22 ديسمبر، 2024 11:59 م

الاحتطاب في شوارع تكريت

الاحتطاب في شوارع تكريت

عندما كانت الجماعات المسلحة تسيطر على مدن محافظة صلاح الدين، حتى نهاية عام 2006 كانت تصدر الاوامر للمنتسبين في الجيش والشرطة بترك العمل وبعكسه بان النتيجة معروفة سلفا، وهي قطع الراس، وذات مرة سألهم، احد الشباب الذي اجبر على ترك العمل في الشرطة قائلا “اين اذهب؟ ومن اين تأكل عائلتي المكونة من ثمانية اشخاص؟، ومن اين اشتري دواء لوالدتي المريضة؟.
     فجاء الجواب من الامير بان تذهب وتحتطب اي تقوم بقطع الاشجار وتنتظرها حتى تجف ومن ثم تقوم ببيعها في السوق وبثمنها يمكن ان تعيش انت وعائلتك، انتهى جواب الامير، لكن السائل بقي في حيرة من امره فكيف له ان يعمل حطابا في القرن الواحد والعشرين عصر التكنلوجيا.
    اضطر هذا الرجل لترك العمل في الشرطة تحت ضغط زوجته ووالدته خوفا على حياته ، لان الامير لايرحم فقراره غير قابل للنقاش والتمييز، وبقي صاحبنا يضرب اخماس باسداسن ويدعو الله ان يفرجها عليه وعلى الكثيرن من امثاله.
    اوردت لكم هذه الحكاية التي وقعت في احدى مدن محافظة صلاح الدين عام 2006، وساروي لكم حكاية ممثالة حصلت في تكريت مركز المحافظة، في عام 2012 لكن ابطلها في هذه المرة مسؤولون رسميون.
   واصل الحكاية ان المسؤولين استوردوا اشجار زينة لتزيين الشارع الرئيسي الذي يمر امام المحافظة، هذه الاشجار استوردوها من تركيا ولبنان وسعر الشجرة الواحدة 350 الف دينار، على ذمة اهالي المدينة، وتحتاج هذه الشجرة الى جو بارد، لكن المسؤولين في المحافظة بدأوا بزراعة هذه الاشجار في شهر آب الذي يحرق المسمار بالباب كما يقول المثل العراقي الشعبي، وقرروا وضعوا مضلات لحماية لهذه الاشجار من حرارة الشمس القوية، لكن هذه الاشجار نفقت لان الجو لايناسبها فهي لاتعيش الى في الجو البارد ودرجة الحراة في تكريت وصلت في تلك الايام إلى 60 درجة ، وماهي الا اياما معدودة فتحولت هذه الاشجار الى اخشاب وحطب.
   فتذكرت قول الامير للشرطي السابق بان يترك العمل ويحتطب، فقررت ان ادعو العاطلين عن العمل والفقراء في المحافظة لغرض الاحتطاب والاستفادة من اخشاب هذه الاشجار التي يمكن استخدامها في شوي السمك والدجاج في المطاعم وكذلك في عمل الخبر.
   كما واغتنم هذه الفرصة لادعو الاخوان الفلاحين والمزارعين للتوجه إلى شارع تكريت للاستفادة من خشب الاشجار لكي يعملوا منها ربودة جمع روبد (الخشبة التي توضع في المسحاة ) كما لا انسى ان ادعو الحدادين للاستفادة من قطع الاخشاب الصغيرة لعمل ربودة للجداديم المفرد (قدوم) وهو الة تستخدم في تقطيع الخشب وفي الاحتطاب.
   وشوفوا المسؤولين في صلاح الدين اشلون وجدوا فرص عمل للعاطلين عن العمل وللفلاحين والحداديين وغيرهم، كما ان خطوتهم باستيراد هذه الاشجار التي نفقت واستفادت منها كل هذه الفئات، فما بالكم لو بقيت هذه الاشجار على قيد الحياة، فكم ستكون فائدتها كبيرة على المحافظة، وربما تتجاوز العراق وتتعداه إلى كل الدول العربية وربما تعم فائدتها كل العالم.
   صديقي الصلاح ديني الخبيث حمد الله وشكره على نفوق هذه الاشجار، فسالته لماذا فاجاب قائلا “لان هذه الاشجار تحتاج إلى جو بارد، وهذا يستدعي توفير كهرباء واستيراد اجهزة تكييف خاصة وبالتالي يعني المزيد من السرقات التي تذهب لجيوب المسؤولين الفاسدين، والمزيد من هدر الاموال العامة”،   واضاف “الحمد لله خلصنا”، ثم استدرك قائلا “ربما السنة المقبلة يستوردون لنا اشجارا من جزر هنلولو ويشترط فيها ان تكون كبيرة حتى تعمل ظل لضخاة رئيس مجلس المحافظة لانه من الوزن الثقيل والعريض جدا”.
   تمنياتي لكم جميعا باحتطاب وفير ورزق كبير وكان الله في عون الفقراء.
[email protected]