26 نوفمبر، 2024 1:54 م
Search
Close this search box.

الارهاب لم يوحد العراقيين

الارهاب لم يوحد العراقيين

من يقول ان تنظيم الدولة الاسلامية”داعش”وممارساته الارهابية قد وحدت العراقيين وانهت الصراع القائم بينهم فهو واهم ، لان المشاكل العرقية والطائفية القائمة بين مكوناته المتنوعة عبر مراحل تاريخية طويلة اكبر بكثير من تهديدات هذا التظيم او ذاك ، الامر يتعلق باستراتيجيات دول عظمى واقليمية شديدة الحساسية للمنطقة ، صحيح ان الدول العربية والاسلامية استقلت واصبحت دول ذات سيادة ولها عضوية كاملة في الامم المتحدة ولكنها ليست حرة تماما في ان تفعل ما تشاء بحدودها الجغرافية وتتلاعب بها اوتحدث تغييرات ديموغرافية في دولها ، ثمة قوانين دولية صارمة تتقيد بها تلك الدول ولا يمكن ان تتخطاها ، والا فستواجه عقوبات شديدة ، ومواجهة قوية لا يمكن تصورها ، والامثال كثيرة بهذا الصدد ولعل الاجتياح العراقي الى الكويت والردع القوي الصارم الذي تلقاه من المجتمع الدولي الذي تقوده الدول الغربية الكبرى يعتبر الابرز في هذا المجال ..صحيح ان رئيس النظام السابق صدام حسين استطاع في فترة انشغال الدول العظمى بالحرب الباردة والصراع الدائر بين المعسكرين الغربي والشرقي ان يتلاعب بالحدود الداخلية للبلاد ويغير من الطبيعة السكانية لكثير من المناطق الكردية ضمن عمليات التهجير والتعريب لصالح عرب الجنوب ، مما اخل بالتوازن السكاني وخلق مشكلة كبيرة للحكومة العراقية الحالية وشكل عائقا كبيرا امام تطبيع الاوضاع مع اقليم كردستان ، رغم اقراره في دستور عام 2005 في اطار المادة 140 التي تقضي بحل مشكلة الاراضي المتنازعة بين العرب والكرد ، ولكن عندما ارتكب صدام حماقته التاريخية في غزوه للكويت في فترة زمنية فاصلة انهار فيها المعسكر الشرقي مخليا الساحة العالمية للقوى الغربية الديمقراطية ، وجد نفسه مضطرا ان يواجه غضب المجتمع الدولي ويتحمل تبعاته الثقيلة التي مازال العراق يدفع ثمنها لغاية اليوم..

لم تتحسن العلاقة المتدهورة بين السنة والشيعة رغم غزو قوات”داعش”لمدينة الموصل ومن ثم زحفها نحو المحافظات الاخرى “صلاح الدين”و”تكريت”و”الانبار”، وظل الصراع الطائفي بينهما قائما ولم ينته ، وخاصة بعد تشكيل الحشد الشعبي بفتوى من المرجع الشيعي”علي السيستاني”ليكون رديفا للجيش العراقي ، السنة في مناطقهم اوجسوا منه خيفة ورأوه تهديدا لامنهم واستقرارهم وخاصة بعد ان تكررت حالات الخطف والقتل العشوائية من قبل الميليشيات الطائفية داخل الحشد الشعبي بحق المواطنين السنة ، وناشدت العشائر والقوى السياسية السنية حكومة”العبادي”بعدم السماح لهذه الميليشيات الطائفية الدخول الى مناطقها لاي سبب كان ، لانها تثير الفتنة الطائفية وتزعزع الاوضاع اكثر ، وقد تندلع حرب ضروس طائفية في المنطقة اي لحظة ، والعراق في غنى عنها ، ولكن الحكومة تجاهلت دعواتها وبدل ان ترسل السلاح والعتاد لتلك العشائر كما طالبت به مرارا وتكرارا لمواجهة قوات الدولة الاسلامية الارهابية لاستعادة المدن التي احتلتها وطردها منها ، ظلت”الحكومة”متمسكة بوجود قوات الحشد الشعبي الشيعي في تلك المناطق الحساسة ، ربما خوفا من ان تبسط القوى السنية سيطرتها على تلك المنطقة لتشكل منها اقليما سنيا مستقلا شبيها بالاقليم الكردي والذي طالما رفضته حكومة”المالكي”واعتبرته تقسيما للعراق ، مع ان الدستور قد اقره وسمح به ، ولكن القوى الشيعية بشكل عام لا تريد لهذا الاقليم السني ان يرى النور الا اذا اجبرت على ذلك ووضعت امام الامر الواقع ، وهذا ما تحاول امريكا ان تفعله وتحققه ، وازاء تصاعد خطر تنظيم”داعش”واستمرار زحفه نحو المناطق السنية ، قررت امريكا ان تزود العشائر في المحافظات السنية بالاسلحة وتشكل من مواطني المناطق السنية جيشا قوامه مئة الف مقاتل لدحر قوات”داعش”واستعادة الموصل والمحافظات الاخرى التي سيطر عليها ، دون ان تشاور الحكومة العراقية او تأخذ رأيها ، في محاولة لفرض قرارها على بغداد وتجبرها على القبول بالكيان السني المزمع تشكيله ، ولم يكن المؤتمر الذي عقد في عاصمة اقليم كردستان”اربيل”في الآونة الاخيرة بحضور شخصيات دينية وسياسية من داخل وخارج الحكومة فقط لحشد الدعم ضد تنظيم داعش الارهابي فقط ، بل يعد تمهيدا لتشكيل حشد عسكري سني على غرار الحشد الشيعي لاقرار التوازن الطائفي في المنطقة وليكون جيشا رسميا للاقليم السني القادم ، بعد التخلص من قوات”داعش”وتطهير مدينة الموصل والمدن الاخرى السنية منها ..وقد انقسمت الاحزاب والكتل الشيعية ازاء عقد مؤتمر من هذا النواع الذي دعيت اليه شخصيات سنية سياسية ودينية حصرا ، فبعضها لزم الصمت بينما رفضه البعض الاخر وعده محاولة لتقسيم العراق وتفتيت وحدته ، وعلى رأس هؤلاء الرافضين ؛

ائتلاف دولة القانون الذي يرأسه”المالكي”الذي رأى ان المؤتمر قد تعمد الى “تشويه صورة فصائل الحشد الشعبي”باعتبارها”رديفا لتنظيم”داعش”الارهابي”ولا تختلف عنه في شيء ..

أحدث المقالات