23 ديسمبر، 2024 8:11 ص

Terrorists and Media
هنالك الكثير من الاعلاميين ممن يتعاطون مع موضوع الارهاب ضمن سياقات اخلاقيات المهنة في التعامل مع أخبار الإرهاب فالكثيريعتقد إن الالتزام بأخلاقيات المهنة والشرف الصحفي وتغطية الحوادث بأسلوب حضاري، بعيداً عن الإثارة الصحفية والاستغلال التجاري للماسي البشرية لا تتعارض أبدا مع حرية الإعلام وحق المواطن في معرفة الحقائق التي لها مساس بحياته ومستقبله.

وثمة درس بليغ قدمته الفضائيات الأميركية الأكثر شهرة وانتشاراً، عندما قررت بعد أيام معدودة من حوادث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عدم إعادة عرض الريبورتاجات عن هذه الحوادث، وما عدا بعض الاستثناءات القليلة، امتنعت هذه الفضائيات عن عرض صور الناس الذين كانوا يرمون بأنفسهم من نوافذ ناطحتي السحاب في نيويورك.

وكانت هذه الخطوة التي أقدمت عليها تلك الفضائيات بمحض إرادتها مثالاً جيدا على الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع، ذلك لأن عرض الريبورتاجات المصورة عن هذه الحوادث، خلال وبعد حدوثها مباشرة ألحق ضرراً بالغاً بالحالة النفسية لملايين الأميركيين وأدى إلى رفع معنويات الإرهابين، وبعد إدراك هذه الحقيقة المرة، قامت بعض الفضائيات الأميركية بعرض بعض اللقطات المتفرقة الثابتة غير المتحركة ومن دون صوت. وامتنعت عن عرض كل ما يلحق الضرر بأميركا والأميركيين.

ولا شك في إن وسائل الإعلام الأميركية تتمتع بمساحة واسعة من الحرية تفوق ما تتمتع به وسائل الإعلام العربية، ومع ذلك، فإن امن المجتمع الأميركي والمعايير المهنية والأخلاقية هي أكثر أهمية لديها من مصالحها الضيقة، فمتى تستيقظ ضمائر المسؤولين في الفضائيات العربية وبعض الفضائيات العراقية المشبوهة ويحترمون أخلاقيات المهنة ومشاعر المواطنين العراقيين وامن واستقرار العراق، أكثر من اهتمامهم بالإثارة والانتشار والمال.

لو نفترض أن عملا إرهابيا ما لم ينال إهتمام وسائل الإعلام المختلفة ولم يحظ بأية تغطية تذكر، فهذا يعني أن الحدث كأنه لم يكن وبذلك فلا أثر للعمل الإرهابي لا على الناس ولا على الجمهور ولا على الرأي العام ولا على صانعي القرار والمسئولين و السياسيين ولا على الرأي العام الدولي والمنظومة الدولية. فمصيرالإرهاب بدون وسائل الإعلامه التوقف والأفول. فما يريده الإرهابيون من وسائل الإعلام هو الحضورالإعلامي والتغطية الإعلامية التي تركز على الإثارة وعلى نشر الذعر والخوف ونشر حالة من الرهب بين الناس وحثهم على محاولة معرفة ماذا حدث ولماذا حدث وما هي الدوافع والأسباب وما هي المطالب وما هو عدد الضحايا وما هي الخسائر المادية…الخ. فبالنسبة للارهابيين، الأعمال الإرهابية هي الوسيلة الوحيدة لإثارة اهتمام الناس والرأي العام وصانع القرار حتى يسمع الجميع عنهم ويعرف مشاكلهم وقضاياىم و مطالبهم.
الإشكال المطروح هنا أن وسائل الإعلام في العصر الحديث وفي المجتمعات الديمقراطية لا تستطيع أن تقاطع تغطية الأعمال الإرهابية لأن دورها في المجتمع، وعملها بمبدأ حق الجمهور في المعرفة، هو إخبار وإبلاغ الجمهور والرأي العام بكل الأحداث والوقائع محليا ودوليا. من جهة أخرى، لا تستطيع الدول الديمقراطية أن تتدخل في شؤون وسائل الإعلام وتضغط عليها للعزوف عن تغطية الأعمال الإرهابية وهذا عملا بمبدأ حرية الصحافة.
تستغل التنظيمات الإرهابية وسائل الإعلام الإلكترونية وعلى رأسها شبكات التواصل الأجتماعي التفاعلية التي نعرفها (فيسبوك، تويتر، يوتيوب) كمنصات لبث أفكارها وأخبارها وتنفيذ أجندتها، بسبب الانتشار الواسع لمواقع التواصل وسهولة استخدامها وامكانية تخطى الحواجز السياسية والجغرافية في عملية الاتصال المجاني الفوري بين اعضاء التنظيمات الإرهابية والتنسيق فيما بينهم والكم الهائل من المعلومات التي يمكن تبادلها، هذه التنظيمات تدرك جيداً ان استراتيجيتها الإعلامية الحرفية المتميزة تساعدها في تحقيق أهدافها الجهنمية.
تستغل التنظيمات الإرهابية وسائل الإعلام الإلكترونية وعلى رأسها شبكات التواصل الأجتماعي التفاعلية التي نعرفها (فيسبوك، تويتر، يوتيوب) كمنصات لبث أفكارها وأخبارها وتنفيذ أجندتها، بسبب الانتشار الواسع لمواقع التواصل وسهولة استخدامها وامكانية تخطى الحواجز السياسية والجغرافية في عملية الاتصال المجاني الفوري بين اعضاء التنظيمات الإرهابية والتنسيق فيما بينهم والكم الهائل من المعلومات التي يمكن تبادلها، هذه التنظيمات تدرك جيداً ان استراتيجيتها الإعلامية الحرفية المتميزة تساعدها في تحقيق أهدافها الجهنمية.

