من لحظة بدأ الغزو الروسي، او كما يقول الروس؛ العملية العسكرية الخاصة في اوكرانيا؛ عملت امريكا ومن معها، أو انها جيشت دول الاتحاد الاوربي ضد العملية الروسية، او الغزو الروسي لأوكرانيا، بمجموعة من العقوبات الصارمة والقاسية والغير مسبوقة على روسيا؛ على خلفية، اختراق روسيا للقانون الدولي، بغزوها، دولة ذات سيادة، وعضو في هيئة الامم المتحدة، ودولة اوروبية. امريكا قد نست؛ كيف انها غزت واحتلت العراق بحجج ثبت انها باطلة ولا وجود لها في الواقع، بل هي، اي هذه الحجج من صناعة المخابرات المركزية الامريكية. لقد غزت واحتلت العراق، من غيران يكون هناك قرار دولي، أي انها قامت بأكبر عملية خرق للقانون الدولي بغزوها واحتلالها للعراق. لقد قامت الولايات المتحدة بالكذب على الراي العام الامريكي والراي العام الدولي، باعتبار العراق يشكل تهديدا على الامن القومي الامريكي وعلى السلام والاستقرار العالمي. لأن العراق يمتلك اسلحة الدمار الشامل، وله علاقة بتنظيم القاعدة، وما الى ذلك من اكاذيب، الامريكيون يعرفون قبل غيرهم بانها محض خدعة لتمرير احتلال العراق. إنما الاسباب الاخرى هي المحرك لهذه الحرب على العراق، وهي محركات استراتيجية تتصل اتصالا عضويا بمحاولة امريكا في وقتها؛ لجعل هذا القرن قرنا امريكا، وهو شعار المحافظون الجدد. ان هذه الاسباب اي اسباب احتلال العراق تنحصر في التالي: -امن الكيان الاسرائيلي. – السيطرة على الثروة النفطية فيه. الموقع الاستراتيجي له. هذه هي الاسباب الجوهرية والاساسية لغزو واحتلال العراق من قبل امريكا.. ان امريكا في ذلك الوقت تأكدت من انها لا يمكن ان تغير شكل دول المنطقة العربية، كما هو جاري في الوقت الحاضر؛ الا بأنهاء دور العراق، حتى يصبح الطريق لها سالكا على جميع الصعد، والتي من اهمها؛ هو التطبيع المجاني مع الكيان الاسرائيلي. هذا هو ما خططت له امريكا والكيان الاسرائيلي. وايضا السيطرة على نفط العراق، بما يضمن لها السيطرة على اسواق الطاقة في العالم، وبما يعزز هيمنتها على هذا العالم والتحكم بمصائر الدول. الاحتياطات النفطية في العراق، ليس كما هو معلن، اي 147مليار برميل، بل ان الاحتياطات اكبر من هذا الرقم بكثير، اي 350مليار برميل، وربما اكثر قليلا من هذالرقم، كما يقول خبراء هذا الشأن. بالإضافة الى الموقع الاستراتيجي للعراق؛ أذ، لا يمكن نجاح الاستراتيجية الامريكية الكونية؛ بربط دول الخليج العربي، وبقية دول المنطقة العربية في مشرق الوطن العربي، وايضا الكيان الاسرائيلي بشبكة من خطوط نقل الغاز والنفط الى اوروبا، مع شبكة من خطوط السكك الحديدية؛ الا باحتلال العراق.. عليه فأن احتلال العراق لم يكن السبب فيه، او الدافع له؛ هو اسلحة الدمار الشامل او علاقته بتنظيم القاعدة، او انه نظام دكتاتوري، كما روجت لهذه الاكاذيب، امريكا وبريطانيا؛ لتخليق مسوغات احتلال العراق، بل ان السبب في ذلك هو تغيير شكل دول المنطقة تماشيا مع الاستراتيجية الكونية الامريكية. وللتغطية على كذبها على الامريكيين وعلى العالم، بعد ان ثبت بطلان حججها، أو مسوغاتها لغزو واحتلال العراق؛ تحولت اعلاميا بطريقة أدراماتيكية مفضوحة، من انها تريد ان يتحول العراق الى دولة ديمقراطية يحتذى بها في الشرق الاوسط، وايضا الدفاع عن حقوق الانسان في هذا البلد. الولايات المتحدة الامريكية تسعى او هي قد سعت، بسعي دؤوب على المحافظة او ادامة هيمنتها على مقدرات العالم؛ باحتلال العراق. لقد حطمت بهذا الاحتلال، قدراته، وحولته، الى دولة تدور في حلقات فارغة، مكتظة بأزمات متتالية، لم تجد الى الآن؛ مخرجا ناجعا لهذه الازمات.. كي يفتح لها الطريق؛ باستخدام موقع العراق الاستراتيجي، وثرواته من النفط والغاز؛ ليشكل بداية