7 أبريل، 2024 3:11 ص
Search
Close this search box.

الاختيار الجيد للموظفين الجدد في القطاع النفطي

Facebook
Twitter
LinkedIn

خلال الفترة التي حضرنا فيها جلسات لجان التعيين في بعض الشركات النفطية , لاحظنا أن الكثير من طلبات التعيين تحتاج إلى أعادة نظر من قبل الدوائر النفطية مثل (أعداد المطلوب تعيينهم ,وشهاداتهم الدراسية ,والاختصاصات الدقيقة والمهارات التي يتمتعوا بها ), مثلا طلب موظف خريج الدراسة الإعدادية يجيد العمل على الحاسوب, بينما هناك معاهد تخرج طلاب يحملون دبلوم حاسبات , أو طلب موظف سلامة وإطفاء خريج الدراسة المتوسطة بينما هناك طلاب اختصاصاتهم سلامة وإطفاء خريجي معاهد النفط /قسم السلامة …..الخ. بالإضافة إلى الإعلان المتقطع للوظائف , فكل شهر أو شهرين يعلنون عن ثلاث درجات وظيفية أو أربعة بدلا من الإعلان الشامل في بداية السنة ,وفي كل حالة يكون عدد المتقدمين بالمئات اغلبهم طلاب خريجي الدراسة الابتدائية والمتوسطة يفضلون التوظيف في القطاع النفطي على إكمال الدراسة والحصول على شهادة أعلى ,أو طلاب معاهد وكليات يرغبون التوظيف بشهادة الدراسة المتوسطة أو الإعدادية لعدم وجود وظائف شاغرة ضمن اختصاصاتهم الدراسية مما يسبب هدر في الوقت والجهد المبذول في اختيار المتنافسين. ناهيك عن العمالة المؤقتة والتعيين غير المبرمج لها, فان الحكومة تسعى في أطار جهودها إلى حل هذه المشكلة من خلال تخصيص درجات وظيفية  تكون الأولوية فيها للعاملين بصفة عقود وتحويلهم إلى الملاك الدائم ,ولكن ما يحدث هو العكس,فالكثير من الشركات النفطية تذكر في الإعلان بان لا يكون المتقدم للوظيفة من العاملين فيها بصفة عقد أو بصفة اجر يومي ,على أمل تثبيتهم على الملاك الدائم خلال العام المقبل.بينما أشارة المادة-18- خامسا- من قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم (22)لسنة 2012(تعطى الأولوية لتثبيت العقود استثناءا من شرط العمر للمتعاقدين في السنوات الماضية مع احتساب فترة التعاقد السابقة خدمة لأغراض التعاقد لجميع المثبتين على الملاك الدائم بعد 9/4/2003مع إيقاف التعيين بعقود لهذه السنة وكذلك إيقاف التجديد للأجراء اليوميين الذين بدء التعاقد معهم بعد تاريخ التصديق على الموازنة باستثناء التعاقد على المشاريع الاستثمارية الجديدة).
ومعظم الدوائر النفطية تطلب وثيقة تخرج للمتقدم للتعيين مع صور شخصيه له قبل أجراء المقابلة معه ,بالإضافة إلى المستمسكات التاريخية (هوية الأحوال المدنية,شهادة الجنسية ,البطاقة التموينية,بطاقة السكن) على الرغم من إن الأمانة العامة لمجلس الوزراء بموجب كتابها المرقم         10941 في  8/ 5/2012,أكدت بعدم مطالبة المواطنين بالبطاقة التموينية لأية غرض كان .
وهذا يؤدى إلى تراكم كم هائل من الأوراق يصل إلى المئات وأحيانا إلى الألوف.ونرى إن يكون التقديم للوظائف الحكومية كافه عن طريق الانترنيت وبموجب استمارة خاصة.لعدم اختصار التعيينات على محافظه معينه دون أخرى.بالإضافة إلى تحديد شرط العمر ,فالكثير من الشركات النفطية تحدد شرط العمر للمتقدم بما لا يزيد على (35)سنه وهذا يضيف على الموطن عبء أضافي ,فهو لم يتعين في عهد النظام السابق لأسباب كثيرة,واليوم نفرض عليه شرط العمر كعائق إمام مستقبله في الحياة الجديدة.
وقد أشارة ضوابط التعيين في القطاع النفطي بموجب كتاب مكتب المفتش العام المرقم 6228 في 6/7/2011 بعدم جواز تعيين أكثر من ابن دائمي أو مؤقت في نفس الشركة للموظف ,بينما لم تشر تلك التعليمات إلى الأخوان والأخوات أو الزوج والزوجة,وبهذا وقع الظلم مرة أخرى على الموظف المستمر بالخدمة,والكثير منهم يبقى فقيرا معوزا يبحث على من يشغل أبنه أو ابنته بعد التقاعد .
