کما کانت أنظمة الخمير الحمر في کمبوديا والتمييز العنصري والعرقي في جنوب أفريقيا وليبريا وکذلك في صربيا، قد إرتکبت جرائم ومجازر وإنتهاکات فظيعة أصبحر أرثا ثقيلا عليها ولم تتمکن من التخلص من تبعتها وثقل وطأتها إلا بسقوطها وإنهيارها ومحاسبة ومحاکمة قادتها، فإن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية أيضا لايمکن أبدا أن يخرج عن هذا الاطار والسياق خصوصا وإنه قد إرتکب على مر 42 عاما الکثير من الجرائم والانتهاکات الفظيعة وبشکل خاص مجزرة عام 1988، الخاصة بإبادة أکثر من 30 ألف سجين سياسي لمجرد إنتمائهم السياسي ـ الفکري، فإن کل ذلك قد أصبح أيضا بمثابة إرث ثقيل جدا من المستحيل على هذا النظام أن يتخلص منه وينأى بنفسه عن مسٶولية کل تلك الفظائع.
مجزرة عام 1988، التي أعلنت العديد من المنظمات الدولية المعتبرة نظير منظمة العفو الدولية وخبراء من الامم المتحدة بأنها في مصاف ومستوى جريمة ضد الانسان، فإنه من المهم جدا أن نعلم بأن خبراء حقوقيون دوليون مرموقون نظير جيفري روبرتسون وأريك ديفيد، واللذان هما من المراجع الرسمية المعروفة في مضمار القوانين الدولية لديهما نظرية في هذا المجال بان مجزرة عام 1988 في إيران هي”إبادة جماعیة” والسيد كومي، الأمين العام السابق لمنظمة العفو الدولية، یؤید ذلك من الناحية القانونية. وبطبيعة الحال فإن”الابادة الجماعية” تعتبر من وجهة نظر القانون الدولي لها مرتبة أعلى من الجرائم بمعنى إنها أعلى من”جريمة حرب” و “جريمة ضد الإنسانية”.
النظام الايراني لايمکنه أن يتنصل من مسٶولية وتبعات الاتفاقيات الدولية المختلفة التي وقعتها إيران في العصر الحديث بعد تأسيس منظمة الامم المتحدة، وإن توقيعها على اتفاقية حظر جرائم الإبادة الجماعية، في عام 1949، أي بعد عام من مصادقة الامم المتحدة عليها في 9 ديسمبر 1948، حيث إنه ووفقا لهذه الاتفاقية تعتبر الإبادة الجماعية جريمة دولية. ومن دون شك فإن ملف مجزرة عام 1988، الذي صار العالم على إطلاع کامل بها وقد صار واضحا مستوى ودرجة ليس إطلاع العالم عليها فقط وإنما تعاطفها العميق مع ضحايا هذه المجزرة وحتمية الانتصار لهم من خلال مواقف الادانة والشجب الواسعة لتنصيب قاضي الموت إبراهيم رئيسي کرئيس للجمهورية والمطالبة بعزله تمهيدا لتقديمه للمحاکمة بإعتباره متورطا بجريمة إبادة جماعية، والذي يبدو واضحا إنه وبعد مرور أکثر من ثلاثة عقود على إرتکاب هذه الجريمة البشعة، فإنها تأثيراتها لازالت قوية جدا على النظام الايراني حيث إنها لم تتأثر بالعامل الزمني کما کان يظن النظام الايراني بأن التقادم الزمني قد يخفف من وطأتها ويحسم أمرها بل إنها وکما أسلفنا بمثابة ارث قاتل لايمکن التخلص منه إلا بعد دفع الحساب الثقيل جدا!