الى تحويل الاستراتيجية الامريكية، اي القرن الامريكي كما كان يحلم المحافظون الجدد؛ الى واقع يتحرك على الارض. المسؤولون الامريكيون، يقولون بان ادارة بوش الابن؛ قد ارتبكت خطأ بغزوها واحتلالها للعراق، وهذه هي الاخرى كذبه اخرى، لتجميل الوجه امريكا، وان ما قامت به، ما هو الا سوء تقدير سياسي ليس الا.. إنما الحقيقة، عندما نحيلها الى ماهية السياسة الامريكية، بمرجعيتها وموجهاتها الامبريالية، تقودنا الى القناعة التالية: ان امريكا سوف تحتل العراق، بصرف النظر عن الصواب والخطأ في هذا الاحتلال؛ لأنه يشكل المفتاح الذي به تفتح امريكا؛ جميع ابواب التغييرات في المنطقة العربية.. وهذا هو ما حصل، إنما بطريقة تحمل هذه التغييرات، في داخل حركتها؛ ادوات تغير التغييرات مستقبلا، ولو بعد حين، في ظل، أو تحت اجواء المتغير الدولي الحالي، الذي سيكون بمثابة السندان الذي يتيح لإرادة الشعوب او قواها الحية؛ حرية الحركة، بالطرق المنظم والهادف على سندان المتغير الدولي، في مواجهة التغول الامريكي، الذي يستخدم نشر الديمقراطية والدفاع عنها او عن قيمها، ستار، تخفي خلفه؛ الاهداف الحقيقية.. هنا يظهر سؤال مهم جدا: هل امريكا نجحت في مخططها هذا؟ من السابق لوقته الاجابة الشافية والواقعية على هذا السؤال في ظل احتدام الصراع في المنطقة العربية وفي جوارها وفي بقية بقاع المعمورة؛ سواء بين القوى الدولية العظمى او القوى الاقليمية، او الصراع في دول المنطقة العربية التي طالها الربيع العربي، او الشتاء العربي الذي حولته امريكا وغيرها الى شتاء ممطر، مطرا رماديا في كل حين وفي كل مكان. إنما في المقابل؛ أن امريكا بغزوها للعراق خسرت كثيرا بفعل المقاومة العراقية الباسلة، لقواتها الغازية، في جميع اصقاع هذا الوطن الشامخ، وليس في امكنة محددة كما يروق للبعض؛ حصرها في محدودية جغرافية معينة. لقد قاوم العراقيون في الوسط والجنوب كما غيرهم في بقية جغرافية العراق. نعود مرة اخرى، الى؛ هل نجح الامريكيون في استراتيجيتهم الكونية هذه؟ نجحوا في امرين؛ اولا في تخريب دول مهمة في الصراع العربي الاسرائيلي حتى الآن، لكن ربما كبيرة جدا، أو انها الحقيقة المنتظرة لانتفاضة الشعوب العربية، لناحية التوصيف الواقعي والموضوعي؛ ان تتحول هذه الدول العربية، الى غير ما تريد امريكا لها ان تكون عليه، بعد زمن ما، المرجو ان لا يكون انتظاره طويلا. ان هذا الأمر متروك او هو من مهام القوى الحية والوطنية في هذه الدول وشعوبها الحية والذكية. الأمر الثاني الذي نجحت فيه امريكا واسرائيل، وهو نجاح جزئي ورسمي اي لا يمثل إرادة الشعوب؛ الا وهو التطبيع المجاني مع هذا الكيان العنصري والمجرم بكل المقاييس والاعراف الدولية. أما من الناحية الاستراتيجية فقد خسرت امريكا كثيرا. أذا فقدت قدرتها على التأثير الدولي. كما انها وبسبب حربها في العراق، تراجعت اقتصاديا بما ينذر في افول قوتها على جميع الصعد ولو بعد حين. وفي العراق، لم تستطع الى الآن؛ ان تؤسس ما تريد، او ما يخدم، أو يتخادم مع استراتيجيتها الكونية، كبوابة لها. فقد فشلت فشلا ذريعا في ارساء وتثبيت قواعد راسخة لهذه الاستراتيجية، حتى هذه اللحظة، او هذا الوقت.. في المقابل دفع الشعب العراقي، ثمنا باهضا من دماء ابناءه الأصلاء والابطال في مقارعة ومواجهة الغازي والمحتل الامريكي في سنوات ما قبل 2011، مع ضياع حتى هذه اللحظة، بوصلة الطريق الى الامن والاستقرار والسلام والتنمية. ان الشعب العراقي بقواه الحية والوطنية، والحرة والمستقلة، وتاريخه المجيد، الموغل في حقب التاريخ الانساني، كواحد من اهم محطات تأريخ البشرية؛ سينتزع من بين انياب الذئاب، أو من بين انياب ما يريد بالعراق شرا، مستقبلا وضاءا للوطن والناس..