10 أبريل، 2024 9:15 م
Search
Close this search box.

الارهاب والخلافات السياسية وجهان لعملة واحدة 

Facebook
Twitter
LinkedIn

موجة الانفجارات التي اجتاحت العاصمة بغداد واطرافها في اسبوع دامي خلف عشرات القتلى والجرحى من الضحايا المناطق الفقيرية والمحرومة. الانفجارات تركت بصماتها المؤلمة على عوائل الشهداء وهي تخطف ارواحهم وتثكل عوائلهم وتثقلهم بالجرحى وتخلف بينهم الدمار والخراب. ولم يقتصر فعل الارهاب على مفردات الشعب بل سعى اختراق السيطرات الامنية للبنى التحتية وضربها كمؤشر خطيرة لقدرة الارهاب في الوصل الى اهدافه بلا رادع.
دوي انفجار معمل التاجي وصعود لهيب نيرانه الى عنان السماء وسقوط العديد من الضحايا ضمن مسلسل دامي شهده العراق مؤخرا، لم يسقط جميع الرهانات على المنظومة الامنية فحسب، بل كشف عن خفايا التلازم بين النزاعات السياسية والاخفاقات الامنية، وان الخروقات الامنية ليست بالضرورة نتيجة حتمية للترهل الامني وسوء اداءه وهشاشة منظومته بقدر ما هي انعكاس لطبيعة التواطؤ السياسي مع الحالة الارهابية لغرضفرض املاءات جديدة على الاستحقاقات السياسية.
هذا التردي الامني الذي قض مضجع الشارع العراقي وزعزع ثقته الشعب بحكومته، لم يتمكن من فرض اخفاقاته على طاولة اجتماع الرئاسات الثلاثة ببعض قادة الكتل السياسية ولم يستطع الزامها بتجميد خلافاتهم السياسية ولو لبرهة. اجتماع القمة العراقي حصر اهتمامته بسبل اعادة تحقيق النصاب البرلماني، وكيفية اعادة الشرعية الممزقة الى السلطة التشريعية والتنفيذية بعد ما تركه اجتياح المنطقة الخضراء من قطع الاوصال.
 ان انقسام البرلمانيين بين اصلاحيين ومعارضين لا يعني بالضرورة انطباق العنوان على المضمون، ودعوة الاصلاح اصبحت شعارا مبتذل تعسكر تحته مصالح فردية وفئوية بعيدة عن هموم الشارع العراقي اليومية وبالخصوص فقدان الامن.
فزيارة الجبوري الى كردستان كانت خيبة امل، ومبعوث رئيس الوزراء اثارة حفيظة الناقدين، وطلب رئيس الجمهورية من المحكمة الاتحادية لفصل النزاع تحميل في غير محله، وشروط جبهة الاكراد في عودة وزرائها واعضاء مجلس النواب تعتبر تعجيزية واذلال لحكومة بغداد وبقية الكتل السياسية، ومطالب كتلة الاصلاح البرلمانية لا تقتصر على انتزاع منصب رئاسة البرلمان فحسب بل تسعى الى الاطاحة بالعبادي واستبداله في ظل غياب للتوافق على مرشح ورفض امريكي ايراني.
ان حالة الفشل والشلل اللتان صبغتا العراق بطوله وعرضه اتاحتا لشرذمة من حزب البعث المنحل الفرصة لملمة شتاتهم والدعوة الى مؤتمر للمعارضة العراقية في باريس. وهي بادرة وان لم يكتب لها النجاح لكنها اطلقت الشراراة الاولى لتعويم الحالة البعثية الجديدة وجعلها اكثر مقبولية ليس من بعض الدول الاقليمية الداعمة للارهاب فقط، وانما من دول التحالف الاساسية مثل فرنسا.
وعلى الرغم من حفنة الاشاعات عن تاريخ انعقاد المؤتمر الاول لما يسمى بالمعارضة العراقية بين 13 و 14 من مايو الحالي، الا ان شكوك كبيرة طفحت في قدرة انعقاده. ويبقى ثمة قلق وتساؤل عن نوايا باريس واهدافها في احتضان مثل هذا المؤتمر ومدى امكانية تكرار سيناريو المعارضة السورية التي هندسها المبعوث الامريكي برنارد ليفي المعرب لتقسيم العالم العربي.
قرار القائد العام للقوات المسلحة ببدأ عمليات تحرير الرطبة من ايدي الدواعش التفاتة ذكي لكسب ثقة الشارع العراقي وصرف انظار الجمهور عن الخلافات السياسية المعطلة للبلد، لم تحقق الا قدر بسيط من اهدافه المنشود، وظلت الاخفاقات الامنية والسياسية طاغية على سائر ما يجري في البلاد، خصوصا وان خصوم العبادي لن يتركوا له فرصة يحقق فيها مآربه.
ومهما تكن اسباب تصاعد موجة الارهاب، فانها لا تطال إلا مواطنين المنطقة الحمراء.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب