20 مايو، 2024 12:06 م
Search
Close this search box.

الارهاب العربي الاسلامي

Facebook
Twitter
LinkedIn

غالباً ما تطلق كلمة ارهاب اليوم على كثير من الجرائم العادية الواقعة ضمن اطار الحق العام وعلى اعمال العنف المختلفة التي يقوم بها الافراد كمحاولات الاغتيال التي يتعرض لها اشخاص لهم صفة سياسية او معنوية او اناس عاديون ابرياء، وعلى اعمال التخريب التي تتعرض لها الممتلكات الخاصة او العامة.

كما تطلق كلمة ارهابي او ارهابيون على الاشخاص الذين يقومون بتلك الاعمال وعلى المجموعات السياسية والاقليات التي تضرب من تعتبره عدواً لها بشكل دموي رهيب ثم تختفي عن الانظار بسرعة او تقاوم طويلاً على ساحة الصراع وترغم اعداءها على خوض غمار صراع صعب باهظ الثمن وطويل الامد.

اما الواقع، فأن ظاهرة الارهاب اكثر تعقيداً وعمقاً من هذا المفهوم السطحي ولها خصائص تمتنع عن الانزلاق والانحلال في عموميات العنف.

وتجدر الاشارة هنا، الى ان هذا المفهوم السطحي لتلك الظاهرة هو نتيجة منطقية للدعاية الدولية التي تلجأ اليها السلطات من اجل تشويش الافكار وطمس الحقائق تجاه الرأي العام بهدف التقليل من اهمية هذا الواقع السياسي والتنديد بالعدو السياسي ووصمه بطابع لا اخلاقي.

الآخر/ المختلف او ما يعرف بالعالم الغربي، نسي جميع مشاكله المتفاقمة يوماً بعد يوم، ولم يبق له من حديث سوى (الارهاب العربي الاسلامي/ المتطرف..) وهكذا تقدمت على صفحات صحفه ومجلاته على نشراته الاخبارية في الاذاعة والتفزيون، الاحاديث عن الارهاب العربي القادم، على سائر الموضوعات التي تمسك بخناق هذه المجتمعات الغربية، مثل الازمات الاقتصادية والبطالة والارتباك المتواصل في اسواق البورصة العالمية وتصاعد معدلات الجريمة وتزايد عدد الفقراء في البلدان الصناعية المتقدمة وعلى رأسها امريكا.

لقد بات الحديث عن الارهاب العربي الاسلامي يتم حالياً في اجواء من الهستيريا الجماعية المفتعلة تشبه تلك التي رافقت الحديث عن مرض الايدز اعتبر في وقت من الاوقات طاعون المجتمعات الحديثة ثم تبين فيما بعد ان وسائل الاعلام ضخمت الحديث عن آثاره كثيراً.

لا شك ان البلدان الغربية بحاجة دائمة الى (بالونات) اعلامية تدير بواسطتها عنق الرأي العام في مجتمعاتها عن المشاكل العضالية التي تعاني منها نتيجة للازمات المتواصلة الناجمة عن انظمة رأسمالية هرمة لم تنجح في انتشال انسانها من دوامة المشاكل المتراكمة، ويكاد يتساوى من هذا المنطلق لهذه الغاية الحديث عن الايدز مع الحديث عن المخدرات والحديث عن الارهاب ايضاً.

ولكن تركيز وسائل الاعلام الغربية على الارهاب في الوقت الراهن يتجاوز في خطورته واهدافه وآثاره البعيدة المدى سائر البالونات الاعلامية السابقة، فالحديث لا يدور حول الارهاب بصورة مجردة او عامة وانما عن الارهاب العربي بصورة خاصة ومحدودة.

لقد تناست وسائل الاعلام الغربية جميع اشكال الارهاب واساليب ممارسته في العالم، ولم تعد تتذكر سوى الارهاب العربي وليس مبالغة على الاطلاق القول، ان صفة الارهابي باتت حالياً تقترن في اذهان معظم الغربيين بالعربي حتى بات كل عربي في نظر معظمهم مشروع ارهابي.

بالطبع لا يمكن بل لا يجوز ابداً، تناسي الدور الذي يلعبه باستمرار عملاء الحركة الصهيونية وانصارها والمتعاونين معها داخل وسائل الاعلام الغربية في تكريس هذه الصفة وتعميمها على كل عربي، فعملاء الحركة الصهيونية يقودون من داخل وسائل الاعلام الغربية حملة الكراهية ضد العرب لانها في النهاية تخدمهم في حربهم من اجل بقاء الكيان الصهيوني وتخدم بقاء المشروع الصهيوني على ارض فلسطين.

ولكن من الملاحظ ان حملة الكراهية هذه لاقت ارضاً خصبة داخل الرأي العام الغربي، فطفت الى سطح الذاكرة العربية كلمح البصر كل الاحقاد التي رافقت الصراعات بين الدول الغربية والدول العربية والاسلامية منذ نجاح العرب في بناء ملكهم في الاندلس مروراً بالحملات الصليبية والزحف العثماني على شرق اوروبا وانتهاء بالصراعات التي رافقت معارك العرب من اجل التحرر والاستقلال من السيطرة الاستعمارية الحديثة.

وكما تغذت العنصرية الغربية من معاداة اليهود تتغذى الآن من معاداة العرب مع فارق وحيد هو ان حملة الكراهية العنصرية ضد العرب تشارك فيها وتباركها الحركة الصهيونية التي نجحت في السيطرة كما يبدو على عقول الغربيين بعد ان كانت قد نجحت في السيطرة على اقتصادهم واعلامهم.

قد يقال ان بعض العرب يمارس احياناً الارهاب دون معنى او مغزى، وهذا صحيح، ولكن لا يعني هذا ان جميع العرب يمارسون هذا النوع من الارهاب ثم ان الارهاب مشكلة عالمية لا تقتصر على العرب وحدهم حتى انها تكاد تصبح جزءاً من المشاكل المستعصية التي تعاني منها المجتمعات الحديثة دون ان تجد لها دواء ناجعاً.

فلماذا اذن يوضع الارهاب العربي الاسلامي تحت المجهر دون غيره من جميع اشكال الارهاب؟

لا نطرح هذا السؤال بحثاً عن جواب نعتقد انه ورد في ما سبق وانما من خلال اعادة التفكير بطبيعة ونوعية العلاقات القائمة بين الدول العربية والغرب عموماً، فلا يجوز ان تسمح الحكومات الغربية بتشويه صورة العربي بل وتساهم هي ايضاً بشكل او بآخر في حملة التشويه والكراهية في الوقت الذي نقف فيه نحن جميعاً كعرب مكتوفي الايدي.

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب