كل يوم تخرج علينا المحاكم بأحكام خجولة تماما على مفسدين كبار أو موظفين صغار تحت عبارة التلاعب بالمال العام ، أو سؤ التصرف بهذا المال ، والأغرب أن القضاء يخجل من التشهير بالمفسدين ، وهم قد سرقوا أموال الفقراء والمعدمين ، وتخرج الاحكام مشيرة إلى الاحرف الاولى من اسماء المحكومين خوفا على كرامتهم وعملا بمبادئ حقوق الإنسان ، وتتناسى المحاكم أن هؤلاء المفسدين هم من خرج على حقوق الإنسان بسرقتهم مال الارملة وحق اليتيم ، وتخضع المحاكم على ما يبدو لضغوط كبار المفسدين من حيتان الكتل أو زعامات الأحزاب الحاكمة للحفاظ على سرية المبالغ المسروقة أو سمعة الاسماء المتورطة ، خوفا من تدرج التحقيق وتسلسله وصولا لكبار السراق وتحاشيا لزج الجمع السارق أمام القضاء .
إن قانون العقوبات رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل إقر في ظرف لم تكن فيه جريمة الاختلاس أو التلاعب بالمال العام منتشرة كما هي عليه الآن ، والقاعدة أن القوانين هي نتاج الظروف الموضوعية ، وان التشريع هو انعكاس للحاجة ، وتشريع قانون جديد للعقوبات بات أمرا ملحا ، وضرورة مطلوبة أو على الأقل أن يقوم مجلس النواب بدورته القادمة تغيير أحكام لمواد في هذا القانون التي لم تعد تلبي الحاجة ولم تعد قادرة إلى منع الأفساد وسرقة المال العام.
ان بساطة الاحكام وقلة فترة السجن أو الحبس ، كانت عوامل مشجعة غير رادعة ، أو التساهل الذي تأخذ به محاكم الاستئناف أو التمييز لدى تمييزكل منها للقضايا كانت هي الأخرى وراء نمو الفساد وتوسعه إلى حد لم يعد فيه البلد بقادر غلى بناء مشروع تنموي له مردود مباشر على المواطن ، كما أننا نطالب وبقوة بالأخذ بأساليب التعرية والتشهير بأسماء المفسدين كي يكونوا عبرة للغير ، وان معركة القضاء مع هذه الآفة صارت معركة جهاز يقف الشعب ورائه لاستعادة المنهوب وردع الناهب…..