23 نوفمبر، 2024 4:28 ص
Search
Close this search box.

الارهاب…..الى متى ؟

الارهاب…..الى متى ؟

لازال الارهاب يشكل احد المفردات المهمه والمستمره فى حياة العراقيين,ان انفجار قنبله, سياره ملغومه, عبوه لاصقه, الاغتيالات بمسدسات كاتمه الصوت, يمكن حدوثه فى اى مكان وفى اى وقت, هذا يعنى ان العراقيين جميعا وبنسب متفاوته  معرضون للموت, او كجرحى و كمعوقيين. ان مايثير الاهتمام تصاعد العمليات الارهابيه  فى الاشهر الماضيه  وتطورا نوعيا فى العمليات الارهابيه  فى التخطيط والتنفيذ  والتنوع واختيار المواقع والزمن, هذا بالرغم من اجراء تغير فى” قيادة قوات عمليات بغداد” لم يحصل ما يستحق الذكر من ناحية النظريه والتطبيق فى مجابهة الارهاب, وسوف تستمر تقارير الجهات الامنيه المتخصصه , عمليات بغداد مثلا, فى شجب العمليه الجبانه وادانة الارهابيون من تنظيم القاعده المجرم وذيول البعث الملطخه اياديهم بدماء العراقيين الابرياء., هذا التفسير والتحليل الفقير الهزيل يصلح استخدامه لجميع العمليات الارهابيه, ولذلك فهو لايجدى نفعا واصبح كلاما معسولا يهين العراقيين ويستخف بعقولهم وحياتهم وكرامتهم. لقد اعادت الولايات المتحده الامريكيه بعد احداث 11 / 9 فى نيويورك حساباتها, وجعلت العراق بعد احتلاله فى عام 2003 ساحة كبيره شاسعه لمحاربه الارهاب. انها خطه لئيمه خبيثه, ومنذ ذلك التاريخ اخذ الارهاب القائم على الطائفه او الدين وفى السنين الاخيره مختلف انواع المليشيات الجبهويه يحكم الى حد كبير الحياة الاجتماعيه ـ الاقتصاديه والسياسه  فى العراق. ان العمليات الارهابيه قد  وصلت فى السنين 2006 ـ2007  الى مستوى الحرب الاهليه, استهداف الاماكن المقدسه والقتل على الهويه, بالاضافه الى عمليات تهجير السكان من مناطقهم السكنيه…الخ وكما يبدو فان الارهاب سوف يستمر الى اجل غير مسمى, خاصة وان العمليات الارهابيه مازالت مستمره وفعاله,      
ان العمليات الارهابيه التى قام بها تنظيم القاعده الارهابى منذ بداية الاحتلال كانت قائمه على اساس تصعيد الصراع الطائفى, خاصة فى السنين 2006 ــ2007  وكانت تهدف الى افشال العمليه السياسيه, ان هذا الهدف لم يتحقق بفعل ونوايا واخلاص الخيرين من ابناء العراق. ونشط الارهابيون فى الترصد وضرب المقرات التى يتم فيها فحص المتقدمين للعمل فى الاجهزه العسكريه والامنيه, والغريب فى الامر ان الجهات المسؤله قد استمرت على مقابلة المتطوعين فى مثل هذه المراكز وتعلن مكان وتاريخ المقابلات ثم يحدث ما حدث قبل ذلك عدة مرات, قتلى وجرحى ومعوقين, هذا بالاضافه الى التفجيرات العديده التى حصلت فى الاسواق الشعبيه والمدارس والساحات العامه ومناطق تجمع العمال كما حصل فى ساحة الطيران فى بغداد عدة مرات!!. ان السؤال الذى لابد منه: ماهى الدروس التى استخلصت من هذه العمليات الارهابيه, وماهى الاجراءات التى اتخذت للحيلوله دون وقوعها؟؟ الاجراءات الاستباقيه المختلفه فى حمايه هذه المناطق والتعامل مع الذين لهم علاقه بمثل هذه المواقع وتوطيد العلاقه معهم؟؟, ويبقى السؤال مطروحاا حول قابلية واستعداد الجهات الامنيه للشروع فى عملية تعلم جديه, النقد والنقد الذاتى, افكار جديده وارادات جديده!!
  
