28 ديسمبر، 2024 5:06 م

الاحزاب واشكالية العضو الفاسد

الاحزاب واشكالية العضو الفاسد

من مؤشرات قوة اي تنظيم سياسي او فعاليته على المسرح العام ، ان يكون تنظيما متماسكا له برنامج واضح واهداف محددة ، ويحتكم على عضوية مثقفة مؤهلة للقيادة والتحكم في اي منصب عام او مركز اداري في الدولة ، ويشترط دون مقدمات ان يكون هذا العضو نزيها مترفعا ، يحافظ على سرية الدولة ومالها العام ، ولقد بات من اولويات اي حزب او منظمة سياسية ان تقبل وتبحث عن المثقف والنزيه والكفوء والمقبول اجتماعيا ، وقد رسخت احزاب الديمقراطيات الغربية هذه المفاهيم ، وقامت الدول بانشاء مراكز للبحث في سيرة المرشحين الحزبيين للمناصب العامة ، وقد كان لنا في الانتخابات الفرنسية الاخيرة خير دليل على ما نذهب اليه ، فقد ابعد مرشح يسار الوسط فرانسوا فيون عن خوض الانتخابات بسبب قيامه بالتوظيف الوهمي لبعض اعضاء اسرته في الجمعية الوطنية ، وكاد الامر يطيح بمرشحة اليمين المتطرف ماري لوبان ، رغم ان القانون الفرنسي يجيز للنائب الاستعانة بالتوظيف لبعض اقاربه، غير ان المظاهرات الشعبية تقدمت على القانون ، وقد لعبت مراكز مراقبة الشفافية دورها الاهم في فضح المستور من فساد بعض شرائح الطبقة السياسية .
ان القاعدة تقول ان الحزب اي حزب هو متألف من نخبة من الناس تقدمت على الاخرين متصفة بالتنظيم وحسن السلوك والسيرة ، فلا بد لكل من قبل بالعضوية ان يكون نزيها سليم اليد والعقل ، وعلى الاحزاب العراقية بعد هذه المقدمة ان تدرس بامعان تجارب الاخرين من احزاب الدول الاجنبية ، وان تضع الشروط اللازمة للقبول في العضوية ، وان تبدأ بمغادرة اوضاعها الحالية ، وان تضع غلى كفة الميزان سلوك اغلب اعضائها المشين والمتعلق بالفساد المالي والاداري الذي الحق كل الضرر بالدولة والمجتمع واصبحت العضوية فيها طريقا سالكا للوصول للغنى الفاحش والسريع ، بعيدا عن اخلاق الحزبية الصحيحة، والسلوك السياسي القويم، وان لا تخضع العضو الفاسد الى الضوابط الحزبية والانضباط الداخلي ، بل عليها مجرد التحقق الاولي احالة هذا العضو الفاسد الى القضاء، لان الواقع الحالي في العراق يضع الاحزاب جميعا وخاصة الماسكة بالسلطة في دائرة الاتهام مهما كانت درجة براءتها، نتيجة لسوء حال البلد وخواء خزائنه العامة دون ان يقابل ذلك تعمير وانشاء وخدمات .
ان طبيعة شعبنا قائمة على كره السلطة ، وعدم القبول بها حتى ولو قدمت الكثير ، فكيف باحزابكم التي لم تقدم حتى جهدا بسيطا في رفع النفايات ، رغم المليارات المصروفة ، ان اي منصف يطلب منكم اعادة النظر في احوال احزابكم ، وان تغادروا ما هو قائم ، ولا فان احزابكم بدات تدخل عالم المجهول ، وما التشرنق الحاصل في كياناتكم الا دليل على ان بداياتكم كانت خاطئة …..