22 ديسمبر، 2024 8:15 م

الاخطاء المتوقعة لحكومة عادل عبدالمهدي

الاخطاء المتوقعة لحكومة عادل عبدالمهدي

ليس استباقاً للاحداث، وبمقدور المراقب والمتتبع للاحداث العراقية الحالية أن يتنبأ بصورة وشكل حكومة عادل عبدالمهدي الفتية بعد استكمال كابينتها والاخطاء التي ترنكبها أو ترافقها ولا بد أن تكون اخطاؤها كبيرة كونها انبثقت عن برلمان مزور انبثق بدوره عن انتخابات مزورة، مع اتهام رئيسها عبدالمهدي بالفساد والتستر على المتهمين بالارهاب في وقت مبكر- انظر الى اعتزام النائب حسين العقابي رفع دعوى قضائية ضد عبدالمهدي فحواه انه تستر على وزراء متهمين بالفساد والارهاب. ومن الاخطاء التي من المنتظر أن تقدم عليها حكومته، نية عبدالمهدي في اعادة العمل بقانون الخدمة الالزامية، سيما بعد الوقوف على نسبة 1% من الكرد في الجيش العراقي الحالي وافل من 5% بالنسبة للعرب السنة فيه فانعدام الاقليات بالمرة في صفوفه ويرد السبب في ذلك الى نفور المكونات غير الشيعية من الجيش، ونفور الشيعة كذلك منهم وبالاخص من ضباطهم، ففي هذا العام والاعوام الماضية احالت الحكومة العراقية العشرات و المئات من الضباط السنة والكرد على التقاعد. واخر هذه الاحالات، احالة حكومة عبدالمهدي الفتية لـ 69 ضابطاً وبرتب عالية على التقاعد والذين في معظمهم من العرب السنة وبعضاً من الضباط الشيعة المشكوك في ولائهم للنظام الشيعي القائم فتعلقهم بالجيش العراقي السابق. فضلاً عن هذا نلقى منذ اعوام تراجعاً في الروح الوطنية أو التعلق بالعراق لدى الاكثرية الساحقة من الشباب العراقي في سن الخدمة الالزامية، والذين يفضلون الهجرة الى الغرب على البقاء في العراق، ما يدفعنا الى القول، ان الروح الوطنية قد تراجعت وتوارت، ان لم نقل ماتت ودفنت، وان كان هنالك من روح فهي موالية لجيش المكون غير الشيعي، ففي كردستان تنعدم الرغبة وبقوة للقبول بالخدمة الالزامية أو التطوع في الجيش العراق الذي يعتبرونه منذ تأسيسه عدواً لدوداً للشعب الكردي وللوطن الكردستاني. وانعدام الرغبة هذه يعود الى العهد الجمهوري الاول حين انضم معظم الشباب الكردي الى الثورة الكردية 1961- 1975 وفيما بعد الى الثورة التالية ( كولان) أو ( الثورة الجديدة) وذلك بشكل طوعي من غير ان يكون وما يزال قانون قبل انتفاضة عام 1991 وبعدها يلزم الشاب الكردي بالخدمة في صفوف البيشمركة. اما فيما اصطلح على تسميته بالمثلث السني اي المحافظات ذات الاكثرية السني فأن من الحقائق المرة حسب الاحصائيات والارقام انضمام 90% من العشائر السنية الى داعش عام 2014 وقبله ايضاً الى داعش ومشاركتها لداعش في الفتك بالايزيدية وبالكرد عموماً في سنجار وزمار ومحمود والكوير، اضافة الى تقديرات افادت ان نحو 52% من السنة الحضريين وبالاخص في الموصل انضموا الى داعش في العام نفسه، نعم منذ اعوام واهل السنة والجماعة منضمين اما الى داعش وقبله القاعدة ورجال الطريقة النقشبندية البعثية.. الخ
من التكشيلات العسكرية السنية والمحظورة ولاسباب لامجال لذكرها.. عليه فان الحكومة العراقية الجديدة سترتكب خطأ فاحشاً اذا قدمت على اعادة العمل بقانون الخدمة الالزامية فلا الكرد يطيعون القانون هذا ولا السنة بل ويحاربانه.