والبعض من الشركات النفطية تضع شرطا بان يكون المتقدمين لأشغال الوظائف من الجامعات الحكومية ويستبعد الجامعات والمعاهد الأهلية,والبعض الأخر يستبعد الدراسات المسائية,وهذا فيه إجحاف للطلاب المتخرجين من الجامعات الأهلية المعترف فيها من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.والتي أعلنت أنها ستقبل  أكثر من 40الف طالب في الكليات الأهلية والمسائية ,موزعين بين المحافظات العراقية,كما أعلنت الوزارة المذكورة عن زيادة المقاعد للدراسات المسائية بنسبة 30%مقارنة بالعام الماضي,مما يسبب لنا أيضا متاعب في دقة الاختيار وما يستغرق من وقت طويل لاختيار الأشخاص المناسبين لتلك الوظائف , عندما استغرقت بعض اللجان ثلاثون يوما لاختبار المتقدمين لشغل وظيفة (إطفائي ) في إحدى الشركات النفطية وعند انتهاء اللجنة من إعمالها قال احد أعضاء اللجنة كيف نضيع وقتنا في وظيفة بسيطة مثل هذه ؟ فأجبناه بأننا  لو لم نضيع ثلاثين يوما لاختبار الموظف المناسب فأننا نحتاج إلى ثلاثين سنة لإصلاح هذا الخطاء , فلا يمكن للشركة من تحقيق أهدافها دون أن تختار الأشخاص المناسبين عند التعيين .
إن اختيار الأشخاص لشغل الوظائف الخدمية و الساندة هو أصعب من اختيار الأشخاص للوظائف التي تتطلب شهادة اختصاص كالهندسة والقانون والإدارة والمحاسبة…الخ. بسبب وضوح الشروط المطلوبة للمتقدم لشغل تلك الوظيفة , وضعف المواصفات المطلوبة -الشهادة واللياقة- في الوظائف الخدمية والساندة(سائق, طباخ, حارس,منظف,. ..الخ.)
ففي نفس الوقت الذي نرى فيه عاملات الخدمة العاملات مع شركات النفط الصينية المستثمرة في حقولنا النفطية ,من العاملات اللواتي يجدن اللغة الانكليزية ,والتكلم بأسلوب هادى وشفاف ومقابلة  الآخرين بابتسامه مرسومه على الوجوه,وجميعهن يرتدين الزى الموحد الذي يحمل شعار الشركة المشغلة للحقل , نجد في الطرف الأخر أن اغلب موظفاتنا من العاملات في هذا المجال من الأرامل والمطلقات اللواتي تم تعيينهن في الوظيفة لأسباب إنسانيه,يرتدين الزى الأسود المعبر عن معاناتهن الطويلة في الحياة,والخلل ليس فيهن وإنما في الشركة التي ليس فيها زى موحد للموظفات ترديه الموظفة إثناء العمل,كذلك الخلل في الأعراف الاجتماعية والقبلية السائدة في مجتمعنا .
إن الشخص الذي يسبب متاعب في العمل ولا ينفذ تعليمات مسئوله لا يعتبر أنسانا فاشلا بل تم تعيينه في وظيفة لا تتلاءم مع إمكاناته الجسدية أو قابليته الذهنية , فخلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كان من الممكن طلب موظفين يحملون الشهادة الابتدائية والمتوسطة بسبب قلة المعاهد والجامعات وتركزها في محافظة دون أخرى , أما اليوم فمن الصعب طلب ذلك ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين وبعد دخول القطاع النفطي مجال الاستثمار العالمي والتوسع المعرفي الذي نشهده في عموم العراق .ومن خلال مراجعه للقوى العاملة في أحدى الشركات النفطية وجدنا نسبة الموظفين من خريجي الدراسة الابتدائية فما دون تشكل(25,3%)من مجموع ملاكها الدائم ويشكلون (69,2%)من مجموع العاملين المؤقتين .أي ربع الموظفين العاملين في تلك الشركة هم من الأميين,وأكثر من نصف الموظفين المعينين بصفه مؤقتة هم من الأميين أيضا, لذا لا يمكن الاستفادة من هؤلاء ألا في مجالات العمل المنخفضة الإنتاجية,باعتبار المستوى العلمي والهيكل المهني للعاملين واحد من التحديات التي تواجه الشركات النفطية في ظل الثورة العلمية المعاصرة في الإنتاج.
وعليه نرى أن تتخذ وزارة النفط قرارا بان يكون التعيين في كافة شركاتها ودوائرها من الحاصلين على الشهادة الإعدادية صعودا , ابتدءا من أدنى وظيفة صعودا إلى أعلى السلم الوظيفي وان يقوم العاملون في إدارتها على إعادة التوصيف الوظيفي للوظائف وفق سياقات واعتبارات جديدة ومثمرة تتلاءم مع ما سوف يقدمه هذا القطاع من دعم للاقتصاد العراقي الناهض نحو الأمام .
