19 ديسمبر، 2024 5:53 ص

الاحتجاجات.. طريق للإقليم السني.. وارباك للمالكي..!!

الاحتجاجات.. طريق للإقليم السني.. وارباك للمالكي..!!

مثلما نتوقع ان ينجر البلاد الى حرب طائفية وقودها الابرياء من الشيعة والسنة ، توقع رئيس حكومتنا اخيرا بذلك ونطق بها علنا بان الحرب الطائفية قادمة اذا ما استمر السياسيون  في تأجيج  نار فتنتها ، التي اذا نشبت سوف لا يستثني أحدا من شرارتها ، وهذا يعني ان التشاؤم الذي يعانيه  رئيس محلس الوزراء هي الكارثة بعينها التي لا نجد لها  الا تفسيرا واحد هو عجزه  التام في ايجاد الحلول والمعالجات للازمات السياسية التي تعاني منها العراق ، وعدم استعداده للتكيف مع طبيعة الاجواء التي خلقتها الظروف المحيطة بدول الجوار ، والتي أحدثت ارباكا واضحا وتهديدا حقيقيا  يضيف للوضع الامني المتردي أساسا عاملا أخر من عوامل التدخلات الاقليمية والدولية ،  حيث لكل دولة أهدافها السياسية  تسعى لتحقيقها عبر بوابة العراق الذي أصبح بموجب تلك الظروف معبرا لهذه الدول ولهذه السياسات التي لا تنم الا عن أطماع سياسية واقتصادية بالاستناد الى حجم الثروات الطبيعية التي يمتلكها العراق…
ومن هنا يبدو ان غضب الشارع العراقي من الحكومة والسلطة الفردية  التي يمارسها المالكي قد خلق شرخا واضحا وصل الى الحد الذي يطالب به جموع المتظاهرين بضرورة تنحيه عن السلطة بعد ان تأكد للجميع ان استمراره في المنصب سوف يجلب المزيد من الانتكاسات التي من شأنها ان تمزق وحدة العراق ونسيجه الاجتماعي والثقافي ، ولهذا أجد من الضروري أن انوه  الى حقيقة ربما لا يتجاهلها البعض ممن أدركوا حقيقة المجريات السياسية في المنطقة  وما رافقتها من  عمليات التغيير للنظم السياسية التي احتكرت السلطة في بلدانها ، ووصلت الأمر الى حد الوراثة لها ، وهي ان عملية تنصيب الحكام وازالتها مسالة لا يتم الاقرار بها الا في اروقة الدول الكبرى ذات المصالح الاستراتيجية التي لا تسمح التدخل بشأنها ولا يشاركها أحد غي هذه المسالة الحيوية ، بمعنى ان محاولات اقصاء المالكي الذي يحاول بعض الاطراف السياسية الترويج لها من خلال الاصوات المناوئه لسياسته ، تبقى مرهونة بمدى مصلحة الولايات المتحدة الامريكية تحديدا في ذلك ، لانها هي التي ترسم الخطط وتضع البرامج بهذا الخصوص ،بل وهي التي تشرف على الجوانب المهمة من هذه الخطط لضمان نجاح سياستها في المنطقة عموما.. وهذا يعني ان ما هو قائم على الساحة السياسية العراقية هي مجموعة  أفكار دينية سياسية تحاول أصحابها التأثير على الشارع بما ينسجم مع طبيعة ما يجري على الارض السورية حيث اشتبكت الخطوط مع بعضها البعض ، فيما تستعد الجماعات المناوئة لسياسة المالكي في العراق الاستفادة من انهيار النظام هناك  باتجاه المزيد من الضغوطات السياسية بهدف تضييق الخناق عليه ،  و شله من الحركة والمناورة والالتفاف على مطالب المتظاهرين التي دخلت شهرها الثالث دون وجود بارقة امل على تنفيذها من جانب حكومته  والذي يسعى  رئيسها المالكي يمينا ويسارا لتوحيد الخطاب الشيعي على وحه الخصوص بهدف الوقوف بوجه هذا المد السني القادم الذي بدأ يزحف بقوة نحو كل الاتجاهات ، رغم انها لا تشكل من حيث اعتقادنا تهديدا مباشرا لحكومة المالكي ، أو ليحدد من مسالة بقائه في السلطة ، الا  انها تمهد السبيل لاقامة الاقليم  السني الذي يضم مناطق غربي العراق ، لان المالكي تمكن ان يحافظ على توازن علاقات العراق مع ايران من جهة، والعلاقات الامريكية العراقية من جهة أخرى ، و في وقت والمختبئين من كبار ضباط النظام السابق في دولة قطر يحاولون لملمة شتات البعثيين من هنا وهناك للاستفادة من هذا الوضع المتأزم في العراق و ابراز دوره المرسوم في المنطقة الذين أيقظتهم  التحرك السني القوي في سوريا و المدعوم من قبل أطراف خليجية اضافة لتركيا  التي تسعى بدورها لاحتواء السنه في العراق تجت غطاء توحيدها  بما تنسجم مع سياستها الخاصة بالعراق …
هكذا اذن هي سياسة المالكي واخطاءه الي لم يتمكن ان يحافظ غلى التوازن السياسي وحالة التوافق بين شركائه السياسيين ان كان ذلك برغبته ،أو برغبة اطراف اقليمية  فرضت  نفسها كطرف منتفع في مجريات الاحداث في العراق ،  التي وضعت بلادنا بين كماشة هذه الدول من جهة ،  وكماشة عدة اطراف سياسية حشرت نفسها بين المتظاهرين في الانبار والموصل وتعزف من هناك الحانا طائفية مقيتة التي تفرق وحدة الصف العراقي ، والذين يدعون  الخوف عليها كذبا ونفاقا يظللون بها انفسهم قبل ان يظللوا الاخرين ، فيما انتهز البعض فرصة الاحتجاجات الشعبية ليدخلها ببضاعته  الفاسدة ، و منهم من يحاول ان ينقل المشهد المصري والسوري للعراق  ، ومنهم من يحاول ان يعيد عقارب الساعة الى الوراء ليعيد أمجاد (العروبة) الى سابق عهدها ، حتى اصبح العراق على موعد مع زلزال يعد كل طرف عدته وطرق مواجهته بأسلوب يضمن لهم البقاء في صدارة العملية السياسية ..
خلاصة الرأي السائد ان العراق ماض في طريق التمزق والتفكك في ظل حكومة ضعيفة لا تقوى على الوقوف بوجه الاطماع التوسعية التي تكشفها دول جواره ، دون ان نجد لها موقفا وطنيا شجاعا منها  ، يدل على حسن اختيارنا لها ولرئيسها الذي لا يتوانى في قبول كل شيء على حساب سيادة العراق مقابل بقائه في سدة الحكم  ، بدليل استقطاع الكويت لمدينة أم قصر أمام أنظاره وأنظار كل السياسيين الذين يدعون الوطنية في النهار ويغادرونها مع اول خيط للغروب  ، لذلك نقول انه من المفيد ان نذكر من لا يتذكر، عسى ان ينفعهم الذكرى ، ان المالكي وحكومته ومن لف لفهم ، ان الوطن يبقى هو الاغلى ، رغم صراعاتكم على خيراتها وثرواتها ، وغيومكم السوداء التي  جئتم بها  قد عززت في قلوب العراقيين الايمان بضرورة الحفاظ على وحدتهم لتجاوز الخطأ في اختيار لم يجدوا فيه ما يحقق من طموحاتهم الوطنية ..

أحدث المقالات

أحدث المقالات