تابعت بألم وذهول ، تصاعد النيران في كنيسة نوتردام الفرنسية .. وسقوط برجها المصنوع من الخشب الخالص ، وخشيت ان ينسب الحريق الى عامل مسلم مهاجر قد يكون موجودا ، ضمن عشرات العمال الفنيين الذين يقومون بترميم السقف الكبير منذ مدة وقبل اندلاع الحريق .. وتاخذ الحادثة منعطفا اخر و بعدا دينيا ، وحملة شعواء ضد كل ماهو مسلم في فرنسا واوربا .. تماما مثلما حصل في الولايات الامريكية في انهيار البرجين سنة ٢٠٠١ .
لي ذكريات جميلة مع هذه الكنيسة الاثيرة على قلبي ، وكنت أزورها من حين الى اخر مصطحبا الاصدقاء والصديقات ، من سياح عراقيين وعرب ، ومع صديقات اجنبيات كن يدرسن معي في معهد اللغة الفرنسية في باريس .
الكنيسة ..تعد واحدة من اجمل الكنائس الاوربية ، وهي أيقونة الفن القوطي الذي ظهر في عصر النهضة ، تم الشروع في بنائها في القرن الثاني عشر واستغرق البناء اكثر من مئتي عام ، وأول الحوادث المهمة التي جرت فيها كانت تتويج الإمبراطور نابليون بونبارت .. ولَم يكتب عنها فيكتور هيغو روايته الشهيرة ( احدب نوتردام ) الا في عام ١٨٣١ ، وزادت شهرتها بعد تصوير فلم عن الرواية ذاتها سنة ١٩٨٢ .
كانت اعمال الترميم قد رصدت ٣٠٠ مليون يورو .. ويبدو ان حملة التبرعات سوف تتعدى المليار يورو .. وهو المبلغ الكافي لاعادةالكنيسة الى بهائها ومجدها .
اللافت في الامر .. هذا التضامن والإحساس الوطني الكبير بالقيمة التراثية والحضارية للكنيسة .. وسرعة الاستجابة في دفع التبرعات الى اقصاها من قبل رجال اعمال فرنسيين ومبسورين ، وكان هناك أشبه باعلان للنفير العام ، دونما بيان او استئذان .
وعندما أترك الكتابة عن كنيسة الاحدب نوتردام ، واكتب عن منارة الحدباء وجامع النبي يونس والثور المجنح وبقية الاثار التي نالتها فؤوس داعش في موصلنا الجريحة .. اشعر بالحزن والاحباط لمل آلت اليه أمور الشعور الجمعي ، والتقاعس بحملات الاعمار والتبرعات .. ترى كم نحن متخلفون بمشاعرنا وبمبادراتنا و احساسنا بالقيمة التراثية لموروثنا الحضاري العظيم .