ونحن نتساءل : كيف يمكن اختيار أشخاص كفؤن لأداء عمل معين؟ علينا أولا أن نعيد هيكلة شركاتنا من جديد الغرض منه إعادة القوة والقدرة على الأداء الضعيف , ويجب الفصل بين عمل الحكومات المحلية وعمل الشركات النفطية لان عملية الدمج بينهما على نطاق واسع يعوق القدرة على اتخاذ القرارات , أي بما يسمى منح الصلاحيات الواسعة لاتخاذ القرارات المهمة , فلابد من التغيير وان تطلب ذلك من معانات ومجازفة والكثير من العمل الشاق , ابتداء من التغيير في الهيكل التنظيمي وانتهاء باختيارنا لموظفين جدد وفق مواصفات خاصة , والتجديد في حد ذاته سوف يؤدي إلى زيادة الإنتاج ويلغي الملل المتأتي من العمل الروتيني اليومي . فلا بد من إعادة الاعتبار لخريجي معاهد النفط وكليات هندسة النفط وبقية الاختصاصات النفطية ,على أ ن يكون تعيينهم مركزيا من قبل وزارة النفط وعدم وجود اختصاصاتهم العلمية في دوائر أخرى كما في المحاسبة والقانون والفيزياء والكيمياء……………….الخ.  والسماح لخريجي معاهد النفط بإكمال دراساتهم العليا ضمن اختصاصاتهم العلمية من خلال تشريع قوانين مرنه وشفافة ومدروسة بعيدة المدى , أخذين بنظر الاعتبار الاحتياجات المستقبلية للقطاع النفطي  ,بدلا من تسرب الكثير منهم إلى كليات الحقوق والإعلام والتربية ,وبالتالي مطالبتهم دوائرهم باحتساب تلك الشهادات المناقضة لاختصاصاتهم الأصلية ,من اجل الحصول على مورد مالي أعلى.
وبما أن الاقتصاد العراقي يدار بالدرجة الأولى من قبل الحكومة,وأن أكثر من 30% من ميزانية العراق البالغة 100مليار دولار تصرف كرواتب للموظفين والمتقاعدين , والكثير من المواطنين يرغبون التعيين في دوائر الدولة وخاصة في شركات ودوائر وزارة النفط ٍ,لما تمنحه من رواتب ومخصصات عاليه مقارنة ببقية دوائر الدولة الأخرى,مما يولد لدى تلك الشركات حالات فساد منظور وغير منظور في عمليات التعيين , يكون الكثير منها قائم خارج الضوابط والسياقات المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية ,وبعيدا عن الكفاءة المهنية والامتحان التنافسي والشروط الأخرى.فكثيرا ما تجري قرعه عشوائية لمجموعة المتقدمين لأشغالٍ وظيفة ما ,واختيار مجموعه منها يجري الاختبار عليها ,بحجة الزخم الهائل من المتقدمين ,أي ما يطلق عليه قرعة – حظ يا نصيب- بالمصطلح الشعبي السائد.والتي كثيرا ما تتعرض إلى الضغوط من قبل بعض المسئولين في تلك  الشركات أو من مسئولي المحافظة التي تقع فيها الشركة تلك ,بالإضافة إلى الضغوط العشائرية والعلاقات الشخصية . مما يؤدي إلى حرمان شريحة واسعة من مستحقي تلك التعيينات وخاصة المرأة التي تشكل اليوم 65%من سكان العراق , حيث تشير الإحصائيات الأخيرة إلى وجود 17%منهن في سوق العمل ,بينما المطلوب 50% كحد أدنى تحقيقا لمبدأ العدالة والإنصاف والمساواة ولضمان حقوقها في العمل والحياة الكريمة كشرط من شروط بناء الدولة العراقية الجديدة.
وهنا نؤكد مرة أخرى على تفعيل العمل بقانون –  مجلس الخدمة العامة- المعمول بيه منذ ستينيات القرن الماضي ليكون الفيصل في أنصاف المواطنين بالإعلان عن الدرجات الشاغرة في الوزارات العراقية كافه عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة, .وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القوى العاملة خلال العشرين سنه القادمة وخاصة في الاختصاصات النادرة ,ودعم نشاطات التدريب والتطوير والتأهيل ,ومشاركة أكبر عدد ممكن من الموظفين في الدورات التدريبية داخل العراق وخارجه بالاستفادة من الشركات النفطية العالمية وما أقرته عقود الخدمة الفنية لجولات التراخيص النفطية,بتهيئة وتكوين كادر نفطي متميز يقوم بإدارة العمليات النفطية وإقامة صناعه نفطية أستخراجية متميزة.
وأخيرا فان أقرار تأسيس – شركة النفط الوطنية- بموجب قانون النفط والغاز رقم – لعام 2007الصادر في 15شباط2007 -غير المفعل حاليا – من قبل مجلس النواب العراقي سوف يساهم في عملية تخطيط وتنمية القوى العاملة في الصناعة الاستخراجيه بكفاءة وفعالية عاليه في المستقبل ,ابتداء من الاستكشاف ,فالحفر,فالدراسات الفنية والاقتصادية،والإنتاج والمعالجة ,وأخيرا النقل والتصدير.
* مدير حسابات أقدم/شركة نفط ميسان

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب