23 ديسمبر، 2024 5:23 ص

الاحتجاج بلا موافقات ولا فتاوى ولا تدوير العبث والفاسدين

الاحتجاج بلا موافقات ولا فتاوى ولا تدوير العبث والفاسدين

الاحتجاج والثورة وعي بالوجود الانساني وليس غريزة فوضوية عبثية
الفشل الكبير في الادارة والفساد المستشري الى حد الفضيحة فيها عيب لا يخفى على احد صغيرا كان او كبيرا عاقلا او مجنونا. والوقوف ضدهما تكليف يفرضه العقل بلا حاجة الى فتاوى وخطب جمعة وبيانات من هذا ولا ذاك ممن يدعي لنفسه بحق او باطل الإصلاح والوطنية. ولا يحتاج الاحتجاج والتظاهر الى موافقة وزارة ولا الى جهة أمنية بحجة قانونية فَلَو كان القانون سائدا فلماذا اصلاً يخرج الناس. ان هذا التكليف واجب عيني وليس كفائي ومن يتخلف عنه فليصمت ويرضى بكل ذُل يقع عليه لانه اقل من ان يدافع عن كرامته وخبزه الذي يقتات عليه. ومن يحاول التغطية عن الفشل والفساد فهو شريك في الجريمة لسبب ذاتي يخصه ولا يوجد اي مجال لتبرئته لانه حتى الاحمق والمجنون يدرك خطرهما وآثارهما المدمرة. وعلى الشعب اذا كان يريد قدرا من الاحترام لنفسه ان يعبر عن غضبه بالاحتجاج والثورة وتصحيح المسار.
انما كيف يكون الاحتجاج ومع من اخرج لاحتج؟
الاحتجاج هدفه استقرار الأحوال وإيقاف الفوضى السائدة فكل احتجاج يخلق مزيداً من الفوضى وعبثا بالامن فهو ليس احتجاجا مؤديا الى ما يهدف اليه المتضررون من هذا الفشل والفساد، بل هو احتجاج مجموعة لم تحصل على ما تتمناه من الفساد فاخترعت طريقة مستحدثة لممارسة فسادها باسم مظلومية النَّاس.
الاحتجاج هدفه تحسين احوال معيشة الناس عبر تفعيل سيادة القانون الذي عندما غاب انتشر المفسدون في البلاد وعاثوا فساداً لان لا احد يكبحهم او يمنعهم, وتراجعت الدولة عندما غاب القانون فظهر السلاح المنفلت بيد كل من هب ودب وتشكلت العصابات الاجرامية تحت عناوين شتى وظهرت الى السطح سلطة القبيلة التي اختفت من على الارض مع ظهور مصطلح الدولة وعاد بِنَا الزمن الى عصر البداوة والاعراب الخارجين عن كل سلطة قبل قرون.
حينمايكون الاحتجاج يسمح بتعظيم الفوضى وغياب القانون فهذا ليس احتجاجا بل فصلا جديدا لمجموعة جديدة تريد ان تُمارس الفساد والنهب لانها لم تكتف مما فعلت حتى الآن.
الاحتجاج يكون من الناقمين على الفساد والفشل والباحثين عن الناجح والنزيه ليحل محل الفاشل والفاسد اما حين يتصدر المشهد فاسد فاشل فهذا ليس احتجاجا بل حلقة جديدة من الفساد والفشل. الاحتجاج يكون طلبا لشخص او أشخاص في موقع المسؤولية لا يفرقون بين الناس بحسب انتمائهم اما حين يتصدر المشهد أناس عرفوا بأنهم يضعون ولائهم لشخص ما وجهة محددة حصرا ولا يأبهون للاخرين بل ويزدروهم ويعاملوهم معاملة المنبوذين, ويتكونون من مجموعة عرقية لا تسمح للاخر بالانضمام اليها الا بالأنصهار معها والذوبان التام فمثل هذه الجماعة لن تحقق الهدف المنشود. الذي هو سيادة مبدأ المساواة بل ستكرس حالة تفوق جهة على اخرلسبب عرقي او انتماء حزبي وحينها سيغيب الناجح والنزيه وسيعود الفاشل والفاسد بوجه جديد لانه لم يتغير الميزان بل تغير الحوض الآسن فقط.
عندما يخرج الناس للاحتجاج فانهم يبحثون عن مستقبل افضل لم يروه اما عندما يكون ما يبشر به بعض من دعاة الاحتجاج هو اعادة حلقة سابقة لطالما أنَّتْ الناس من ويلاتها بحجة انها افضل من الحلقة الحالية فهذا اعادة انتاج للظلم والضياع وتدوير نفايات وتكريس سلطة الفشل والفساد وغياب سيادةالقانون الذي يطبق فقط على من ليس بيده حيلة.