الإرهاب يتسلح بالإعلام الجديد عموماً والأجتماعي منه خصوصاً من اجل تحقيق عدة أهداف في آن معاً وهي:

1 – الوصول إلى الرأي العام والترويج لأيديولوجيته والدعاية لفكره الظلامي المتطرف.

2 – استعراض قوته واضفاء هالة مزيفة على فعالياته الأجرامية وتضخيم قدراته واظهارها بشكل أكبر من حجمها الحقيقي. ونشر أجواء الخوف والرعب بين الجماهير المستهدفة.

3 – بث اليأس والأحباط بين عناصر قوى الأمن. وكشف ضعف او عجز الحكومة المستهدفة عن حماية مؤسساتها ومواطنيها وعن ضمان الأمن والأستقرار.

4 – حشد المناصرين وتجنيد الشباب من مختلف أنحاء العالم لديمومة بقائها.

5 – نشر ارشادات تشرح وسائل الاتصالات السرية وطرق صنع المتفجرات وتفخيخ السيارات وزرع الألغام والأسلحة الكيمياوية.

6 – جمع التبرعات عن طريق الانترنت من المستخدمين ذوي الميول المتطرفة او من الآخرين بأساليب الخداع والأحتيال.

وهنا تجدر الاشارة الى ان الجماعات الإرهابية تختلف في اعطاء الأولوية لهذا الهدف او ذاك، فعلى سبيل المثال نرى ان تنظيم داعش يركز على استعراض قوته وصدم الناس وترويعهم بوحشيته وأساليبه الدموية والنيل من معنويات القوات الأمنية العراقية واستدراج الشباب المسلم أينما كان وغسل عقولهم وحشوها بالغيبيات والخرافات والأباطيل من قبيل ترغيب وتحبيب الموت اليهم كطريق لدخول الجنة حيث سيغنم كل واحد منهم باربعين حورية وعد بهن.
اذن فإن داعش ليس ذلك التنظيم الخرافي الذي لا يقهر، بل تنظيم إرهابي يمكن دحره عسكرياً في ميادين القتال وإعلامياً على نفس الشبكات التي يبث عليها داعش دعايته المسمومة ودحض أفكاره الظلامية ومنهجه التدميري بفضح دوافعه واساليبه المجردة من كل القيم الإنسانية والأخلاقية وخنقه إعلاميا بعدم التركيز على ما يقوم به من جرائم بشعة تقشعر لها الأبدان.
اولت الجماعات الإرهابية منذ فترة ليست بالقصيرة اهتماماً بتوظيف الإعلام لخدمة أغراضها وتحقيق أهدافها، ولو عدنا لتاريخ المنظمات الارهابية نلاحظ أن تلك التنظيمات وظفت الإعلام للدفاع عن أفكارهم وتبرير أفعالهم اللامشروعة.
ففي عام 1988 أنشأ زعيم القاعدة أسامة بن لادن (إدارة إعلام القاعدة) ، كجزء من الهيكل التنظيمي للتنظيم، وذلك بغرض الاحتفاء بـ”المجاهدين” في أفغانستان الذين كانوا يحاربون الاتحاد السوفيتي. غير أن الرسالة الإعلامية تحولت إلي الهجوم على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأنظمة العربية والمذهب الشيعي والديانات الاخرى ومنها المسيحية واليهودية.
ونلاحظ شغف التنظيمات الإرهابية بالإعلام وسعيها الدؤوب لتوثيق علاقتها بوسائل الإعلام المحلية والعالمية، وذكرا بعض الأمثلة لبعض وسائل الإعلام التى استخدمها تنظيم القاعدة، ومنها مؤسسة سحاب للإنتاج الإعلامي، والجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية، وشركة الكتائب الخاصة بحركات شباب المجاهدين في الصومال والتي أنشئت عام ٢٠٠٩.
