23 ديسمبر، 2024 4:58 ص

الاحزاب المتأسلمة وشعب الحسين الثائر

الاحزاب المتأسلمة وشعب الحسين الثائر

في المرحلة الماضية من تاريخ العراق الحديث قبل عام 2003 ..عام العاصفة الامريكية الهوجاء على العراق .وبالتحديد في عقود السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ..كنا نمقت النظام السابق ونعارضه ونكرهه حتى ولو في قلوبنا لانه كان يحارب الاحزاب الإسلامية ويصفها بالعمالة والفساد والخيانة وكنا نتعاطف مع هذه الاحزاب معتقدين انها تجاهد من اجل العراق والعراقيين. .علما ان جهادها لم يكن سوى تفجيرات ضحمة بمساعدة دولة اجنبية على مؤسسات حكومية مدينة وعسكرية منها وزارة التخطيط وقيادة القوة الجوية والمؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون والجامعة المستنصرية وساحة مابين الحرمين في كربلاء المقدسة ليلة العاشر من محرم في اواخر اعوام السبعينات وغيرها من التفجيرات والاغتيالات الاخرى..الامر الذي ادى بنظام صدام الى منع مواكب العزاء الحسيني ومحاربتها حتى نهاية حكمه الدموي الجائر.. ومن ثم هاجرت قيادات هذه الاحزاب الإسلامية خارج البلاد وبقيت بعض قواعدها الجماهيرية تمت تصفيتها من قبل اجهزة الامن الصدامي..ولم يفتر تعاطفنا مع هذه الاحزاب وهي في الخارج على مدى اكثر من ثلاثين سنة ونتابع اخبارها ومؤتمراتها رغم انقطاع وسائل الاتصال على العراق وصعوبة الحصول على المعلومة انذاك. وفي نيسان من عام 2003 قادت الولايات المتحدة الأمريكية عملية غزو العراق واسقطت نظام صدام وجاءت بهذه الاحزاب الإسلامية لتقود دفة البلاد.. تفاءلنا واستبشرنا خيرا بان عهدا جديدا من العدل والانصاف والحرية والرفاه الاقتصادي والمجتمعي ستعم ارضنا وشعبنا وانه لاظلم بعد اليوم ولاحروب ولافساد ولاتناحر طائفي او تعصب ديني ولادكتاتورية ولاتفرد بالسلطة والقرار وان الرجل المناسب سيكون في المكان المناسب وان احقاق الحق وسيادة العدالة والقانون والمساواة بين الجميع وتوزيع الثروات على الشعب وخدمة مصالحه العليا هي العنوان الجديد للدولة العراقية الجديدة على اساس ان الاحزاب التي تحكمه هي أحزاب دينية تؤمن بالاسلام ومبادئه وقميه وتسير على نهج الرسول وال بيته الاطهار.ولكن الذي حصل هو العكس تماماً فضاعت احلامنا وثرواتنا ودماؤنا وبلادنا هباء منثورا ادراج الرياح..فقد كشرت هذه الاحزاب عن انيابها المسمومة ومخالبها الجارحة وهي تتصارع فيما بينها تتقاسم الكعكة العراقية عبر مشاريع واستثمارات وهمية وصفقات مشبوهة وامتيازات ورواتب ومصالح ما انزل الله بها من سلطان واصبحت المحاصصة الحزبية والطائفية في تبادل المناصب والكراسي وثروات الشعب هي العنوان الوحيد للدولة العراقية المنهوبة والمنكوبة .وظل الشعب كما هو بل ازداد فقرا وجوعا وامراضا وبطالة وموتا وجراحا حتى صارت المياه الاسنة والمزابل والنفايات والمقابر ملاذا له في البحث عن لقمة العيش

والخلاص من جحيم الموت المجاني .. وتعاقبت حكومات ورئاسات وبرلمانات وكلها تسبح في مستنقع المحاصصة الطائفية ونهب ثروات البلاد وخزائنها ..لم يستطع كل هؤلاء ان يتخلصو من انتمائهم الحزبي او الطائفي او العرقي ليكونوا عراقيين احرار الا ماندر فلكل قاعدة استثناء ولكنه استثاء لايغني ولايسمن امام هذا التيار العارم من الجوع والشهوة للسلطة والمال والمكاسب الدنيوية بكل زخارفها وبهارجها. ومضت اكثر من اثني عشر عاماً والعراق يتهاوى والعراقيون يتوسدون الموت والجوع والحرمان والدم في حين يرفل السياسيون المتأسلمون بالديباج والحرير وياكلون مالذ وطاب في احلى فنادق ومدن العالم وينامون على دفاتر صكوك في البنوك العالمية سرقوها من اموال الفقراء ..ابناؤهم محميون ومحصنون بجنسيات اجنبية في العواصم الغربية وابناء المسكينات الخائبات يستشهدون في جبهات القتال دفاعا عنهم ..اي عدالة واي حق واي انصاف واي شرف هذا الذي نراه ونلمسه ونعيشه في ظل هذه الاحزاب المتأسلمة التي نستذكر اليوم ونستعيد توصيفاتها السابقة البعيدة عن الاسلام والحق والوطنية القريبة من الباطل والعمالة والفساد. ولهذا انتفض العراقيون الأحرار جميعا اليوم بثورتهم السلمية الاصلاحية في كل مكان من ارض العراق ضد قلاع الفساد والفاسدين ليسحقوا رؤوس العملاء والخونة والدخلاء والمأجورين وليثأروا وينتصروا لكرامة العراق وسيادته وعزه وشموخه على مدى التاريخ ..ونريدها ثورة سلمية اصلاحية مليونية مستمرة متصاعدة لا تهدأ في كل شبر من ارض العراق الا بانزال القصاص العادل بحق الفاسدين والمفسدين الكبار والصغار وتحقيق مطالب الشعب وحقوقه الوطنية والإنسانيةالمشروعة وليس هذا بعسير اوصعب على شعب الحسين الثائر .