نقص الموارد المالية التي يمر بها العراق جراء تراجع اسعار النفط عالميا، ازمة قد تطول او تقصر، لكنها اجبرت المعنيين بصناعة القرار الى الانتباه الى ان الامن ومناكفات السياسة ليست وحدها ما يحتل الاولويات في تقرير مصير البلاد، بل الملف الاقتصادي وكيفية ادارته بمحورين داخليا وخارجيا،
وخلال الاونة الاخيرة نسمع من هنا وهناك من خبراء في الاقتصاد او نواب البرلمان احيانا، بعض المقترحات لتقليص تاثير هذة الازمة التي تحتاج الى حلول بعضها قصير أو متوسط وبعضها الاخر طويل الامد، كما يقول المعنيون بالاقتصاد، وهم ادرى بشؤونه ومسالكه ،
لكن ضروف اقرار الموازنة تتجه لتطبيق الادخار الاجباري، وهو ما يعني استقطاع نسبة من رواتب الموظفين (باستثناء اصحاب الدخل المحدود) على ان تتم اعادة جميع هذه الاستقطاعات فيما بعد كلا او جزءا بحسب الظرف الاقتصادي للبلاد , كواحد من الاليات المطروحة لتقليل تاثير تراجع الايرادات النفطية ، لكن لماذا لا يتم تحويل الادخار الاجباري من اليه او توجه او اقتراح الى مبادرة وطنية ، باصدار سند وطني (ذهبي) بالعملة الصعبة (الدولار) او المعدن النفيس (الذهب) يعتمدها البنك المركزي العراقي بالتفاهم والتنسيق مع مجلس الوزراء ووزارة المالية، ويمكن للمواطن الاحتفاظ به كرصيد، وتحويله الى سيوله ماليه عند الحاجة.
عندها يمكن ان تساهم هذة المبادرة حال تطبيقها في الادخار واستثمار راس المال المحلي وبالتالي سيكون اقتراض الدولة من خلال تحريك راس المال العراقي وليس عبر الاقتراض من البنك الدولي او صندوق النقد الدولي وما يترتب عليه من فوائد باهضة.
كما ان هذا سيساهم في تحريك راس المال المحلي وتعزيز اواصر الثقة بين المواطن والمؤسسات المالية ، ما سيشجع العراقيين على بلورة رؤية بين السياسة المالية والنقدية وهو حل سبقتنا اليه بلدان اخر مرت بازمات مالية او حروب.
كما ان هذة المبادرة سترسل رسائل تطمينية لاصحاب رؤوس الاموال والمستثمرين العراقيين الذين تركوا البلاد بسبب الامن غير المستقر ، حينها سنضرب عصفورين بحجر واحد الاول هو مواجهة الازمة المالية الحالية بالاعتماد على الحل الوطني عبر توظيف راس المال الوطني وتشجيع راس المال الاجنبي فيما بعد على الدخول الى العراق، وتعزيز الوعي المصرفي والبنكي بين عموم شرائح المجتمع بين الموظفين وباقي الشرائح ، ليستثمر لدى الدولة ولو بمبالغ بسيطة القيمة ، حينها نكون قد اسسنا لبناء اقتصاد وطني بامكانه ان يحصن نفسه من الهزات الاقتصادية العالمية التي ستتكرر بلا شك والتاريخ مليء بشواهد قريبة العهد.
الحل الوطني مجاني ويحتاج الى الارادة والتشريع لترميم اقتصاد منهك،على العكس من الحل الخارجي الذي سيكون مكلفا بالسداد ومرهونا بشروط قد تمس سيادة البلاد او معيشة المواطن البسيط الذي لا نريده ان يدفع ثمن اخطاء صناع القرار حتى ولو من بعيد.