ومن اخطاء حكومة عبدالمهدي المقبلة منع قوات البيشمركة من العودة الى كركوك والمناطق المتنازع عليها ويأتي ذلك تطبيقاً لتوجيهات وقرارات حكومة حيدر العبادي التي منعت عودة البيشمركة الى تلك المناطق، علماً انه لولا البيشمركة لكانت تلك المناطق ومعها كركوك نقع في قبضة داعش، ومن يوم منع البيشمركة من العودة الى كركوك وتلك المناطق فان عمليات داعش الارهابية زادت هنا وثمة احصاءات موثقة تشير الى وقوع اكثر من 700 عملية ارهابية شهدتها كركوك مدينة ومحافظة وذلك بعد قيام القوات العراقية بقيادة الجنرال قاسم سليماني باحتلال كركوك يوم 16-10-2018 والعمليات الارهابية اخذه بالتصاعد واذا اصرت حكومة عبدالمهدي على موقفها الرافض لعودة البيشمركة فلا مندوحة والحالة هذه من عودة داعش اليها وبالتالي سيكون خطأ فادحا اذا مضت حكومة عبدالمهدي على خطى ونهج حكومة العبادي في مجال مناصبة العداء للبيشمركة. ان من الصعب التمييز بين حكومة العبادي والمهدي في حال التزام حكومة عبدالمهدي باجراءات وقرارات حكومة العبادي. ونبقى في اطار الكشف عن الاخطاء المحتملة للحكومة العراقية الجديدة، ومنها امكانية خضوع حكومة عبدالمهدي لمطالب بعض من النواب وتيارات شيعية مؤتمرة باوامر من ايران تقضي بانسحاب القوات الامريكية من العراق. قبل ان ترتكب حكومة المهدي خطأ المطالبة بانسحاب القوات الامريكية من العراق، عليها ان تضع نصب عينها كيف ان داعش احتل اكثر من ثلث العراق بعد انسحاب الامريكان من العراق بثلاث سنوات على مغادرتهم له ولو لا الامريكان لما تحررت الموصل، ولولا قيام سلاحهم الجوي بضرب داعش في ( قرجوغ) وداقوق والحويجة، قبل ايام لعاد داعش الى المناطق المحررة واحتلها من جديد.
ومن أخطائها القادمة والحتمية كما ارى تضمين ميزانية عام 2019 تخصيص 24% من الموازنة المالية العامة العراقية للقوات المسلحة العراقية اي ما يقارب اكثر من 1/5 الموازنة. ومثل هكذا رقم ستكون حتماً على حساب التربية والتعليم وخدمات اخرى، في وقت نجد فيه ان البلد بحاجة الى العلم والمعرفة وليس الى البندقية والمسمدس، لكي يلحق بركب الامم المتمدنة المتقدمة التى اعتمدت العلم والمعرفة للرقي والنهوض بشعوبها واوطانها، انظر اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا، على حكومة عبدالمهدي تجنب الوقوع في هذا الخطأ القاتل خطأ النسبة 24% من الموازنة المالية للجيش والقوات المسلحة.
ومن أخطائها المقبلة ايضاً ما يتردد باقدامها على ازالة نقاط التفيش الامنية بين المركز والاقليم والتي من شأنها أن تفتح الباب على مصراعبه لتسلل داعش الى المناطق الخاضعة لحكومة الاقليم ونزوح عشائر عربية الى المدن الكردية بهدف تعريبها وتحقيق تغيير ديمواغرافي فيها، فالنزوح في هذه الحالة الى كردستان سيكون واسعاً جداً وتترتب عليه في المستقبل لامحالة نزاعات بين العرب والكرد، وعلى حكومة الاقليم ان تقبر هذا المشروع وهو في المهد والحفاظ على استقرار وتقدم كردستان وعلى حكومة عبدالمهدي تلافي الخطأ الذي اشرت اليه وعدم ارتكابه والتراجع ايضاً عن المشروع الخطأ فتح المنطقة الخضراء ببغداد اذ يكون داعش اول الداخلين فيها والمستفدين منه من المشروع. ولقد كانت الحكومة الامريكية مصيبة في التنبيه الى هذا الخطأ والاعتراض عليه.
ومن رصدنا للاخطأء المرتقبة للحكومة الجديدة، مساعيها لحصر السلاح بيد الدولة وانتزاعها من العشائر ومثل هذا الامر خطأ يضاف الى مسلسل اخطائها، والذي يتكلل بالفشل بدون شك،لأن السلاح الذي بيد الحشد الشعبي هو اخطر بكثير من السلاح المنتشر في العشائر، يكفي ان نعلم ان الحكومة المحلية في محافظة صلاح الدين طالبت باخلاء الحشد الشعبي لمدن المحافظات وفي الموصل نجد المطالبة بسحب الحشد الشعبي منها اشد، اضافة الى ما ذكرنا فان الشكاوى تتوالى ضد الحشد الشعبي والمطالبة بتجريده من السلاح بدل العمل على نزع السلاح من العشائر وحصره بيد الدولة، لأن انتشار السلاح بيد العشائر سابق للحكومات التي احتلت العراق أو قامت فيه نعم أنه لأمر صعب للغاية تصور خلو العشائر من السلاح.
