18 ديسمبر، 2024 8:10 م

الاحتجاج بالمقاطعة امتداد للحراك الشعبي  

الاحتجاج بالمقاطعة امتداد للحراك الشعبي  

 الرفض الشعبي الذي تمخض عنه مقاطعة الانتخابات العراقية ، والتي مثلت حالة جديدة في صيرورة المجتمع العراقي باتخاذ قرار بعدم المشاركة ومعاقبة الساسة وأحزاب السلطة أن تقديم قرار المقاطعة والرفض على قرار المشاركة والتصويت ،كان نتيجة الوضع المتأزم وفقدان ألأمن والخدمات والتعليم والصحة والتدهور في مستوى المعيشة وزيادة الضرائب و زيادة الفقر وكثرة الأرامل والأيتام والمهجرين ،وهي مؤشرات واضحة على فشل الحكومات المتعاقبة على حكم العراق  .

أن تشكيل الوعي الجماهيري والذي يتبلور نحو أفق مدني مجتمعي والنابع من احتياج وتراكم حالة التكرار السياسية والاجتماعية والاقتصادية والهروب من رجال الدين والحالة الدينية التي شكلت ظاهرة السلطة والحكم كظاهرة سياسية دينية، بعد أن أصبحت حالة متسيدة أو ظاهرة في المجتمع العراقي الذي ينزع الى المدنية بالرغم من التمسك بالتقاليد المذهبية والطائفية والتمسك بها .أن الحراك الشعبي الذي مثل جزء من قوة ورفض الحالة المجتمعية والمتنامية الوعي نحو فضاء الرفض العام وهو يمثل حرية المجتمع الأساس ،هذا المجتمع الذي يقارن بين دولة القانون والفوضى العارمة والتي يلجأ اليها لبعض لحماية مصالحه أو العمل تحت هذه القوة التي توفر حماية شخصية أو غطاء سياسي .

أسس ومشتركات المواطنة التي تعتمد الحقوق الدستورية وعلى البرنامج ،الذي يحقق طموح المواطن، أن مواصفات أي مجتمع مدني يتحلى بالنزاهة والقدرة على الإدارة والاحتواء السياسي للجماهير، وهي عملية تنامي بالرفض والاحتجاج والتي ظهرت بعد 2010 ، وهي نتيجة عدم وجود منهاج بناء للدولة العراقية أو مؤسساتها القائمة على العدالة الاجتماعية أو تقاسم الثروات بشكل عادل ومتساوي ،وإنما اعتمدت منهاج المحاصصة الحزبية والفئوية ومن ثم رسم ملامح السياسية التشاركية بين الشركاء والفرقاء والتي قامت على أساس الغنائم والاستحواذ بين الكتل والأحزاب بعد توفير بيئة  سياسية أقصت الأغلبية الاجتماعية من معادلة التوازن الحقيقي القائم على العطاء وتقاسم المنافع في الخدمات والتعليم والصحة ،وجاءت التحالفات السياسية على أساس دعم مرشحي الأحزاب من الوزراء المتورطين بعمليات فساد أداري أو مالي كبيرة ولم يفسحوا مجال من خارج هذه الأحزاب من المجتمع لاختيار شخصية كفؤة أو مقبولة من خارج العملية السياسية تستطيع أن تقدم خدمة عامة ضمن كابينة وزارية أو برنامج إصلاحي حقيقي .

تكمن قوة الرفض بقوة الجماهير ومدى تنظيمهم وفق أسس حقيقية ظاهرة للعيان وهي من الأسباب الرائدة لنهضة الشعوب والمجتمعات التي تتطور عند الأزمات ، عندما تظهر قوة شعبية تمثل أكثر من 81% من المجتمع وهم مقاطعين للعملية الانتخابية ورافضين للإجراءات السياسية والقانونية لهذه العملية من قانون بني على محاصصة حزبية أو نظام انتخابي ظالم لا يرسخ الديمقراطية بشكلها الصحيح وإنما يركز السلطة بيد أحزاب فاشلة في مجتمع خارج من دكتاتورية حزبية وشخصية وهو فاقد للمصداقية السياسية ،أذا يحتاج الى إعادة بناء صيرورة تاريخية جديدة تنبع من شيء مختلف وهو ينتظر وهج ساطع من خارج العملية السياسية ، والتي يرغب الناس من التقرب منها وهي إعادة المجتمع المدني الى الواجهة الحضارية، يرفض مشاريع المحاصصة والمشاركة والتشارك التي أفرزتها العملية السياسية الفاشلة، ويطالبون بحكومة وطنية لا تخضع لرغبة أحزاب السلطة الفائزة أو الخاسرة في الانتخابات الأخيرة ويجب أن تشكل وفق رغبة المقاطعين وهم وحدهم من يقرر تكليف الوزراء الأكفاء الوطنيين غير المجنسين وغير الملوثين بفساد السلطة أو خيانة الوطن وشعبه الجريح .

مواصفات الحكومات الناجحة في اي دولة تقوم على البرنامج الاقتصادي والخدمي للمواطن والدولة ضمن مشروع أي حركة أو تيار إصلاحي أو تنظيم سياسي يأخذ من مسلمات الداخل الاجتماعي والتطلع لعملية بناء دولة مؤسسات ودولة مواطنة ضمن أداء حكومي متناغم تقود الى عملية بناء ثقة متبادلة بين المواطن وبين الحكومة يتمخض عنها بناء أنسان صادق مع الوطن ومتفائل وحكومة تلبي احتياجات المجتمع ضمن مدة مقبولة تقوم على المكاشفة والصراحة وليس التصريح القائم على الكذب والكذب المركب الذي يفاقم المشاكل .

أن المقاطعة أصبحت جزء من الاحتجاج الشعبي الذي بين فارق السلطة وفارق الجماهير ،وفق أساس ظاهرة معاشه وليست طوباوية ، ان الواقع المزرى والحالة الافتراضية بين الدين وبين المجتمع لا تستطيع ان تقدم مجتمع واقعي بعد الغاء دوره كمصدر للسلطات وهو الأساس في المجتمعات الديمقراطية أو إعطاء شرعية لسلطة فاسدة للتحكم بمصير شعب وتشكيل حكومة أو برلمان خلاف أرادة الناخب وهي سقوط نعش الديمقراطية المتجبرة وفق رغبة ومفهوم المذهبية الدينية أو الإسلام السياسي الحاكم  للمجتمع والرافض لكل شيء ذو صله بهذه المسميات  .

اليوم في العراق وبعد تجربة نظام الحكم الإسلام السياسي ، لا احد يتفاءل أو يتوقع أن الإدارة أمريكية التي تدير سياستها في الشرق الأوسط من مبنى السفارة الأمريكية في بغداد وهي الأكبر في العالم، ستطبق مشروع الإصلاح الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي للشعب العراقي مالم يكن الشعب العراقي من خلال نخبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية يقرر ويحدد ماذا يريد من الأمريكان والمجتمع الدولي، وما هو مشروعهم المستقبلي أو شكل الدولة العراقية الجديد ،عندها نستطيع أن نجلس ونفاوض ونحدد كل مسؤولياتنا التاريخية وفق المفاهيم الوطنية التي ترضي الشعب وترضي الجماهير وترضي المواطن المكتوي بنار الظلم والإحباط الذي رافق مسيرة التغيير بأسقاط نظام الحكم وأسقاط الدولة العراقية .