 وتأخذ العمليه مسارات مختلفه, تاره تهدأ ولفتره من الزمن, ثم تتصاعد بوتائر عاليه: عمليات ارهابيه متنوعه تشمل سيارات مفخخه واطلاق هاونان واغتيالات وقنابل مزروعه هنا وهناك. وفى هذا التنوع فى الوسيله يظهر تنوع فى اختيار الاماكن فى بغداد ومختلف المدن حيث تحصل الانفجارات فى نفس الوقت. ان العمليات الارهابيه التى كانت محمله بالبعد الطائفى والدينى قد استهلكت كما ان هذه المنظمات قد تلقت ضربات قويه وقد خسرت المحيط الذى احتضنها وضعفت قواها الماديه والبشريه.
الا ان هذه المنظمات قد استعادت الى حدما قدراتها الذاتيه كما ظهرت منظمات وميليشيات ارهابيه جديده,واخذت العمليات تخضع للتخطيط والتنفيذ الدقيق:اختيار الاماكن فى المدن واوقات التنفيذ, وذلك للحصول على اكبر حجم ممكن من التأثير واهتمام وسائل الاتصال. ان تعدد العمليات وفى اماكن فى بغداد ومدن اخرى تحضى باهتمام اكبر وتعبر عن ضعف الدوله واجهزتها الامنيه فى حفظ الامن وسلامة حياة المواطنين. ان هذه العمليات اصبحت رسائل واجوبه وردود افعال عن سياقات واجراءات تقوم بها جهات محدده او ترفض القيام بها, انها بنفس الوقت استعراض القوه الذاتيه والقدره على استخدام  العنف والارهاب لتحقيق اهداف انيه اوطويله الامد ونفس الوقت تعرية الدوله وضعفها وعدم جدوى مؤسساتها الامنيه.
    بعد مضى تسعة سنين على سقوط نظام الدكتاتورى الدموى فان المنظمات الارهابيه, كما  يبدو لها القدره على عميات القتل والتخريب فى كل الارض العراقيه, وقد سجل شهر ايلول هذا العام اكبر عدد من القثلى(365 ) والالاف الجرحى والمعوقين, وهذا يعنى تطور نوعى للمنظمات الارهابيه فى التخطيط والاداره بالاضافه الى الناحيه الفنيه الحرفيه,  
ان ادراك حجم الارهاب يظهر بشكل افضل حينما نقدم العمليات فى فتره محدوده من الزمن: فى 5 /1 /2012 سلسلة عمليات ضد الشيعه وحوالى 60 قتيلا, 23/2/2012 سلسلة عمليات 67 قتيلا من الجيش والشرطه, 33 قتيلا فى بغداد وحوالى417 جريحا,
24 / 7/ 2012  75 قتيلا وعمليات منظمه فى 20 عمليه,26 /7/ 2012 فى بغداد, 12 قتيلا من قوى الامن, 17/8/2012 73 قتيلا, 9/9/2012 240 جريحا, فى11مدينه,
13/9/2011 22 من الحجاج الشيعه, فى 10/11/2010 الارهاب ضد المسيحيين. هذه عدد من العمليات الارهابيه جمعت فى فتره محدوده وكان من نتائجها اعداد كبيره من القتلى  والجرحى الابرياء, هذا بالاضافه الى الخوف والرعب الذى تبعثه فى نفوس المواطنين وتعطيل عمل الدوله.
ان السؤال الذى يفرض نفسه ثانية: لماذا لم تتمكن الاجهزه الامنيه من السيطره وتعطيل عمل المنظمات الارهابيه وحمايه حياة السكان وتأمين الشروط الضروريه لعمل الدوله؟؟
ان الاجهزه الامنيه,  الشرطه والجيش وعمليات بغداد والمخابرات العامه…الخ هى من اجهزة الدوله التى تتمتع  باهميه وخصوصيه عاليه, انهم يشكلون العمود الفقرى للدوله فى عملها وحمايتها واستمرارها بالاضافه الى حماية حياة السكان واستباب الامن, الا انها ايضا ضمن جهاز الدوله بكل فروعه وتكويناته وقد تم تكوينه فى اوضاع غير اعتياديه, ومما زاد فى الصعوبات اعتماد النخب الجديده الحاكمه مبدا “ديمقراطيه المحاصصه” التى قضى نهائيا على مبدا “الرجل الصحيح فى المكان الصحيح” , حيث صعدت اسماء عديمة التاريخ والجغرافيه وتشغل مواقع حساسه وقياديه فى الدوله دون ان يكون لهم اى علاقه سابقه او مؤهل علمى او عملى, ولا ننسى , وليس ذلك افتراء او اتهام او طعن فى اجهزة الدوله, عند الاشاره الى الفساد الادارى والمالى لذى تربع فى اجهزة الدوله