وفي مسلسل الاخطاء التي من المنتظر ان تقدم عليها حكومة عبدالمهدي المهدي السماح لتركيا بفتح قنصلية لها في كركوك والبصرة اضافة الى قنصليتها في الموصل. ففتح قنصليات لتركيا في العراق لايشكل خطا استرتيجيا كبيرا فقط انما تعتبر خيانة عظمى اذا وضعنا بالحسبان، ان تركيا دولة محتلة للعراق فقواتها وقوعدها وثكناتها العسكرية تنتشر على كامل الشريط الحدودي العراقي مع تركيا، ليس هذا فحسب بل ان لتركيا قواعد عسكرية حتى في العمق العراقي- في معسكر زليكان القريب من بعشيقة الى الشمال من الموصل، وتأبا انهاء احتلالها لمناطق واسعة من أراضي كردستان العراق ومازالت الميزانية (صفر) في الموازنة السنوية التركية مخصصة للموصل وكركوك. ناهيكم من انها تخوض حرب مياه ظالمة ضدا العراق، لدا تأسيسا على مامر فان تركيا دولة محتلة للعراق وان الوطنية الحقة تقضي بعدم السماح لها وهي الدولة المحتلة للاراضي العراقية بفتح قنصليات لها في العراق، وصار لزاماً على حكومة عبدالمهدي تجاوز خطأ السماح لتركيا بفتح قنصليات لها ولزام عليها ايضاً مقاطعة البضائع التركية والغاء العلاقات الدبلوماسية معها فايقاف التعاملات التجارية معها ايضا ومنع استثماراتها في العراق، ان المرء ليستغرب من مناهضة الحكومة العراقية لاسرائيل بسبب من احتلالها لأراضي عربية غير عراقية وغض النظر في الوقت عينه عن احتلال تركيا لأراضي عراقية وسورية، دع جانباً احتلال تركيا للاسكندرونة منذ عقود، ان حكومة لاتقاوم محتلي بدلها تكذب حينة تدعي مقاومة محتلي اراضي بلدان اخرى. واذا مارست حكومة عبدالمهدي السياسيات الخيانية والمائعة التساومية للحكومات العراقية حيال الاحتلال التركية والعنجهية التركية فمعنى ذلك ان لاخير فيها والحكم مسبقاً بسقوطها وفشلها صائب وصحيح.
ويطول مسلسل الاخطاء للحكومة الجديدة، وفي مقدمة هذه الاخطأ، غض الظر عن محاولات ايران لمد خط لسكك حديد من الشلامجة الى البصرة والنجف، وفي حال انجاز الخط، فان الهيمنة الايرانية على العراق ستقوى وتتعمق وسوف يجلب خط سكك الحديد المقرري مده من ايران الى ميناء اللاذقية السوري باضرار على حركة التجارة في معبر ابراهيم الخليل بكردستان العراق وعلى قناة السويس ايضاً باضرارو بدرجات متفاوته على العديد من البلدان، ويستغرب المرء من اعتراض بعضهم على مد خط سكك حديد بين البصرة والكويت. ولا يعارض خط سكك حديد الشلامجة اللاذقية ! في حين اثبتت الوقائع ان الكويت انفع للعراق من ايران التي عرفت بغرق شط العرب بالمبازل والعراق بالمخدرات وقطع المياه عن 40 رافداً نهرياً و 3 انهر تصب في العراق هذا فضلاً عن قيامها بقصف متواصل للمناطق الكردستانية العراقية بين ان وان.
ان انضمام العراق الى حلف خماسي أو قوة خماسية سيكون من الاخطاء الكبيرة للعراق أو بالاحرى لحكومة عبدالمهدي والقول فيه مستمر، يكفي ان نعلم ان رئيس جمهورية العراق الدكتور برهم صالح قيم ذلك بايجابية في زيارة له الى طهران مؤخراً، وهذا الحلف سوف يدخل العراق في مخطط المحاور وينتقص من استقلاله وسيادته اذا علمنا ان تركيا ستكون عضوا فيه وهي المحتلة للعراق كما عرضت فتصور دخول العراق في تحالف مع المحتل. ان من الخطأ دخول العراق في هذا التحالف لأن جميع الدول المنضوية تحت لوائه لاتريد الخير للعراق وهذه الدول هي سوريا وايران وتركيا وقطر وقبل الوقوع في شباك هذا الحلف على العراق الاعلان عن رفضه مع اتباع سياسة وطنية حازمة ضد اركان الحلف ولا يغيب عن البال ان انضمام العراق الى الحلف هذا سيفقده صفة الحياد وعدم الانحياز، واذا علمنا ان معظم دول الحلف غارق في خوض الحروب وبالاخص ايران وتركيا وسوريا، فان الاخطاء التي قد يقع العراق فيها احتمال تبنه لمبدأ حكم الغالبية الذي تتفق بشأنه معظم الاطراف الشيعية، ولما كان عبدالمهدي لا يستطيع الخروج على اجماعها فان قبوله بالمبدأ خطأ كبير.
تأتي الاخطاء المقبلة للحكومة العراقية الجديدة من الالتزام بنهج الحكومات العراقية السابقة وبعقلياتها وممارساتها الطائفية والعنصرية، وها هي حكومة عبدالمهدي تمارس التعريب ضد الكرد في طوز خورماتو وداقوق وجنوب وغرب كركوك وفي سهل نينوى وسنجار وتبدو ملتزمة بميزانية الاقليم لعام 2019 والتي ستتها حكومة العبادي.
ستكون حكومة العراق الجديدة حكومة اخطاء تلو الاخطاء وفي ظلها سيكون العراق ضعيفا عرضة للهزات.