19 ديسمبر، 2024 4:18 ص

الارهاب والانتخابات القادمة

الارهاب والانتخابات القادمة

الكتابة ليست دائما تعبير عن ترف المجتمعات وادبائها
الكتابة الهادفة الممزوجة بمعاناة واهات وصراعات الكاتب مع الجهل والفشل والتخلف قد يعد ثورة في اثارة المعرفة داخل المجتمعات عن طريق الجدل وفتح ابواب النقاش والتحليل والاستنتاج واكتشاف الحقائق الخ.
البعض يسأل هل استطيع الكتابة هو يضن ان كل فكرة او معلومة تدور في راسه يمكن ان تتحول الى مقال ينشر, وهذه هي كارثة الكتابة الحديثة عند البعض ,فمقالاتهم تنقصها الادوات المعرفية المتعددة, كالقراءة المتنوعة ,والتواصل او الاطلاع الاعلامي, وامتلاك ملكة التفكيك الثقافي او المعرفي لكافة مجالات الحياة, عبر الاستغراق العميق في الاشياء والاحداث المتغيرة ,والتشبع بفلسفة التأمل الكوني لغايات اخلاقية خالصة تخدم الصالح العام والانسانية جميعا, اذن هناك كفاءات وقدرات وطاقات عراقية وطنية
لاتؤمن بالانتماءات الطائفية او العرقية كوسيلة او طريقة للحوار او التعامل مع الاخر,قدمت منذ سقوط نظام البعث البائد2003 وحتى الان  العديد من المقترحات والدراسات والبحوث والمقالات المهمة وفي مختلف المجالات,وجازف عدد غير قليل بحايتهم من اجل كشف الحقائق امام السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية,وقدمت ملفات موثقة حول عمليات غسيل الاموال ,واستغلال المال العام من اجل الاثراء الشخصي,ونشرت وثائق وملفات كثيرةتشرح عمليات الفساد المالي والاداري الذي ينخر جسد الدولة العراقية الحديثة,وبالفعل خسر حياته البعض ممن حمل لواء خدمة الوطن جراء كشفه لهذه الملفات,فردت عليه السلطات الثلاث بإصدار عفو عام عن الفاسدين وتريد اصدار عفو اخر, وردت ايضا  بحرق طوابق الدوائر لاخفاء ملفات عقود الفساد,وكذلك سمحت للبعض بمغادرة البلاد ,ثم فتحت ملفاتهم امام النزاهة والقضاء!
مانود قوله ان الحكومة او الكتل الحاكمة كان الاولى بها ان تستمع وتطلع وتستقطب هذه العقول, الغير محتاجة بالاساس لوظيفة حكومية في بلد لايعرف الانسان فيه الراحة ,ولايوجد فيه اي قطاع خدمي كامل,
بينما كان البعث وصدام تحديدا يمارس الترهيب والترغيب لشراء عقول او ذمم هذه الكفاءات وقد كان الشهرستاني نائب رئيس الوزراء للطاقة احد ادلة هذه التجربة او الحالة,و
لايمكن لاحد ان يقول ان الدكتاتورية بالمطلق ليس فيها اية انجازات,بالعكس واحدة من اهم تصرفات الانظمة الاستبدادية انها لاتقبل بالفوضى وتعده خيانة,وتؤمن ان المحافظة على النظام جزء من منظومة بقاءها في السلطة,بالطبع هذه الاعتبارات تختفي في الدول الديمقراطية المتحضرة,لكن الشعوب المفككة اجتماعيا وسياسيا تحتاج الى معجزة,ولهذا فشلت التجربة العراقية فشلا ذريعا ولعدة اسباب نوجز منها على سبيل المثال لا الحصر:
اولا: قبول اغلب الكتل والاحزاب العراقية بلعبة التقسيم الطائفي والعرقي وفقا لمبادئ بريمر التخريبة كمجلس الحكم,بحيث صور العراق على انه بلد مقسم شعبه بالتساوي بين العرب والاكراد والتركمان,لايمكن السير خطوة الى الامام دون الالتفات الى هذه المكونات حتى اصبح الاخرين لهم شهية تقسيم البلاد شبك وايزيدين واكراد فيلية الخ.