بشكل عام, كما ان تقديرات “هيئة النزاهه” تشير ان حوالى 27 الف شهاده مزوره يشغل اصحابها مواقع مهمه فى الدوله, ولا شك فان نسبة كبيره من هؤلاء قد وجدوا لهم فى الاجهزه الامنيه مرتعا خصبا يوفرامتيازات كثيره ورواتب عاليه. من ناحية اخرى فان قضية التوظيف فى دوائر ومؤسسات الدوله قد اصبحت له اسعار كأسعار الاسهم فى البورصه. وهذه مشكلة فى غاية الخطوره,ذلك ان الذى يدفع مالا من اجل ان يتوظف فأن جهوده تكون منصبه غالبا نحو استرجاع ما دفعه باقرب فرصه, وهو مستعد ان يمرر كل المحضورات والممنوعات طالما يكون الدفع مجزيا, وهذه الحاله تمثل احد اسباب اختراق الاجهزه الامنيه من قبل الجماعات الارهابيه بكل الوانها وصنوفها.
     ان العمل فى الاجهزه الامنيه يحتاج الى الاخلاص والتفانى فى اداء الواجب والانتماء الى الوطن والدوله وليس الى موظفين مسلكين كسالى ومترهلين.
ان النجاح فى محاربة الارهاب يلزم قبل كل شىء الاراده القويه الحاسمه لمجابهته وتسديد ضربات قويه موجعه ومطاردته بشكل مستمر بحيث يشعر ويلمس اعضاؤه بالخطر الحقيقى على حياتهم ووجودهم. ان مثل هذا العمل المنظم والمخطط له جانبان,اولا العسكرى المهنى, وهذا له مواصفاته وخصوصياته, ثم العمل مع المعنيين, بمعنى الجمهور, المواطنيين الذين يهدد الارهاب حياتهم ووجودهم.
ان محاربة الارهاب لا يتم بالعمل العسكرى فقط, وانما بالعمل مع الجمهور الذين يتحولون الى عيون ساهره واذان صاغيه تراقب  وتسمع ما يحصل فى مناطقها وتقدمه كمعلومات اوليه للجهات المختصه التى تقوم بتحليل المعلومات ومتابعتها. ان تضامن الجمهور مع الاجهزه الامنيه, ليس بالضروره ان يكونوا مخبرين او شرطه سريه, وانما محاوله التفاعل معهم وكسبهم. وهذه عمليه ترتبط بمستوى اداء الدوله واجهزتها وتوجهاتها العامه فى تحسين الظروف الحياتيه للسكان, فى تقديم الخدمات الاساسيه والضروريه,فى فتح وتوسيع مجالات العمل والقضاء على البطاله, فى العمل على ايجاد الحلول العمليه  للقضاء على ازمة السكن وليس اخيرا على تعميم حدا ادنى من العداله الاجتماعيه, وبمعنى اخر ان يتطور تفاعل بين القياده والشعب ويشعر الافراد بانهم مواطنين ولهم وطن ينتمون اليه ويحملون هويته. حينما تتمكن الدوله واجهزتها والبرلمان واعضائه بمتابعة مصالح الوطن والمواطنين, فان الارهاب والارهابين سينتهون سريعا وسوف  يهربوا من العراق العزيز.
         لم تعد متطلبات العمل والحياه واضحة المعالم وتسير فى خط مستقيم, تبدا من نقط وتصل الى الجهه الاخرى ببساطه, ان تحارب جماعه اواجهزه او دوله فأن مقومات النجاح تبدا فى اكتشاف اساليب ومنهج التفكير الذى يستخدمه المقابل وتقوم بالتفكير بطريقته, وفى هذا الاطار فان الجماعات والتنظيمات الارهابيه تفكر وتخطط وتضع مستلزمات التنفيذ وتحدد الزمن وتسمى المنفذين. ان الاجهزه الامنيه يجب ان تتفوق على هذه الجماعات باستخدامها للعلم والمنطق بشكل مكثف وان تستعين بعلماء فى الاجتماع وعلم النفس وعلماء الدين واحتصاصين فى التنظيمات السريه لكى تستطيع الوقوف على ماهية هذه التنظيمات واهدافها والعمل على تعريتها والوقوف على اشكالية الوعى الزائف الموهوم الذى يحمله افراد التنظيم. ان الدراسات التى يقدمها الخبراء حول هذه التنظيمات الارهابيه واعضائها تشكل الخلفيه الاقتصاديه الاجتماعيه لعمل الاجهزه الامنيه فى صراعها مع التنظيمات الارهابيه. انها افكار اوليه لكى لا نستمر فى الدوران حول انفسنا, وانما للشروع فى السير الى الامام.

أحدث المقالات

أحدث المقالات