زاد عددها في يومنا هذا الى اكثر من 5000 موقع.

الاحساس بهذه المخاطر دفعت منتدى دافوس الاقتصادي العالمي الذي انعقد قبل ايام على البحر الميت بالاردن الى عقد جلسة خاصة بعنوان “الإرهاب الالكتروني في زمن المعلومات والتقنية ودور الحكومات والمنظمات الدولية في القضاء على الظاهرة” وقد اعترف المجتمعون ان نشاط داعش في مجال الفضاء الالكتروني لا يقل جبروتا وتأثيرا وخطورة عن نشاطاتها المسلحة على الارض ، حيث اجمع المتحدثون (.. على أن محاربة عصابة داعش في الفضاء الالكتروني تحتاج الى تكاتف جهود القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني والاستفادة من خبرات الامم المتحدة ذات العلاقة.)

ان هذا اعتراف خطير بقوة الزحف الداعشي في مضمار الفضاء الالكتروني بحيث يتطلب ” تحالف دولي ” لايقافه ، عسى ان يكون اكثر فعالية وتأثيرا من التحالف الدولي العسكري الحالي الذي يعلن عن قيامه بقصف جوي يومي ولا نرى له فعالية في ايقاف ولا حتى عرقلة تمدد داعش في سوح المعارك !!

لقد اعترف رئيس لجنة مكافحة الارهاب للأمم المتحدة جون لابورد بان داعش تبث يوميا 40 الف تغريدة على تويتر ، ووصف بعض انواع الهجمات الارهابية بواسطة الانترنت بالجريمة المنظمة !!

تقول مصادر الانتربول ان التطور العلمي والتكنولوجي أحد أهم العوامل الفاعلة في انتشار جرائم الإرهاب عبر الإنترنت، ، إرهاب جديد هو الإرهاب المعلوماتي ويتمثل في استخدام الموارد المعلوماتية، وأجهزة الكمبيوتر وشبكة الإنترنت، من أجل أغراض الاغراء والاغواء او التخويف أو الارغام لاهداف سياسية. ، ويمكن ان يتسبب الإرهاب المعلوماتي في الحاق اضرار اقتصادية واسعة كالشلل بأنظمة السيطرة والاتصالات أو اختراق النظام المصرفي أو ارباك حركة الطيران المدني .الخ …

ولا يقتصر النشاط الإرهابي الالكتروني على المواقع الرسمية للجماعات الإرهابية المتواجدة أصلا على الأرض ولها تنظيمات مسلحة ونشطة ، وانما يمتد الى مئات المواقع الالكترونية ” التطوعية ” التي يطلقها شباب تبنوا الفكر التكفيري وانظموا الى نشاطه عبر الفضاء ما داموا لا يستطيعون الانظمام الى نشاطه المسلح فصاروا يروجون له في شتى أنواع العالم .

أنّ الإرهابيين وانصارهم يلجؤون إلى الإنترنت لأنّها وسيلة غير مكلفة ولا يمكن مقاومتها ولا القبض على متعاطيها ، ويرى الشيخ د. عيسى الغيث – عضو مجلس الشورى السعودي ان خطورتها تكمن في سهولة استخدامها وكونها وسيلة تواصل نستخدمها جميعاً وهم يستفيدون من هذه المعطيات الجديدة عبر الإعلام الجديد أكثر من استفادتنا لها .

لقد اتفق المشاركون في مؤتمر دارفوس على ضرورة عدم اهمال التأثير الذي يحققه داعش باستعمال المعلومة وتحويلها الى سلاح من خلال الفضاء الالكتروني لاستقطاب وتجنيد منتسبين جدد ونشر خطاب الكراهية، والحض على العنف ونشر وعود ومغريات مادية ومعنوية مستغلين الإحساس بالظلم والعوز والحرمان والتهميش لفئات واسعة من الشباب اضافة الى تحريك الوازع الديني او المذهبي والطائفي بتغليفها بامور دينية او عقائدية لاغواء الشباب ، وقديما قال الفيلسوف العربي ابن رشد «إذا أردت أن تتحكم في جاهل فعليك أن تُغلف كل باطل بغلاف ديني»