الحقيقة هذه كانت لحظة التخريب الوطني, نحن انتظرنا الديمقراطية عقود بل قرون ليس من اجل وضع ثياب الاثنيات على ابناء المجتمع ومخاطبتهم بعرقياتهم وطوائفهم,نعم عندما تكون هناك مشكلة من هذا النوع تعالج بالحكمة والتصرف العقلاني,على سبيل الفرض نعتقد ان شريحة واسعة من ابناء السنة العرب اثرت فيهم الحملات الاقليمية لبث الفتنة الطائفية داخل بعض الدول العربية ومنها العراق وسوريا ,فصار دعمهم للارهاب واضحا واعتباره جهاد في سبيل طاغوتهم المريض السلطة ودولة الخلافة,لكن هذه التحديدات لايمكن وصفها بأنها انتهاكات طائفية تمارس ضدهم انما هي حقائق تحتاج الى معالجة.
ثانيا:استسهال عملية بناء الدولة ,والاستخفاف بعقول ومقدرات وحياة ومصير ابناء الشعب,حيث اصبحت الوزارات ومناصب الدرجات الخاصة حكرا على الكتل السياسية,تحت مبدأ اصوت لك صوت لي, كما يحصل في ملفات الفساد اغلق ملفي اغلق ملفك, فتهاونت الحكومة والبرلمان في تحصين اهم مؤسسة حيوية وفاعلة في أي دولة بالعالم وهي المؤسسة الأمنية والعسكرية, فجاء قرار دمج المليشيات ليكمل فساد المؤسسة الأمنية والعسكرية الموروثة, فهم يعلمون جيدا أن التطوع في تلك المؤسسات يحتاج الى رشوة سعرها معروف في الشارع العراقي, كل هذا هين يجوز تجرع مرارته, لكن أن يصبح قائدا في تلك الاجهزة وهو امي لايقرأ ولايكتب فتلك كارثة بانت اثارها اليوم من خلال الانهيار الامني الواضح,وحقيقة نحن نشعر بالحزن للقادة العسكريين والامنيين الاكفاء الذين لايتحملون مسؤولية تلك الازمات,ونعتصر ألما للجندي او الشرطي الذي يزج به في ساحات المواجهة, وهو قليل خبرة وتدريب ودراية بقدرات وامكانات عدوه المتمرس والمتوحش
, هذا المنطق المغلوط الذي لايمكن قبوله او يفهم, اي في كل عملية إرهابية نسمع بعض قادة التصريح الاعلامي ان الاجهزة والآلية المستخدمة من قبل الارهابيين متطورة, عجيب الارهاب الخائف المطارد يتطور وانتم جيش دولة نفطية لاتتطورون تشترون اجهزة كشف متفجرات فاشلة, لاحول ولاقوة الا بالله
ثالثا:الدستور ,وقانون الاحزاب, والقائمة الانتخابية المغلقة ,ونظام مجالس المحافظات الفاشل , والتساهل مع الفاسدين والطائفيين والارهابيين كلها معاول هدم للدولة العراقية ,بدأت تحفر للعراقيين مصير الانزلاق لحرب طائفية مدمرة قد تلتحق فيها بغداد بشقيقتها دمشق وخصوصا بعد وصف بوتين بأنه طفل!
في أحد الأيام السوداء لي في إحدى دوائر الجنسية كنت واقفا بالدور الطويل واسمع تذمر المواطنين من حر قاعة الانتظار, واخر يصرح بأن الحل  فقط بخروج الامام المهدي عج ,جاء ضابط وفي يده معاملة اتضح فيما بعد أنها لزوجته, فضرب طابور الانتظار وقد كنت امام الموظف المختص مباشرة, فطلب مني أن افتح له الطريق ,رفضت قلت له ترجع بالدور ,فحصلت مشادة بيننا, استدعى هذا الضابط الشرطي فطلب منه اخذي الى غرفة النقيب خارج القاعة, النقيب كان انسان مهذب ومؤدب لكن استغربت اثناء الحديث كان امامه كوب شاي فقال له الشرطي تريده سيدي الشاي لو لاه, اجاب النقيب لافأخذ الشرطي يشرب شاي الضابط امامنا, انتبهت للامر ليس من الناحية التراتبية في الخدمة العسكرية وضرورة الالتزام بالمعايير الادبية ,لكن من الناحية الفوضوضية المفرطة والمقززة,