كما دشن تنظيم القاعدة موقع “النداء” على الإنترنت في أوائل عام ٢٠٠٢ ، لنشر أفكارها حول عملياتها إبان الحرب في أفغانستان والعراق لبث أفكاره وترويج مبادئه، وتوجد عشرات الآلاف من المواقع الالكترونية التابعة للجماعات الإرهابية في مختلف دول العالم، والتي تتزايد أعدادها مع التطورات التكنولوجية المتسارعة لشبكة الانترنت.
واصبحت شبكة الانترنت واحدة من أهم أدوات القوة الناعمة التي نجحت التنظيمات الإرهابية في توظيفها لخدمة أغراضها الإجرامية.
وإذا كان امتلاك الجماعات والتنظيمات الإرهابية لوسائل إعلام خاصة بها يعد أمرا مشروعا في ظل صراعها مع الدول والشعوب المختلفة، فإن ما يثير الريبة هو أساليب تعامل تلك الجماعات والتنظيمات مع وسائل الإعلام غير التابعة لها.
ومن مبدأ أن اقرب صديق للإرهابي هو الصحفي استغلت الجماعات والتنظيمات الإرهابية الإعلام وادركت أهمية وخطورة وسائل الإعلام الجماهيرية وقدرتها الفائقة على التأثير في الرأي العام وتوجيهه.
ويجب ان نذكر ان هيستيريا التضليل الإعلامي حول ما يجري في سورية ومحاولات شرعنة التنظيمات الإرهابية والتغطية على جرائمها ما زالت مستمرة في وسائل الإعلام الأجنبية وعلى وجه الخصوص الأمريكية وتزداد وتيرتها كلما تعرضت هذه الأدوات للهزيمة مثلما يحدث الآن في محافظة إدلب حيث ينهار الإرهابيون أمام بطولات وضربات الجيش العربي السوري.
وسائل الإعلام الغربية والأمريكية التي لطالما شكلت ركناً أساسياً في الحرب الإرهابية على سورية ما زالت تصف الإرهابيين بأنهم “معارضون” وتصر على مواصلة نهجها التضليلي ذاته لتحرف الوقائع أمام المتابع الغربي بما يناسب سياسة ومخططات مشغليها وهذا ما حذرت منه عضو الكونغرس الأمريكي الديمقراطية تولسي غابارد التي نددت بكيفية تغطية وسائل الإعلام الأمريكية لما يجري في إدلب وإخفائها الحقائق بهدف التغطية على تنظيم “القاعدة” الإرهابي وحمايته.
غابارد أكدت في تغريدة نشرتها على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي أن إدلب تعتبر “أكبر معقل لتنظيم القاعدة الإرهابي” مشيرة إلى أنه على الرغم من إدراك الساسة في الولايات المتحدة والعالم هذه الحقيقة إلا أن “وسائل الإعلام الأمريكية ما زالت تصف إرهابيي التنظيم المذكور بـ “المتمردين” وتريد حمايتهم”.
غابارد أعادت إلى الأذهان اعتراف بريت ماكغورك المبعوث السابق للتحالف الدولي المزعوم ضد تنظيم “داعش” الإرهابي الذي عمل في إدارتي الرئيسين الأمريكيين باراك أوباما ودونالد ترامب ووصفه محافظة إدلب بأنها “أكبر ملاذ لتنظيم القاعدة منذ هجمات أيلول عام 2001” كما أنها استرجعت تصريحات مايلز كاغينز المتحدث باسم عمليات التحالف المذكور حين قال إن “إدلب تبدو وكأنها مغناطيس يجذب المجموعات الإرهابية وهناك مجموعات عدة فيها وكلها سيئة وخطيرة وتشكل تهديداً للمدنيين الأبرياء”