قرأت ذات مره خبر ولاأعلم مدى صحته لكنه أعجبني جداً ومفاده أن الدراسه في اليابان لغايه الصف الرابع الابتدائي يكون لتعليم الاخلاق وكيفيه التعامل الانساني فقط ، فمن غير المستغرب لهذه الدوله هذا الاجراء اذا مانظرنا الى التطور الهائل والقفزات النوعيه في كافه المجالات .ولكن الملفت للنظر هو الاسس الصحيحه لبناء الانسان قبل صناعه الماكنه وأنشاء المصانع .
هذه الممارسات او التطبيقات الاخلاقيه يفترض أن تكون الاساس في بناء المجتمعات العربيه والاسلاميه وان نأخذ من سيره رسولنا الاعظم الكثير من العبر والمواعظ التي علمت البشريه أجمع دروس
في الاخلاق …. وسأروي قصه من اروع صور التعامل الاخلاقي وهنالك الكثير من القصص للرسول محمد (ص) وال بيته الاطهار والصحابه عليهم السلام ولايتسع المجال سوى ذكر هذه الحادثتين الحادثه الاولى :
يُحكى في أحد أسواق المدينة كان هناك فقير يهودي أعمى، و كان ينذر كل من مر بقربه و يقول لهم أن محمداً كذاب و ساحر و يسبه و يشتمه. و مع هذا كان الرسول صلى الله عليه و سلم يذهب كل صباح و يطعم هذا الرجل الفقير دون أن يتكلم بشيء أو يخبره من هو. ظل يطعمه كل يوم حتى توفي الرسول ( ص ) ، ثم إنقطع الأكل عن هذا الرجل. و في يوم من الأيام، سأل أبو بكر عائشة إذا ما كان هناك أي سنة من سنن الرسول التي لم يفعلها أبا بكر بعد، فقالت انك تتبع السنة في كل شيء إلا شيء واحد، و أخبرته ما كان يفعل الرسول كل صباح و يطعم اليهودي الأعمى. فأخذ أبا بكر طعام و ذهب يطعمه، لكن اليهودي عرف أنه ليس من كان يطعمه ، فسأله من هو فأخبره أن الذي يطعمه كان الرسول، فبكى اليهودي و ندم على اساءته للرسول مع أنه هو الذي كان يطعمه، و بكى أبو بكر، و ثم أسلم اليهودي!
والحادثه الثانيه :
تعرض الامام علي بضربه سيف وهو ساجد يصلي وصلت الى اعماق دماغه ، بقي على فراش الموت لليوم الثاني وقد اوصى أبنه الكبير الحسن قال له : أرفق بأسيرك ( القاتل ) وارحمه واشفق عليه بحقي عليك اطعمه مما تأكل ،وأسقه مما تشرب ولا تقيد له قدماً ولاتغل له يداً ! فأن انا مت فأقتص منه بضربه واحده ، ولاتمثل بالرجل او تحرقه بالنار ، فأني سمعت جدك يقول اياكم والتمثيل ولو بالكلب العقور ، وأن عشت فأنا أولى بالعفو عنه وأنا اعلم مااعمل به ، اوصيكما بتقوى الله وان تكون للظالم خصماً وللمظلوم عوناً، هذه الوصيه وهو على فراش الموت تحمل الكثير من العبر والمواعظ في عظمه الاخلاق للعظماء اللذين استطاعوا نشر الاسلام بتصرفاتهم واخلاقهم .
هذه هي الاخلاق التي بها نتمكن أن نبني الوطن أذا ماأدرنا له النهوض .
الاخلاق قيمه لايمكن أن يتعلمها الانسان نتيجه قراءه كتاب او جريده ، وأنما هي جينات وراثيه عائليه لايمكن أن نكتسبها الا من خلال التربيه المنزليه .
فالحسد والحقد من ارذل الصفات التي تغير سلوك البشر مما تدفعه الى تصرفات عدوانيه بدافع الغيره والشر ، والبعض نتيجه لهذه الصفات يقوم بمحاوله التشهير وبث أشاعات بعيده عن الحقائق غايتها الانتقاص من الاخرين وهذا التصرف يعكس الاخلاق التي أكتسبها بالوراثه .
سياسه السب والشتم صفه بعيده عن التحاور الحضاري ، وابداء الرأي بطريقه اكثر حضاريه يجعل الطرف الاخر ينظر اليك بأحترام مما تجبره ان يحاورك بالطريقه ذاتها.
أن الأثار السلبيه للحروب وتأثيرها المباشر تنعكس بطريقه لاأراديه على تصرفات الشعوب بحيث يكون أسلوب التعامل بينهم عدواني وتهجمي ومحاوله النيل من الاخر وكأنهم في معركه هذا أنعكاس طبيعي للحاله الاجتماعيه التي يعيشها أبناء ذلك البلد .
أن اهم هدف من أهداف الاحتلال هو تدمير النفوس والقيم الاخلاقيه ، وكلنا نعرف أن اخطر انواع الاحتلال هو الاحتلال الثقافي أي طمس تاريخ وحضاره وثقافه واخلاق البلد ومنع أبناءه حتى التحدث بلغتهم الاصليه ومحاوله دمجه مع المحتل ، وهذا هو الخطر الحقيقي ، فالبنى التحتيه وتشيد العمارات التي هدمتها الحروب سهوله اعاده بناءها ، لكن الاخلاق اذا غادرت صعب استردادها .
الخط البياني في السنوات الاخيره للتدين في ارتفاع ولكن للأسف الاخلاق في أنحدار فليس كل من لبس ثوب الدين او مارس طقوس الدين من صلاه وعبادات يحمل الاخلاق فكثيرون يكون الدين ستار وواجه يختبئ وراءها الشر كله والاخلاق الرذيله وكلامي هذا من المؤكد على البعض وليس الكل .
ان احد الاسباب الرئيسيه لظهور داعش هو أننا فقدنا الكثير من القيم الاخلاقيه التي بها نستطيع ان نبني دوله ، ولكل فعل رد فعل فالتصرفات اللاخلاقيه للحكومات والاشخاص تجعل الطريق للارتماء في احضان الارهاب معبده لمن لايمتلك الحصانه الاخلاقيه التي تجعله ينزلق بسهوله ، في شهر رمضان الكريم نتقرب الى الله ونمارس كل الطقوس والعبادات من صوم وصلاه وزكاه وبعد ان ينتهي هذا الشهر نعود الى حياتنا الطبيعيه وكأن العبادات والاخلاق التي اوصانا بها الاسلام تقتصر على شهر واحد من السنه ، الوضوح في التعامل مع الحقائق رغم مرارتها توفر لنا امكانيه معالجه الاخطاء لتكون شموليه واكثر دقه اذا مااردنا بناء فرد يمكنه الاسهام في نهضه المجتمع على أسس اخلاقيه في التعامل والبناء السليم والصحيح .
لغه التسامح يجب ان تسود والتماس العذر للأخر تجعلنا اكثر موده ورحمه ، في عراق اليوم فقدنا الكثير واكثر مافقدناه الاخلاق التي كانت السلاح القوي الذي بها كنا نتفاخر ، فأذا اردنا ان نعيد البناء علينا ان نستعيد سلاح الاخلاق قبل البنادق لأن بدونها لايمكن ان نكون أقوياء او نبني دوله يعيش فيها الجميع .
[email protected]