 بينما كان لدينا عريف في معسكرات تدريب طلبة المعاهد والجامعات ,
يبكي ودموعه تنهمر,
لان الضابط الذي يقود حضيرته لايحب العقوبات العسكرية, فنقلنا الامر للضابط فأمر بنقله للفصيل الاخر لان فيه ضابط يحب اسلوب العقوبات, أما كارثة دخول احد الاخوة من المعبر الحدودي بين العراق وايران يوم الجمعة,فكان الضابط غير موجود فطلب منه ترك جواز سفره حتى مجيئه بعد كم يوم ثم يختم ويرسل اليه بيد شرطي مع اكرامية عشرين الف عراقي الخ.
هذه ابسط قواعد التهاون في مسألة اعداد وتدريب وتعليم المجندين الجدد عقيدة الجيش الوطني المهني, والا فمسألة اعتبار الجندي او الشرطي هدف سهل للجماعات الارهابية فهذا يعني أن قائده فاشل ولايعرف طرق اعداد وتهيئة جنوده لمختلف المواقف,نجد حىى وسائل الاعلام الرسمية غير معنية بتوعية المواطنين وتطوير مبراتهم في مجار تجنب التجوهر بعد حصول التفجيرات الارهابية او مراقبة وتصور الاشخاص المشتبه بهم.
يقال أن التخاطب داخل بعض قيادات الجيش والشرطة العراقية تتم عبر مراسلة جاء الحجي راح الحجي, كل شيئ بيد الحجي, هو ينقل ,هو يعين, هو يطرد ,هو يعاقب, هو يرفع ,ويوزع مراتب ,الخ.
الحجي هنا ليس المقصود بالطبع رئيس الوزراء مع أنه القائد العام للقوات المسلحة وبيده ملفات او وزارتي الداخلية والدفاع, وانما الحجي الذي ابتلي به الشعب ,وسبب كل هذه الكوارث والضحايا, هم مجموعة من قيادات الدمج ,الذي يشترك معهم قيادات امنية هرمة ورثها الجيش العراقي الجديد من بقاياجيش صدام المنحل.
ان الشعب العراقي عليه ان يتحمل مسؤولية التغيير,وتصحيح وضع بلده,والتعلم من التجربة المصرية,والابتعاد عن الهواجس والمخاوف المصطنعة ,والتي تحذرهم من البديل المجهول,وهنا نقول ان الانظمة الديمقراطية لاتدار بالاشخاص والاحزاب انما بالمؤسسات المدنية المتحضرة,بل حتى تلك المؤسسات وان كانت بدائية يمكنها ان تؤدي اغراض اعادة بناء الدولة بشكل سليم.
الناس تقول ان الارهاب يقدم خدمات جديدة للكتل الحاكمة من اجل تمرير قانون انتخابي جديد لايختلف عن القائمة المغلقة,
وهي وسيلة ناجحة تبقي مخاوف الاصوات الانتخابية داخل دائرة الخلل , عبرتكرار اخطائها السابقة مضطرة الى اعطاء بصماتها لنفس الاشخاص,وهو دليل فشل العملية السياسية لان من الصعب ان يقتنع الانسان بأن الاشخاص الذين عجزوا عن توفير الأمن والخدمات منذ عقد تقريبا هم الاصلح لقيادة البلد, هذه الحالة تشرح بوضوح خطورة الوضع العراقي المتشابك مع الاحداث في سوريا,
فالضربات الارهابية ليست ضربات خفيفة يمكن تداركها مستقبلا انما هي امتداد لورطة نائب رئيس الجمهورية السابق الهاشمي الهارب من العدالة ,واحتضان تركيا له المتفاعلة مع مشروع دولة الخلافة, وصولا الى بعض اعضاء البرلمان والوزراء وشيوخ العشائر المتأمرين على وحدة العراق وامنه, 
وكما ذكرنا سابقا لاسبيل امام الحكومة والشعب , الا بمواجهة الارهاب, بحرب مفتوحة مباشرة ليس فيها مكان للمجاملات السياسية, تحدد الاوكار وجحور الخيانة في مناطق عرفت انها ساخنة ولازالت, والعمل على تشكيل مجلس عسكري تناط به مهام معالجة الوضع العراقي في حال الاقتراب من حالة الانهيار.

أحدث المقالات

أحدث المقالات