6 أبريل، 2024 11:15 م
Search
Close this search box.

الاحتلال الاميركي وتشريع الفساد في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

قضيه القساد في العراق تعني بالدرجه الاولى الفساد المالي والاداري والذي يعود الى اكثر من عقد ونيف من الزمان الى الوراء, وهو بدايه الاحتلال الاميركي للعراق عام ٢٠٠٣, حيث وصل الفساد الى مستويات مخيفه ادت الى تردي الوضع الاقتصادي وانعدام الخدمات وانتشار الاوبئه الخطيره والمخدرات وعمليات التزوير ونهب المال العام وتفشى الرشوه وتراجع التعليم والخدمات الطبيه.
انطلقت رحله العراق مع الفساد منذ الايام الاولى للاحتلال ,لا سيما وان انتشار السلب والنهب عقب الغزو الاميركي لدولة العراق ليس مجرد حوادث عارضه بل كانت مدروسه ومدبره من جانب الاداره الاميركيه لاسباب سياسيه واقتصاديه, وما نجم عنها من تفكيك وتخريب الدوله العراقيه ونهب وتدمير الممتلكات الحكوميه امام اعين الغزاة ورضاهم ثم تسارع العصابات المنظمه من نهب ما تبقى من ممتلكات العراق وتهريبها للخارج.
الا ان اخطر هذه السرقات كانت سرقة حضارة العراق التاريخيه عندما تم السطو على المتحف الوطني العراقي حيث سرق من التحف ما يقدر ١٧٠ الف قطعه اثريه, لقد سرق واحرق ودمر كل شي ولم تسلم من ايدي العصابات المنظمه حتى دور الايتام واكتفت قوات الاحتلال بالتفرج بل وبالتشجيع, كما طالت عمليات السرقه التى قام بها جيش الاحتلال لمئات الاطنان من الذهب الذي كان مخزنا في خزائن محكمه بالبنك المركزي العراقي تحت مراى ومسمع عدد من المسوولين الفاسدين.
وقد رافقت عملية السرقه ونهب المال العام مظاهر الفساد في الية صرف الاموال المخصصه لتمشية امور العراق وكذلك مساعي ما سمي باعادة اعمار العراق سواء بالنسبه للاموال المخصصه من جانب سلطة الاحتلال والاموال العراقيه التي استولت عليها, نتيجه لمظاهر التصرف الكيفي في الموارد الماليه والاختلاسات بين افراد قوات الاحتلال ذاتها والشركات المتعاونه معها, الامر الذي دفع الكونغرس الاميركي لتاسيس دائره للمفتش العام الاميركي لسلطه الاحتلال,حيث ان اكبر دليل على تورط رموز الاحتلال بقضايا الفساد ما تكشف من قضايا في اطار المناقشه الساخنه بالكونغرس الاميركي بشان سوء الاداره الماليه للموارد العراقيه والفشل الاداري الممنهج وانعدام الاشراف وممارسات الغش والاختلاس من جانب المسوولين الاميركيين الذين كانوا يديرون جهود اعادة اعمار العراق, وقد اتهمت سلطة الاحتلال الموقته بالفساد والاستغلال السيئ للموارد الماليه وذلك في اعقاب التقرير الذي قدمه مكتب المحاسبه الاميركي والذي اشار فيه الى تنامي الفائض في موازنه الدوله العراقيه وتخلفها عن الاستخدام الفعال والرشيد لمواردها.
فيما اكد رئيس ديوان الرقابه الماليه عبد الباسط تركي ان احتلال العراق وتخريب البنيه التحتيه ساعد على تفشي ظاهره الفساد بصوره اكبر مما كان عليه في مطلع التسعينات بعد فرض الحصار الاقتصادي على العراق واضاف بان هناك تبديد اموال بنسبة ٨,٨ مليار دولار خلال سلطة الاحتلال التي تراسها بول بريمر الذي عطل الدور التحقيقي لديوان الرقابه الماليه بسبب ما فرضه من اجراءات وهو ما شجع وفتح الباب واسعا امام المفسدين سواء كانوا عراقيين ام اجانب متعاقدين مع سلطة الاحتلال موكدا ان سلطة الاحتلال مسووله عن جزء كبير من الفساد المالي والاداري الذي حصل في العراق , واضاف ان بريمر عمد الى تعطيل ديوان الرقابه الماليه لكي يجعل الاحتلال الغطاء المباشر لتدمير موسسات الدوله وقواعد العمل فيها, كما انه استولى على الاموال العراقيه المخصصه لاعمار العراق وقام بصرفها من دون استراتيجيه واضحه.
ولاستمرارالتدمير الممنهج للدوله العراقيه اسست سلطة الاحتلال نظام حكم يستند على المحاصصه الطائفيه حيث تتقاسم احزاب السلطه الموارد الماليه للوزارات والموسسات الحكوميه من خلال ما يعرف بالهيئات الاقتصاديه, والهيئه الاقتصاديه هي الجهه المخوله بصرف النفقات والتخصيصات وابرام العقود في الموسسات الحكوميه من العقود الكبرى الى اصغر عقد في اي دائره رسميه, ولا تخضع تلك العقود والنفقات والهيئات للرقابه الماليه والقضائيه لان الاحزاب فوق سلطة القانون, وغالبا ما يتعرض من يحاول الكشف عن ملفات فساد وسرقات في المال العام للاغتيال والتهديد.
ويرى المتابعون لملف الفساد المالي والاقتصادي في العراق ان الحكومات المتعاقبه سعت وبشكل تدريجي ومنظم الى تدمير جميع اعمدة الدوله العراقيه الاقتصاديه والعسكريه والتعليميه والصحيه.
من جهته اكد مهدي الحافظ وزير التخطيط السابق ورئيس المعهد للتنميه بان الصراع السياسي على السلطه في العراق سبب لتفشي الفساد في مفاصل وموسسات الدوله, ان الصراع على السلطه ترتب عليه ظهور مراكز حكوميه عديده ومتناقضه المصالح مدعومه بفصائل مسلحه لا تتورع عن حمايه بعض المتورطين بالفساد واضاف ان هذا الصراع اوجد المناخ الملائم لاتساع ظاهرة الفساد في ظروف عدم الاستقرار السياسي والاحتراب الطائفي وتدهور الحاله الامنيه وغياب الحمايه المطلوبه للاجهزه والهيئات والمسوولين المكلفين بمكافحة الفساد,
ان مشروع التدمير المنهجي للدوله العراقيه يقع على عاتق الاحتلال الاميركي الذي وضع دستور المكونات لتمزيق المجتمع العراقي وتفتيت الدوله العراقيه خدمه للمشروع الاسرائيلي في المنطقه , ليعود بالعراق الى قرون مضت من الفقر والجهل والبطاله.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب